تحقيقات وتقارير

كَسلا.. تَفاصيل يومٍ دموي

 

في ردِّ فعلٍ مُتوقّعٍ، خرجت تظاهرات حاشدة بمدينة كسلا رفضاً لقرار رئيس الوزراء بإقالة والي الولاية صالح عمار، وسقط (7) قتلى وعشرات الجرحى وفقاً لتقارير رسمية حصلت عليها (السوداني).
ظلت الدماء هي العنوان الأبرز لكل تداعيات الأحداث بشرق السودان، ولا يكاد يخلو أيِّ احتجاج شعبي من ريحة الدم ولونه.. ومنذ إعلان صالح عمار والياً لكسلا، سقط العشرات من الضحايا بعضهم من أنصاره، وآخرون مناوئون له، أكثر من ثلاثة أشهر والشرق لا يعرف الاستقرار، الاضطرابات كانت عنواناً عريضاً في كسلا والبحر الأحمر، سَعَت الحكومات الولائية والمركزية لحقن الدماء طوال هذه الفترة، دون أن يلوح في الأفق أي حلول ناجعة للأزمة العالقة!!

إسعافات عاجلةٌ
ونقل شهود عيان تحدّثوا لـ(السوداني)، عن ازدحام المُستشفيات بالمُصابين والضحايا الذين تم تشريحهم في مستشفى كسلا، وقالوا إنّ كسلا تحوّلت نهار الخميس إلى مدينة أشبه بغُرف الطوارئ بسبب التدافع الكبير في نقل الجرحى والمُصابين، وشهدت المدينة نقصاً في الدم، حيث أطلق بعض النشطاء استغاثات عاجلة للتبرع بالدم، فيما أفاد مصدرٌ حكوميٌّ، (السوداني) أن الجرحى ظلوا بالمستشفيات حتى وقت متأخر من ليل الخميس، سيما أن بعضهم إصاباتهم خطرة تستدعي الرعاية الصحية .

 

ماذا حدث بكسلا؟
وشهدت مدينة كسلا يوماً دامياً، (الأربعاء) أدى لسقوط ضحايا وجرحى وسط أنصار صالح عمار الذين خرجوا في مسيرات احتجاجية ضد إعفائه!
يقول والي كسلا المكلف، أمين عام الحكومة، فتح الرحمن الأمين لـ(السوداني)، إنهم حذّروا أنصار صالح عمار من الخروج أمس بحجة أن الولاية تمر بحالة طوارئ، ولكنهم رفضوا ذلك وأصرُّوا على الخروج رغم الأوضاع الأمنية المُعقّدة، ثم خرجوا وتجمّعوا داخل المدينة، وأوعز لهم البعض بالتوجُّه صوب أمانة الحكومة، وحين وصولهم لمقر أمانة الحكومة حدث تبادل لإطلاق النار، حيث سعى المحتجون لدخول أمانة الحكومة، وبادلوا الشرطة إطلاق النار، وأدى ذلك لسقوط (7) ضحايا و(12) جريحاً، وكشف عن إعلان حظر التجوال بالولاية حتى الأحد القادم.

هل أطلقت الشرطة الرصاص؟
ونفى والي كسلا المُكلّف فتح الرحمن، إطلاق الشرطة الرصاص على المُحتجين، وقال إن المحتجين حاولوا اقتحام مباني أمانة حكومة كسلا بالقوة، وإن الرصاص كان مُتبادلاً بين الجانبين، وإن المحتجين يحملون أسلحة يستخدمها (قناصة)، وأكد أن الإصابات التي حدثت وقعت بالقرب من أمانة الحكومة التي استهدفها المُحتجون بالاقتحام، مشيراً إلى أنّ المُحتجين يحملون أسلحة، والشرطة التي تحرس أمانة الحكومة كانت مسلحة، وسعى المحتجون لاقتحام مباني الحكومة ورفضت الشرطة ذلك، وبعدها حدث تبادل لإطلاق النهار.
وقال الوالي المُكلّف، إنّ القوات الأمنية من الجيش والشرطة والدعم السريع قادرة على فرض هيبة الدولة بكسلا، وأضاف أنّ الاحتجاجات توقّفت قبل حلول مساء الخميس، وشدد على عدم سماحهم بأية تظاهرة، وقال إنّ الاحتجاجات التي خرجت الخميس كانت دُون رِضَاءَ الحكومة .

إغلاق الحُدُود
وقال الوالي المُكلّف، إنهم سيقومون بإغلاق الحدود مع دولة إريتريا ومنع الدخول والخروج، وأعلن أن قرار إغلاق الحدود سيصدر اليوم (الجمعة)، وقال: رغم وجود قوات حدودية مع إريتريا ولكنها غير كافية لحماية الحدود التي وصفها بالكبيرة والمُترامية، وأضاف: “سنطلب إمداداً عسكرياً من الخرطوم لإغلاق الحدود مع إريتريا” لمنع تسلُّل أيِّ شخصٍ من إريتريا إلى كسلا.

إدانة ورفض
الأحداث في كسلا، دفعت مؤتمر البجا أبرز المُوقِّعين على اتفاقية جوبا، للخروج عن صمته، وطالب رئيس مؤتمر البجا أسامة سعيد بتهدئة وتحكيم صوت العقل درءاً للفتنة التي ليس فيها غالب أو مغلوب، وبحسب تعميم صحفي تلقّته (السوداني)، أدان مؤتمر البجا استخدام القوة المُفرطة في مُواجهة المُحتجين السلميين بكسلا، ورفض إقالة صالح عمار من منصبه، وأشار إلى أنّ القرار الصادر من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بإقالة عمار كان مُتسرعاً، واعتبر رئيس مؤتمر البجا استخدام العنف ردة عن الثورة وعودة إلى ممارسات عهد النظام البائد، مشدداً على أهمية تحيكم صوت العقل وتغليب المصلحة العامّة على الخاصّة، وتفويت الفرصة على المُتربِّصين بالشرق.

المركز يتدخّل
الأحداث التي شهدتها مدينة كسلا، استدعت تدخُّلاً عاجلاً من الحكومة المركزية لوقف نزيف الدماء بشرق السودان، حيث شهدت ردهات القصر الجمهوري، اجتماعاً مطولاً بين النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان “حميدتي”، ومكوِّنات الإدارة الأهلية، شارك فيه ناظر عموم البني عامر علي إبراهيم دقلل، وناظر الحباب حامد كنتباي، وخلص الاجتماع إلى ضرورة تهدئة الأوضاع بكسلا.
وقال “حميدتي”، إن كل ولاة الشرق سيتم إعفاؤهم من مناصبهم بمُوجب اتفاق السلام بجوبا، وكشف عن تشكيل لجنة لحل أزمة الشرق، وطالب القوات الأمنية بفرض هيبة الدولة والقيام بواجبها، وقال إنّ اتفاقية مسار الشرق تم التوقيع عليها بحُضُور دولي وإقليمي، وأقرّ بقيام مؤتمر تشاوري بمشاركة كافة المُكوِّنات الاجتماعية في الولاية، وطالب “حميدتي” بنبذ العُنصرية والكراهية.
وفي السياق، أكد ناظر عموم البني عامر علي دقلل، إنهم مع الدولة لوضع الحلول التي وعدتهم بها، وقال في تصريحات صحفية، إن الخطأ لا يُعالج بالخطأ، مشدداً على أن الحل يأتي بتوافق الجميع.
فيما قال ناظر الحباب حامد كنتباي، إنهم سيتعاونون مع الحكومة لحل الأزمة في الشرق، وإن الجميع سينالون حقوقهم .

بورتسودان.. هدوءٌ حَذِرٌ
وشهدت مدينة بورتسودان، أحداثاً دموية مساء (الأربعاء) نجمت عنها (6) ضحايا وعشرات الإصابات، وكان سببها احتجاجات مُناصرة للوالي المقال صالح عمار، وبعد مرور 24 ساعة من أحداث ببورتسودان، بدأ الهدوء النسبي يعود إليها.
وبحسب مصدر، فإنّ اللجنة الأمنية بالبحر الأحمر، عقدت اجتماعاً مُطولاً مع الإدارات الأهلية المُناصرة لصالح عمار، وقال المصدر لـ(السوداني) إنّ الاجتماع أسفرت نتائجه عن هدوء الأوضاع بالمدينة، وكشف عن قيام القوات الأمنية المشتركة بفتح الطرق القومي في وقت متأخر من ليل (الأربعاء) ومرور الشاحنات الكبيرة وسط حماية أمنية مشددة.
في السياق، قال المتحدث الرسمي باسم والي البحر الأحمر، مرتضى كرار، إن بورتسودان تشهد هدوءاً كبيراً وتوقّفت الاحتجاجات بها، مشيراً إلى عودة الموانئ لعملها بصورة طبيعية، ونفى سقوط ضحايا أو إصابات جديدة، وقال: “لدينا 6 ضحايا سقطوا الأربعاء ولا جديد أمس الخميس”، وأبان أن مدينة بورتسودان تشهد انتشاراً امنياً كثيفاً من قِبل القوات المشتركة (الجيش والشرطة والدعم السريع) تحوُّطاً لأيِّ احتجاجاتٍ.

 

تقرير – عبد الرؤوف طه

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

 

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى