تحقيقات وتقارير

التحول الديمقراطي .. أين الأحزاب؟؟ّ!

يبدأ التحول الديمقراطي ببناء الأحزاب السياسية وقدرتها إقامة الديموقراطية واستدامتها. مضت سنتان على سقوط نظام البشير، فما مدى جاهزية الأحزاب واستعدادها لخوض غمار الانتخابات القادمة؟ تحدثنا مع أربعة أحزاب حول مدى جاهزيتهم والعوائق التي عليهم تجاوزها، أخذنا آراء عدد من المواطنين حول نفس الموضوع.
وتتسارع وتيرة الوقت في السودان منذ إعلان نهاية أعتى الأنظمة الشمولية في العالم بثورة شعبية أبهرت العالم وأذهلته لسلميتها وعنفوانها الجارف. الثورة الحقيقة بدأت عند سقوط نظام عمر البشير، لما يترتب عليها من تحولات تفضي في نهاية المطاف لإقامة نظام ديموقراطي يجنب البلاد السنوات الكالحة التي عاشتها في ظل حكم الأنظمة العسكرية. يبدأ التحول الديمقراطي ببناء الأحزاب السياسية وقدرتها إقامة الديموقراطية واستدامتها. مضت سنتان على سقوط نظام البشير، فما مدى جاهزية الأحزاب واستعدادها لخوض غمار الانتخابات القادمة؟ وما رأي الشارع السوداني فيها؟

الأمة يعلن جاهزيته للإنتخابات
وتناول الأمين السياسي لحزب الأمة القومي، د. محمد المهدي حسن، جاهزية حزبه لخوض الانتخابات في أي وقت. وأشار إلى تنفيذهم لحملات تعبوية وتنظيمية في وقت سابق شملت ١٢ ولاية، مضيفاً بأنهم يعملون على استكمال العمل التعبوي في بقية الولايات.
وأقر المهدي بعدم بدء المؤتمرات القاعدية، وصولاً للمؤتمر العام، ولكنه أصر على الرغْم من ذلك: “على كل نحن جاهزون لخوض الانتخابات في أي وقت سوى عقب ستة أشهر أو سنة”.
ونفى الأمين السياسي لحزب الأمة، وجود أية عراقيل أمامهم، منبهاً إلى انتظارهم استكمال المجلس التشريعي وتعديل القوانين الخاصة بالانتخابات وتشكيل المفوضيات بجانب إجراء الإحصاء السكاني لتوزيع الدوائر، مؤكداً على أنهم يقفون مع استمرار الفترة الانتقالية وصولاً لعقد الانتخابات في موعدها.

رؤية التجمع الاتحادي
وكشف الناطق الرسمي باسم التجمع الاتحادي جعفر حسن، عن عقدهم لعدة مؤتمرات قاعدية على مستوى المحليات والولايات، مشيراً إلى عقد بعض الولايات مؤتمرها العام وصولاً للمؤتمر العام للحزب الذي لم يحدد ميعاده بعد.
وتعهد حسن في إفادته عملهم الجماعي على إعادة بناء حزب الحركة الوطنية، منوهاً إلى أن مشاركتهم في الحكومة الانتقالية من أجل تحقيق أهداف الانتقال وصولاً لعقد الانتخابات. وتابع :”تعمل بعض كوادر الحزب بمعزل عن الحكومة والعمل العام في ظل تفرغهم التام للشأن الحزبي كرئيس المكتب التنفيذي”، منبهاً إلى أن كوادر الحزب المشاركة في الحكومة لا علاقة لها بالحزب في الوقت الراهن، عازيا غيابهم مؤخراً لهشاشة العمل التنظيمي.
ودعا جعفر الأحزاب السياسية لإعادة بناء وتجهيز برامجها لخوض الاستحقاق الانتخابي قائلاً: “العمل الانتخابي لا يخوضه حزب بمعزل عن الآخرين ولابد من استعداد كافة الأحزاب لمرحلة ما بعد الانتقال”. مقراً بعدم قيام أية ديموقراطية بمعزل عن الأحزاب السياسية، مؤكداً على أن المؤسسات الحزبية ملك للشعب ويجب عليه دعمها:” دور الشعب يكمن في توقيتها وتقويمها، داعياً شباب الثورة للدخول في الأحزاب السياسية أو إنشاء أحزاب جديدة”.

ويضيف “أنا أفتكر أن العمل السياسي في البلد مبهم ما في أي عمل سياسي وما في أي برامج انتخابية، لأن أدوار الأحزاب تنحصر على الأحزاب نفسها. يعني حتى الأحزاب التي هي في البلد ما يعني ما شايفة مصلحة البلد أو الوطن كوطن. الحزب الحالي أساساً ماسك البلد ما عنده أي برنامج واضح ولا عنده أية شفافية مع المواطن السوداني، فكون أن يكون عندنا أحزاب عندها برامج انتخابية لا أفتكر ما في نحن ما وصلنا الثقافة دي لسة، لأنه للأسف إحنا عايشين حالة بتاعة شتات في بلد فيها corruption (رشوة وفساد)” أحمد عبد الباسط أحمد فضيل.
يرى حسن إن المعوق الأكبر يتمثل في تأثير التكتل الإثني والقبلي، واصفاً إياه بالخطر على التحول الديموقراطي، لجهة أن هناك أحزاباً قامت على ذات النهج. وأشار حسن إلى أن اختلاف الأحزاب في برامجها وأفكارها مع تعدد الأشخاص، وأضاف: ” الرابط العرقي ورابط الدم لا يمكن أن يرتبط الجميع فيه بقضايا مشتركة، إلا أن الرابط الجغرافي يجمع الأشخاص حول قضية محددة”.

واعتبر حسن كذلك الخطاب الإسلاموي غير المرشد من أكبر مهددات الانتقال، بجانب شيطنة الأحزاب السياسية. ودعا جعفر حسن المؤسسة العسكرية للانزواء بعيداً عن السياسة وأضاف: “يجب ألا يكون لديها علاقة بالسياسة وحال انشغالها بالسياسية ستتخلى عن دورها الأساسي في حماية البلاد، ويجب عليها الابتعاد عن الميدان السياسي، ويجب على الأحزاب البعد عن استقطاب العساكر للأحزاب، ونؤكد رفضنا التام لهذا المسلك”.
وطالب الناطق باسم التجمع بضرورة تعديل القوانين لتنظيم العمل السياسي، مُبديا رفضه لتبعية مفوضية الانتخابات للحكومة التنفيذية، مؤكداً: “يجب استقلاليتها وتبعيتها للمؤسسات العدلية بدلاً عن الحكومة التنفيذية”، مقراً بأهمية المؤتمر الدستوري لحسم عدد من النقاط بينها نظام الحكم وطبيعة الأحزاب السياسية والضوابط التي تحكمها.
وزاد :”من وجهة نظري أنا إن ما في أي برنامج انتخابي ما في أية خطة لبرنامج أصلاً عشان هي تنتخب أو ما تنتخب. فأنا برأيي كمواطنة سودانية ما في أي برنامج انتخابي ما في أي مسمى وظيفي انتخابي وبس ربنا يعدل الحال يعني”.

رقية أحمد العوض عثمان
المؤتمر السابع للشيوعي
أعلن الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني فتحي فضل، عن بدء التحضير لعقد المؤتمر السابع للحزب الشيوعي، بإرسالهم قافلة لمدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق لأنها تمثل رمزية انطلاقة ثورة ديسمبر، وأضاف: “سنمضي في هذا الاتجاه للتحضير وعقد المؤتمر السابع ولن يكون فقط عملاً داخلياً، لقد بدأنا النشاط على المستوى الجماهيري، وسنملك أي شيء في المؤتمر للجماهير”.
وأشار فضل إلى بعض المعوقات التي تواجه الانتقال الديمقراطي، مثل إجراء الإحصاء السكاني، وتعديل القوانين الخاصة بالانتخابات بجانب وضع دستور البلاد، مفسراً أن ‘”الوثيقة الدستورية لولا التعديلات الكثيرة التي أجريت عليها وحولتها لمجرد ورقة كانت تصلح لوضعها لبنة لكتابة دستور البلاد، وقطع بضرورة توافق الجميع على كل ما يتعلق بالانتخابات”.
وراى أن الانتخابات التي عقدت في البلاد منذ الاستقلال لوضعه في الدائرة الشريرة نتيجة لضعف الحكومات المنتخبة، حسب فضل، الذي يدعو للاستفادة من التجارب التاريخية في مراجعة المسألة الانتخابية فيما يلي بعض الأحزاب التي تعتمد الطائفية والقبيلية. “هذا الوضع أدى لتأخير تطبيق الليبرالية التي نتحدث عنها، ويجب الاستفادة من الأخطاء السابقة ولا يمكن الاعتماد على نتائج الانتخابات السابقة كأساس للقياس كانتخابات 1986م، لجهة حدوث تحولات كبيرة على المشهد السياسي وبروز قِوَى شبابية جديدة”.
وختم فتحي فضل بقوله إن تردد السلطة في حسم القضايا المصيرية أحد أبرز المعوقات على إقامة الانتخابات، إضافة لسيطرة بقايا النظام البائد على السلطة، متهما المكون العسكري بمحاربة التحول عن النظام الشمولي للديموقراطي بسيطرته على مفاصل الدولة.
“أنا شخصياً ما شايف أي حزب في السودان يقدم برنامجاً ينفع ولن يقدم، لأن كل الأحزاب مشتتة في أفكارها وفي آرائها وفي تكوينها، شبه يعني محبطة، وما شايف أنا حزب يليق بمكانة الثورة وبه قوة الثورة.”

سليمان آدم حولي
مناشط قاعدية للمؤتمر السوداني
كشف المتحدث باسم حزب المؤتمر السوداني، نورالدين بابكر، أن المؤتمرات القاعدية اكتملت في المحليات وانعقدت ١٠ مؤتمرات ولائية، تبقى عقد مؤتمرات ٨ ولايات. “حددنا نوفمبر القادم لانعقاد المؤتمر العام لحزب المؤتمر السوداني وعملنا السابق يمثل عامل قوة إيجابية إضافية”.
وتمثل الانتخابات المقبلة حسب بابكر تحد أمام كافة الأحزاب السياسية، منبها إلى أن حزبهم ظل على الدوام ينشط وسط الجماهير إبان القبضة الأمنية من قبل النظام البائد.
وقال بابكر إن المؤتمر العام سيشهد طرح برنامج الحزب للانتخابات بجانب تعديل وتيرة عمله من المقاومة في السابق إلى طرح برنامج إدارة الدولة، منوهاً إلى أن المؤتمر العام سيشهد تسمية مرشحي الحزب للرئاسة وبقية مستويات العملية الانتخابية على مستوى الولايات.
واعتبر خطوة تسمية مرشحيهم لوضع الجميع أمام الأمر الواقع للاستعداد لخوض الانتخابات وتعديل القوانين الخاصة بها وتشكيل المفوضية بجانب التعجيل لعقد المؤتمر الدستوري. من أجل كل ذلك: “يجب تشكيل المجلس التشريعي لتعديل القوانين الخاصة بالانتخابات وتشكيل المفوضية”.
“العقلية السودانية نفسها غير متكيفة على التحول الديموقراطي والديموقراطية والمفاهيم الديموقراطية وتطبيقها على أرض الواقع. هي الديموقراطية، ليست شعارات. الأحزاب الآن الموجودة أو كل التكتلات الموجودة الآن ينقصها الكثير ولا ترضي طموح الشعب لكثير من التشوهات التي تشوب نفس الأحزاب. أي حزب لا يهتم بالشباب ولا يطرح ولا يعني لا يطرح أو لا يلتئم أطروحات الشباب فبالتأكيد يعني حيكون في عدم قبول له على مستوى الشارع.” الدكتور أحمد عبد الله الحسن.

تقرير: حمد سليمان
الخرطوم: (صحيفة التيار)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى