الطاهر ساتي يكتب: الظلم المتوارث ..!!
:: ومن نعم الله على الكاتب أن يحاوره القارئ بوعي ومسؤولية، وليس الببغاء المكلف بترديد أسطوانة ( انت كوز، انت قحاتي).. فالشاهد أن الإستقطاب السياسي الحاد يًفسد العقول، بحيث لاتكون صالحة للتفكير المستقل، لتصبح قطيعاً و إمعة، ولذلك نفرح بالأذكياء الأحرار.. وعلى سبيل المثال، تحاورنا على زاوية الأمس مع بعض الأفاضل، و كانت الزاوية نقداً لزيادة سن المعاش إلى ( 65 عاماً) في عهد البشير.. تحاورنا؛ وبعد الاتفاق على مراجعة سن التقاعد ، طالبوا باستبقاء ذوي الكفاءة..!!
:: و صدقاً؛ هناك مصلحة عامة يجب أن تستبقي ذوي المهن والتخصصات النادرة في مناصبهم، كالأطباء وأساتذة الجامعات وعلماء البحوث، فالبلاد بحاجة إلى عطاء هذه الكفاءة النادرة، وهذا ما لا خلاف عليه .. ولكن ليس عدلاً أن يستغل بعض المسؤولين لائحة الاستبقاء في مواقع أخرى غير الجامعات والمشافي ومراكز البحوث..ثم إن استبقاء كفاءة نادرة – لفترة زمنية محددة – حالة استثنائية..!!
:: ولكن الأصل الأعوج هو ما كان يحدث في عهد البشير، بحيث كان يتم استبقاء أهل الولاء السياسي وليس الكفاءة النادرة، و كانوا يستبقونهم عاماً تلو الآخر حتى يتجاوزوا (سن الزهايمر)، ويكون هناك على رصيف البؤس واليأس رهطاً من الشباب ينتظرون السراب أو (السنابك).. ثم الخاطر، عندما تم تغليف التمكين بالاستبقاء، كتبت الكثير من المقالات الناقدة والرافضة لهذا الاستبقاء الجائر ..!!
:: وكتبت عن مخاطر تعطيل طاقة الشباب بعقود التمكين المسماة بالاستبقاء على من بلغوا سن المعاش بغرض التمكين، و تساءلت عن جدوى تعليم الشباب وتأهليهم في ظل عقود التمكين الظالمة.. والمؤسف، بعد الثورة ، لم يتغيّر الحال، بل تواصل نهج التمكين تحت غطاء الاستبقاء أيضاً، وقبل عام ونيف نشرت الصحف توجيه الوزير السابق بمجلس الوزراء خالد عمر، لوزارة الحُكم الاتحادي، بالاستبقاء على ضابط إداري بمحلية الخرطوم، بعد أن بلغ سن المعاش، وذلك حسب توصية وزيرة الخارجية مريم الصادق..!!
:: تأملوا، فالعامل المستبقى عليه، بتوصية وزيرين سياديين، ليس من علماء الذرة، ولا من خبراء التكنلوجيا، ولا من عباقرة الفلك؛ بل هو موظف بمحلية عجزة عن تنظيم أسواقها و تنظيف شوارعها، وهذا نوع من التمكين، أي مثل تمكين ما قبل الثورة، ولكن تمكين النشطاء ( حلال) وتمكين الفلول (حرام)، حسب معايير مرحلة التهريج.. وعلى كل، يجب مراجعة قانون الإستبقاء وضبطه، بحيث لايتجاوز الكفاءة النادرة، وليس أهل المتحزب الفاشل، كما الحال قبل وبعد الثورة ..!!
:: أما قانون المعاش وسن التقاعد، فالعامل غير مستفيد من رفع سن المعاش إلى ( 65 عاماً)، والأفضل له و أسرته أن يتقاعد وهو في كامل قواه العقلية والجسدية، ليستغل فوائد ما بعد الخدمة العامة في مشاريع خاصة و ذات جدوى؛ مع معاشه الذي يحب أن يكون مجزياً..فالجهة الوحيدة المستفيدة من رفع سن المعاش هي خازوق العصر المسمى بصندوق الضمان الإجتماعي ..هذا الصندوق يستلم حقوق الناس، ثم يتاجر بها في أسواق العقار والشركات لحد الربح الفاحش، ثم يسلم الناس حقوقهم (بلا أرباح)، و هذا ظلم متوارث..!!
صحيفة اليوم التالي