تحقيقات وتقارير

إيقاف 24 منظمة.. بين الرفض والقبول

أصدرت مفوضية العون الإنساني أمس الأول قراراً بإلغاء تسجيل وحجز ومصادرة 24 منظمة عاملة بالبلاد. الخطوة قوبلت بردود فعل متباينة. فقد قوبلت بارتياح كبير وسط كثيرين يرون أن تلك المنظمات كانت تجد الدعم والرعاية من النظام السابق وتمارس التجيير السياسي، مطالبين بتحقيق شامل في الأمر، بينما انتقدها آخرون في المقابل، وأكد بعض رؤساء تلك المنظمات لـ(السوداني) أنهم سيسلكون الطريق القانوني للطعن في القرار بل وسيصعدون الأمر إلى أعلى درجات التقاضي لإبطال القرار.

 

قرار ظالم
القرار فُهم في سياق أن “الحرية والتغيير” كتحالف سياسي يعمل على تفكيك حزب المؤتمر الوطني (صامولة صامولة)، كما أكدت التنسيقية، حيث اعتبرت هذه المنظمات الموقوفة إحدى أذرع النظام السابق.
بعض تلك المنظمات كانت تقوم بأغراض معلنة، لكن المطالبة بحلها جاءت من باب أنها تستخدم الدعاية والكذب السياسي، وتقوم بتوظيف عضوية حزب المؤتمر الوطني، وتستخدم المستفيدين من خدماتها في الدعاية السياسية.
سؤال يطرح نفسه: هل المنظمات يتم تمويلها من الدولة من حيثُ المقر أو المرتبات؟ إذا كان الأمر هكذا فيجب أن توقف فورا، لأنها لا تدخل في الميزانية وبالتالي لا تخضع للمراجعة، كما أن التوظيف يتم وفق أسس سياسية، لكن إذا كانت منظمات طوعية وتجمع أموالها من التبرعات ومصادر شرعية بعيدة عن الدولة فيصبح قرار حلها خطأ وفيه تغول على الحرية والحقوق.
المدير العام لمنظمة تنميات الإنسانية (المنتدى الإسلامي سابقاً) د.خالد رمضان، قال في حديثه لـ(السوداني) إن القرار كان مفاجئا بالنسبة لهم ولا يعرفون سبب إيقافهم عن العمل، ووصف قرار بالظالم وسيتم الطعن فيه، وأضاف: المنظمة تعمل في النور لذلك سنصعد الأمر إلى أعلى درجات التقاضي لأننا الآن في دولة القانون.

التزام بالإجراءات
وأكد رمضان أن المنظمة ليست جهة سياسية وليس لها امتدادات سياسية في الداخل أو الخارج، قاطعا بأنها لا تتلقي تسهيلات من أي جهة أو مسؤول بعينه، وقال: واثقون أن القرار ظالم والمواد التي استند إليها غير صحيحة، ونحن لم نرتكب أخطاء أو مخالفات في اللوائح أو التسجيل، مشيرا إلى أن المنظمة مُنحت ترخيص العمل بالسودان منذ العام 2004م، وأنهم ملتزمون بالإجراءت التي تنظم العمل، لافتا إلى أن المنظمة عملت في مجالات السلام وخدمات الصحة والتعليم وغيرها.

منظمات مشبوهة
القرار اعتبره البعض معيبا لأن المنظمات تتحمل مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع لا تستطيع الدولة القيام بها، وكان يجب تغيير مجالس إدارتها وتقديمهم لمحاكمات إذا كانوا يستغلون المنظمات كواجهة لأعمال تضر بالاقتصاد.
الداعية محمد هاشم الحكيم أكد في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن الدولة لا تستطيع إدارة البلاد من غير تفعيل دور المجتمع المدني، مشيرا إلى أنها تجلب الدعم من داخل وخارج السودان وتؤسس لمشاريع يستفيد منها المواطنون، لافتا إلى أن بعضها يكفل أكثر من نصف مليون أسرة، مستدركًا: لكن لا ننكر أن كثيرا من المنظمات المشبوهة داخلية وبعضها فروع لمنظمات خارجية كانت عبارة لواجهات إما لأعمال استخباراتية أو نشاطات تجارية تصب في جيوب أفراد، مشيرا إلى أنها كانت تمنح إعفاءات ضخمة تقف خلفها شخصيات سيادية على أعلى المستويات، وقال: كنا نتمنى أن تكون هناك دراسة واضحة لنشاطات المنظمات وتحديد المصلح من المفسد ثم بعد ذلك يتم إصدار القرار.

ضحايا النظام
الحكيم قال إن قرارات (الكوتة) التي تشمل الصالح والطالح وتضعهم في بوتقة واحدة غير مقبولة، مشيرًا إلى أن منظمة ذي النورين التي تم إيقافها هي دعوية خدمية يقف خلفها مشايخ سلفيون لا علاقة لهم بالنظام السابق بل كانوا من ضحاياه، وكانوا من قادة الثورة مثل الشيخ محمد عبد الكريم والشيخ مدثر أحمد، مشيرًا إلى أنها تكفل 16 ألف يتيم وتستقطب الدعم من الخارج وتقوم على أحدث مركز غسل كلى أجرى 54 ألف عملية حتى الآن.

نص القرار
القرار نص على إلغاء تسجيل وحجز ومصادرة ممتلكات عدد من المنظمات الآتية: منظمة سند الخيرية، منظمة البر والتواصل، منظمة أنا السودان، منظمة مجذوب الخليفة الخيرية، منظمة تتميات الإنسانية (المنتدى الإنساني سابقا)، منظمة الغيث الخيرية، منظمة أم معبد، منظمة دربيكان، الاتحاد الوطني للشباب، اتحاد المرأة، رابطة المرأة العاملة، الاتحاد الوطني للشباب ولاية الخرطوم، منظمة مبادرون لدرء آثار الكوارث والحروب (مدار)، منظمة تلاويت للتنمية، الاتحاد العام للطلاب السودانيين، جمعية غيث الطبية، جمعية بت البلد الخيرية، منظمة السالكين، مؤسسة صلاح ونسي، جمعية الإصلاح والمواساة، منظمة رعاية النزيل، منظمة رواد للسلام والتنمية والتغيير، منظمة ذي النورين الخيرية، منظمة حسن أحمد البشير الخيرية.
كما نص على إلغاء ومصادرة أموال وحجز ممتلكات مؤسسة الزبير الخيرية ومؤسسة معارج للسلام والتنمية ومركز دراسات المرأة إلى قائمة المنظمات التي صدر بحقهم قرارات.

تصفية حسابات
بعض رؤساء المنظمات التي تم إيقافها قالوا في حديثهم لـ(السوداني): أن القرار ظالم واستند على معلومات خاطئة أو أنه تصفية حسابات، مؤكدين أنهم سيلجأون إلى القضاء، متوقعين أن يحدث تراجع في الخدمات التي كانوا يقدمونها للمستفيدين لأن الدولة لا تستطيع تقديمها على الأقل في الوقت الحالي، وقالوا إن المواثيق الدولية تقول إن المنظمات الشعبية لا يجوز حلها بقرار إداري وتحل عن طريق جمعية عمومية من المنظمة، أو بقرار قضائي مسبب قابل للاستئناف للجهات الأعلى القضائية، معتبرين أن القرار سياسي وتصفية حسابات.

تفكيك الوطني
الخبير القانوني معز حضرة يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن النظام السابق استغل قانون المنظمات استغلالا سيئا ضد المنظمات الوطنية، وقال: أي منظمة لا تنتمي لحزب المؤتمر الوطني تم إغلاقها ومحاربة منسوبيها وتقديمهم لمحاكمات عن طريق نيابة أمن الدولة، وأضاف: الآن تتم محاكمتهم بنفس القانون الذي كانوا يحاكمون به السابقين، مشيرًا إلى أن القرار من السلطات الطبيعية للمسجل بأن أي منظمة لا تعمل في مجالها أو بها شبهات يجب إيقافها، وقال: بعض المنظمات التي تم إيقافها تعمل كجزء من أدوات حزب المؤتمر الوطني، وأضاف: الوثيقة الدستورية أكدت ضرورة تفكيك دولة المؤتمر الوطني.
حضرة أكد أن بعض منظمات التي تمارس عملا سياسيا مثل منظمة معارج كانت في مجلس حقوق الإنسان في جنيف تأتي بأفراد ينتمون لحزب المؤتمر الوطني ويجزمون بأنه لا توجد انتهاكات لحقوق الإنسان بالسودان، وقال: هذا الأمر مخالف لقانون العمل الطوعي، مشيرا إلى أن لديها أموال مجهولة المصدر، معتبرًا أن هذه مخالفة، قاطعًا بأنه من حق تلك المنظمات الطعن في قرار الحظر أو المصادرة، مستدركا: أتمنى أن يذهبوا للقضاء ليعرف الشعب السوداني من أين تمول هذه المنظمات وأين يتم صرفها، مشيرا إلى اتهامات موجهة لها بأنها تمارس غسل الأموال، لافتا إلى أنها مارست أعمالا قبيحة وأن حلها أو حظرها لا يكفي، ولكن يجب تقديم منسوبيها إلى المحاكمة، لافتًا إلى أنها كانت تزاول أعمالها في جنيف والاتحاد الإفريقي.

الخرطوم: وجدان طلحة

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

 

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى