زاهر بخيت الفكي يكتب: دي نوعية ساستكُم..!!
تعال عزيزي القارئ لنقرأ سوياً هذه الرسالة، التي بثّها صاحبها في الفضاء الإسفيري الوسيع، ونقل لنا فيها مشاهِد، في أحد أرقى فنادِق العاصمة المصرية، أبطالها (ساستنا) والقصة في حدِ ذاتها ليست جديدة، إذ أنّ لهؤلاء مسرحيات ذات فصولٍ بايخة، في كُل بلادٍ ساقتهم لها (الصُدف)، وفي كُل فُندُقٍ أدخلتهم له السياسة، وما يُحزِن حقاً أنّ القاسِم المُشترك فيها أنّ أبطالها، ليسو من أبناءِ الروضة الصغار، أو طلبةِ جامعتنا، أو حتى من شباب الفُرق الرياضية، رُبما وجدنا لهُم العُذر في حالِ أن قاموا بتصرفاتٍ لا تليق، في فعالية ثقافية أو رياضية أوغيرها، قُمنا بابتعاثِهِم لأجل المُشاركة فيها خارِج البلاد، للأسف إنّ مصدر الفوضى على الدوام هُم من نُعوّل عليهم في ترتيب البيت من الداخِل، ومن طال انتظارِنا لهم لضبط مسار قطار المدنية، وتوجيهِهِ نحو محطات التمدّن والتحضُّر والرفاه المُشتهى.
يقول الرجُل في رسالتِهِ (نيابة عن الشعب السوداني نعتذر لإدارة ونزلاء فندق الماسة بالقاهرة على الإزعاج والضجيج والحديث (الكواريك) بصوتٍ عالٍ في الموبايلات مع الحركة، ومناداة بعضنا البعض من مسافات بعيدة، والجري على السلالم، والتسابق على دخول المصاعد، وسوء استخدام المرافق داخل الغرف وخارجها، وتصوير الوجبات بالموبايل بشكلٍ يقتحٍم خُصوصية الضيوف الآخرين، وفتح الرسائل الصوتية والفيديوهات بصوتٍ مُزعجٍ على مايكرفوناتِ التلفونات)، وما خُفي بالتأكيد أعظم.
رسالة كتبها صاحبها بحُرقة شديدة، قصّ علينا فيها تصرُفاتِ من وضعوا أنفسهم (قسراً) في خانةِ الكبار، وما هُم من (الكبار)، وتحسّر فيها على ما وصلنا إليه من (فوضى)، لم تترُك مكاناً جمعتنا فيه الظروف، إلّا وحجزت لها مكاناً فيه بجانبنا، في زمانٍ استنارت فيه الدُنيا كُلها من مشارقها إلى مغاربها، واستفادت من الانتشار المعرفي الهائل، الذي تحضّرت به المُجتمعات البدوية، وتمدّنت به المُكونات القروية، وتساوى فيه الجميع (إلّا) من أبى، على الأقل في معرفةِ وكيفية التعامُل مع الآخر واحترامه، ولم نتعلّم، إذ ما زلنا نرتحِل من مكانٍ لآخر، بنفس العقلية الفوضوية، التي أدمنّا مُمارستها في داخِل بلادنا الموبوءة بتصرُفاتِنا، وما زلنا نرى في التغيير منقصة، وفي التعلُّم من الغير مذمة.
نقل لنا الرجُل في رسالته مُشاهداته، عن من ذهبوا ليتفقوا كما (زعموا) على رؤيةٍ للحل يُخرجون بها السودان من ظُلمةِ التخلُّف، إلى نور التحضّر والتمدّن المُشتهى، وأنّى لنا ذلك، ومن يُحاولون، الامساك بدفة قيادة القاطِرة، تُدهشهم وجبات الفنادِق الفاخرة، وتُبهرهم واجهات صالاتها الباهرة، فمتى يرتوي هؤلاء من عطشهم، ويشبعوا من جوعهم، ليتفرغوا من بعد لحلحلة مشاكِل السودان، وايصاله إلى محطاتٍ الحياة الهنية، التي يحلم بها الشعب السوداني، وقدّم لأجل الوصول إليها خيرة شبابه.
سأل ود الشول (المسيكين) والدتِهِ يوما..
إنتي يا يُمة الناس الفاهمين الاتعلمو شديد ديل حا يشتغلوا شنو..؟
فسكتت وأومأت لولدها بأن يسكُت.
صحيفة الجريدة