جعفر عباس

جعفر عباس يكتب: عن الكاهن المستهبل

هارولد كامبينغ أمريكي يحمل لقب كاهن، ولديه أتباع بالآلاف، وقد تواصلتُ معهم لعدة أسابيع على أمل إقناعهم بالتنازل لي عن ممتلكاتهم وأموالهم، وتفسير هذه “البجاحة” هو أن كامبينغ كان قد أقنع أتباعه بأن اليوم الحادي والعشرين من مايو من عام 2019 الماضي هو يوم نهاية الكون وفناء البشرية وكافة أشكال الحياة على كوكب الأرض، وما إن سمعتُ بذلك حتى قررت الاستفادة من تكهنات الكاهن بتحقيق أكبر قدر ممكن من الثراء، وعبر موقع الجماعة على الإنترنت الذي صرت زبوناً دائماً فيه حتى حسبوني واحداً منهم لبعض الوقت، دخلت معهم في حوار مؤداه، أنه طالما أنهم سيموتون عن بكرة آبائهم وأمهاتهم فلماذا لا يسجلون ممتلكاتهم وأموالهم باسم أفريقي غلبان جاء إلى منطقة الخليج قبل أكثر من ثلاثين سنة، وهو يحلم بالجيب المليان، ولكنه ما زال إلى يومنا هذا يحمل لقب فلسان، وكانت المفاجأة أن الردود التي جاءتني من جميع أتباع ذلك الكاهن كانت متطابقة: أنت أيضاً ستموت يوم 21 مايو من عام 2019، ولن يفيدك في شيء امتلاك حتى مدينتي نيويورك ولاس فيغاس بأكملهما، وبما فيهما من مصارف وشركات وعمران.
كنت قد دخلت معهم في حوار منذ مطلع أبريل من ذلك العام، وقلت لهم: أوكي، سنموت جميعاً في 21 مايو، ولكنني أريد أن أستمتع ببضعة ملايين خلال ما تبقى لي من أيام، وكان الرد عندهم جاهزاً: منا من باع ممتلكاته وقدم كل ما عنده من أموال لجمعيات خيرية، ليبحبحوا بها بضعة أسابيع ولكن معظمنا ترك بيته وأمواله الثابتة والمنقولة، ويعيش في أكواخ بسيطة قريبة من البحر في انتظار الزلزلة والطوفان. ومضى يوم 21 مايو ولم تقم القيامة وأكل أتباع الكاهن “هوا”، خاصة أولئك الذين تبرعوا بكل ما عندهم مال سائل وثابت ومنقول للجمعيات الخيرية، وهم موقنون بأنه لم تعد بهم حاجة إلى مال أو عقار، ووجدتها فرصة للتهكم عليهم: قاعدين ليه ما تقوموا تروحوا؟ وهذه جملة استفزازية يرددها جمهور الفريق المنتصر في مباراة كرة القدم في مصر على مسامع أنصار الفريق المنهزم، ثم سألت دراويش كامبينغ: هل قامت القيامة ونحن ما عندنا خبر؟ ولا يهمكم، سأثبت لكم أنني أكثر كرماً منكم وسأنشئ جمعية لجمع التبرعات لضحايا كاهنكم المستهبل كامبينغ، وكما كان متوقعاً فقد حظروا دخولي الموقع، خاصة أن بعض من كانوا قد اقتنعوا بتكهنات القيامة كتبوا ملاحظات لاذعة وغاضبة لعنوا فيها خاش الكاهن الذي تركهم ع الحديدة بلا مال ولا مسكن.
ولكن الكاهن لم يتراجع كعادة كل العرافين والمنجمين، فقد صرح مؤخراً بأن العالم انتهى بالفعل في 21 مايو من العام 2019 (يعني على ذمته – إذا كانت عنده ذمة – نحن نتوهم أننا أحياء وراحت علينا ولم يتقبل أحد العزاء فينا). ولكي يعطي تكهناته المزيد من البهارات شرح كامبينع أن العالم انتهى، وأن باب التوبة قد أغلق، وأن 21 مايو العام التالي (2010) سيشهد الدمار الشامل للكون. وعندما انتهى ذلك العام دون أن يحدث الدمار الشامل قال الرجل: إن الدمار بدأ بفيروس كورونا، وتكتمل حلقاته في مايو 2021 (وإذا كنت تقرأ هذه السطور تستطيع أن تهتف: كذب المنجمون في جميع الأحوال).
وهناك طبعاً النبأ الذي لا يخلو منه موقع للإنترنت عن نهاية الكون حسب تقويم حضارة المايا القديمة في أمريكا اللاتينية في 21 ديسمبر من هذا العام، ونصيحتي لكم أن تلعبوا ع المضمون وتسعوا لنيل حسن الخاتمة.. طبعاً موعد الساعة غير معلوم عند المايا أو نانسي عجرم، ولكنها ستفاجئنا حتماً. ولهذا أدعوكم إلى ترك عرض الدنيا، وأقول للأغنياء بالذات: فليحول كل واحد منكم فقط 1 % من ثروته لشخصي، وأعدكم صادقاً بأنني سأستثمر الأموال في عمل الخير، فمنذ سنوات وأنا أحلم بامتلاك قدرات صاروخية أنسف بها أقمار عربسات ونايلسات، فلا قنوات رسمية تبث أحاديث الإفك، ولا قنوات تجارية للهشك بشك. يعني فلوسكم ستروح في تسليك المجاري الفضائية وعمولتي ستكون “الثواب في الآخرة”.

 

 

 

صحيفة الشرق

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى