حوارات

تفاصيل جديدة يرويها شقيق الشهيد: (أحمد الخير) لم يشارك في المظاهرات على الإطلاق

طويلاً ستظل أصداء استشهاد الأستاذ المربي أحمد الخير عوض الكريم بمعتقلات الأمن بمدينة خشم القربة بولاية كسلا السبت قبل الماضي في الذاكرة والأذهان، وبحسب شقيقه أن (أحمد الخير) لم يشارك في المظاهرات على الإطلاق، بالرغم من انتقاده الشديد للحكومة المركزية، وحكومة ولايته كسلا، وهذه الإفادات تنشرها الصحيفة وفقاً لشهادة شقيقه سعد الخير عوض الكريم الذي أجرت معه (الانتباهة) هذه المقابلة عبر الهاتف أمس السبت.. إذاً إليكم التفاصيل..

 

* بداية دعنا نتعرف عليك أستاذ سعد؟

– أنا سعد الخير عوض الكريم، شقيق الشهيد أحمد الخير عوض الكريم الأصغر منه مباشرة، وأعمل موظف في مؤسسة الهلال الأحمر، التي تقدمني لإمامة الناس في صلاة الجمعة من كل أسبوع، وأنا من مواليد 1984م بينما أحمد من مواليد 1983، نقيم أنا وشقيقي أحمد في (حي السوق) بمدينة خشم القربة، بينما أولادي في كسلا حيث يدرسون الجامعة.

* إذاً حدثنا عن شقيقك الشهيد أحمد؟

– هو على درجة عالية من الهدوء ومن أبرز صفاته النزاهة وعفة اليد وأنا أعلم كل مال اكتسبه، وهو أستاذ مادة الحاسوب بالثانوي العالي، ويمتاز بعلاقات اجتماعية واسعة جداً في مدينة خشم القربة، ولا خصومة له مع أحد إلا في الحق، وحتى خصومه تجمعه بهم علاقات اجتماعية قوية.

* ما هي المدارس التي عمل بها الشهيد؟

– أول تعيين له كان في مدرسة البطانة 2007 بالقرية (1) ومدرسة الحامية، ومدرسة ستيت التي كان يعمل بها حتى استشهاده.

* ما هو تنظيمه السياسي؟

– انتظم في الحركة الإسلامية منذ أن كان طالباً في الثانوي العالي 1997م، وعند مفاصلة الإسلاميين 1999م اختار جناح المؤتمر الوطني، بمودته مع زملائه بالمؤتمر الشعبي، وبعد ذلك نأي عن المؤتمر الوطني لأسباب يعلمها هو، فهو امرئ صاحب منهج وعقيدة، ويرى أن من دخل السلطة وبيته (أوضة وراكوبة) عليه أن يغادرها وهو في ذات الحال، وهذا الموقف خلق له مصادمات كثيرة جداً، وله موقف شهير في قضية انتخابات المعلمين بالولاية 2016م، وموقفه في هذه القضية كان حاسماً وشديداً، كما كانت له قضية أخرى مع والي كسلا آدم جماع، الذي يرى أنه أخفق في حقوق المعلمين وكان يرى أن من واجب النقابة أن تدافع عن المعلمين وتبحث عن حقوقهم.

* متى بدأت مشاركته في المظاهرات؟

– الشهيد لم يشارك في المظاهرات على الإطلاق، لا في أولها ولا أوسطها ولا آخرها، ومنذ أيام الدورة المدرسية بالولاية ذهب لولاية الخرطوم لأعمال خاصة بالأسرة، وعند انتهاء الدورة المدرسية أخذ إذناً من المدرسة، ولاحقاً تم تعليق الدراسة بسبب المظاهرات، وظل بالخرطوم حوالي شهرين ونصف، ولم يشارك في المظاهرات الدائرة في الخرطوم، وعاد لخشم القربة الأحد الماضي.

* كيف أعتقل إذاً؟

– أعتقل بالخميس قبل الماضي وهو بجوار صيدلية توجد على الناصية المقابلة لمنزلنا حيث كانت المظاهرات قريبة جداً منه، اتصلت به لنتناول العشاء معاً، فقال لي: (سخن العيش الموجود بالثلاجة وإتعشى أنت) واترك لي الباقي سأجلب معي زبادي اتعشى به لاحقاً، وعندما كنت أتحدث معه كنت اسمع صوت المظاهرات عبر الهاتف كما كنت اسمع صوتها مباشرة من دون الهاتف أيضاً، وهو لم يكن مشاركاً فيها، ومن جوار الصيدلية تم اعتقاله، وعادة أخلد للنوم بين التاسعة والعاشرة مساءً، ولأن اليوم خميس انشغلت بتحضير خطبة الجمعة، فاتصل بي جارنا حوالي الحادية عشر وأخبرني بأن الشهيد قد اعتقل، ومنذ الوهلة الأولى تم التعامل معه بعنف، حيث رفع في عربة بوكس دبل كبين، فاتصلت به ولكنه لم يرد، لم استطع النوم، فتوجهت إلى مكتب الأمن بخشم القربة، ولم أجد مواصلات فمضيت على قدمي راجلاً، وعندما وصلت سألت صول اسمه الشريف عن الشهيد فقال لي (اليوم ما في أي طريقة، وبكرة توضح الأمور) وبعد ذلك علمت أن صديق الشهيد أمجد بابكر (أمين الشباب بالمؤتمر الشعبي بالمنطقة) قد أعتقل أيضاً، وذهبت لزيارة أخته التي تعرضت لبعض الجروح أثناء اعتقال شقيقها أمجد، وأنا في طريق عودتي للبيت اتصل بي الشهيد وقال لي في ثواني قليلة جداً أنه في مكتب الأمن وأغلق الهاتف مباشرة، واصلت طريقي وصادفت عربات الأمن وتم رفعي في إحدى عرباتهم، ولكن أحد الضباط (راكب مع السواق) طلب منهم أن يتركوني لحال سبيلي، وبالفعل غادرت عربتهم.

* وماذا في تفاصيل يوم الجمعة؟

– صباح الجمعة توالت الاتصالات تسأل عن الشهيد، اتصلت بالصول فقال لي: (الناس ديل لسه، وأخوك قايم بشغلة المظاهرات دي كلها، ولم أشأ مجادلته في الأمر، ولم يدر بتفكيري أن يتم تعذيب الشهيد أو رفاقه، وظننت أن الأمر لن يزيد عن كتابة تعهد وربما سجن أيضاً، بعد المكالمة ذهبت لمكتب الأمن، وهناك أخبروني بأنهم لم يتحروا مع الشهيد بعد، وبقينا هناك حتى الحادية عشر صباحاً ثم عدت للبيت، وبعد صلاة الجمعة اتصل بي خالنا وابنه أيضاً معتقل، وقال لي سأذهب لمكتب الأمن بنفسي. بعد المغرب اتصلت بالصول الشريف فأخبرني أن الشهيد ومن معه سيتم ترحيلهم إلى كسلا يوم السبت، ولاحقاً اتصل بي خالنا الأصغر وقال لي أيضاً أنه ومعه خمسة آخرين سيرحلوا إلى كسلا، بعد صلاة العشاء وصلت أنا وخالي لمكتب الأمن فوجدنا المكان مظلم، ورأينا عربة تاتشر تخرج من المكتب، وعربة ثانية تخرج أيضاً، وفي المكتب وجدت الصول الشريف والصول عز الدين جماع فأخبروني أن الشهيد ورفاقه سيرحلون إلى كسلا، وعندما سألتهم (الحاصل شنو..؟)، قال لي الصول عز الدين: (في استجواب وتحقيقات عشان مافي زول يتظلم، وأي زول يقدر يدافع عن نفسه)، بعد ذلك قال لي خالنا لابد أن نتصل على أحد ضباط الأمن، فأخبره الضابط بأن الشهيد تم ترحيله إلى كسلا، ثم اتصلنا بمعتمد خشم القربة الذي أوضح لخالنا إن الأمر قد خرج من يده، وقبل أن نغادر مكتب الأمن اتصل بي مدير مؤسسة الهلال الأحمر التي أعمل بها وسألني عن الشهيد، ولاحقاً وحوالي الثانية عشرة والنصف ليلة الجمعة السبت عاود مدير المؤسسة الاتصال بي وقال لي ناس الأمن طلبوا حضورك، فأخبرت أولادي وصديق الشهيد بذلك، واتجهنا لمكتب الأمن وهناك سلمت على أفراد الأمن يداً بيد، ثم استقبلني نقيب في الجيش ثم تقدم بي في أحد المكاتب حيث وجدت معتمد خشم القربة وضابط في الجيش، وبعد مقدمة قصيرة أخبرني المعتمد أن مكتب كسلا أبلغه أن الشهيد تعب وذهبوا به للمستشفى، حيث توفى هناك، ولم يفيدونا بسبب الوفاة، فاسترجعنا ودعونا له بالرحمة والمغفرة، ثم اتصلت بأخي الأصغر وأبلغته بالخبر، فطلب مني أن أقف على الجثمان بنفسي وعلى عملية التشريح أيضاً، وقال لي إنه لا يظن بأن الوفاة (طبيعية)، وفي الساعة الثالثة والربع صباحاً اتصل بي المدير الطبي بمستشفى كسلا وقال لي رسمياً يجب أن يتم تسليم الجثمان إلى ذويه أو الشرطة، وقال لي أنه ليس لديهم ثلاجة أو مشرحة وأن المشرحة بالقضارف، فاتصلت بخالنا محمد، ثم أبلغنا المدير العام بوزارة الصحة بالولاية نور الدين أنه سيحضر مع الجثمان بالإسعاف، وذهبنا لانتظار الجثمان في كبري (6) (منطقة الوصول والمغادرة من خشم القربة)، وحوالي الخامسة والنصف صباح السبت وصل الجثمان، ورغم صعوبة الموقف إلا أنني صممت على معرفة ماذا حدث لشقيقي أحمد، فوجدت أن (الفنلة الداخلية) بلون التراب، والرقبة متورمة، ووجدت الضلوع أيضاً متورمة، ولفت نظري وجود جرح في منطقة فم المعدة وكأنه تعرض (للسلخ) في منطقة البطن، فقلت لهم أن الشهيد قد تم تعذيبه، وعندما وصلنا القضارف أصررت أن أشهد التشريح بصفتي شقيق الشهيد وبصفتي ممرض، فرفض المتحري في بادئ الأمر ولكنه قبل لاحقاً، وفي غرفة التشريح لاحظت أن الطبيب سجل ملاحظاته على الملابس أولاً ثم كان يسجل ملاحظاته على كل عضو بجسم الشهيد، وعلى الأضلاع كان هناك جرح غائر بحجم بصمة الأصبع ولونه بني وأحمر، وفي الظهر كان أثر الضرب واضحاً، أما الأجهزة التناسلية فهي سليمة، وأخبرني صديقه أمجد الذي أعتقل معه أنه تم ضربهم بخرطوش أسود، وكانوا يلقون عليهم كلاماً فاحشاً، وعندما تم رفعهم في العربة لترحيلهم إلى كسلا كان الشهيد يتألم، وكان لا يزال يتم ضربه، وأخبرني أمجد أنه كان يوصيه بالصبر.

* كيف كان وقع زيارة القيادي بالمؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي عليكم؟

– المؤتمر الشعبي جزاه الله كل خير، فقد وقفوا معنا في محنتنا، وقدموا لنا من كسلا وبورتسودان والقضارف، وكان لزيارة الشيخ إبراهيم السنوسي وقعاً كبيراً في أنفسنا، كما إن قادة الشعبي بخشم القربة أخبرونا بأن السنوسي وعد بأن يناقش قضية الشهيد على مستوى رئاسة الجمهورية.

* هل توقعتم زيارة والي كسلا لكم؟

– نعم توقعنا زيارته ولكن الذي لم نتوقعه هو ضخامة موكب التشييع الذي انتظر عودتنا من القضارف، وحمل المشيعون الشهيد على الأعناق، وقام أحد أخوالي بتسجيل فيديو شرح فيه ما حدث للشهيد، وقام صديق الشهيد وهو معلم ثانوي أيضاً بنشر المقطع في وسائل التواصل الاجتماعي.

* هل شارك أي مسؤول حكومي في التشييع؟

– شارك معتمد خشم القربة الذي لا يعرفه الناس لأنه ليس من المنطقة، بالإضافة لقائد المنطقة برتبة لواء.

* كيف كانت ردة فعلكم تجاه بيان مدير شرطة كسلا حول أن الشهيد مات مسموماً بطعام فاسد..؟

– كان للبيان وقعاً سيئاً علينا لأنه مجافٍ للحقيقة.

* وماذا عن بيان النائب العام الذي أقر فيه بمقتل الشهيد جراء التعذيب؟

– البيان أثلج صدورنا بالرغم من المصطلحات الطبية التي حواها البيان لم تكن واضحة كما اللغة البسيطة التي يفهمها الناس جميعاً.

* هل توقعتم زيارة مسؤول من المركز؟

– لم نتوقعها وعندما قدم إلينا فريق الأمن الذي جاء ليحقق في الواقعة قالت لنا لجنة جهاز الأمن والمخابرات أن الجهاز وعد بأن التحقيق سيمضي لنهايته وإن الجناة سيقدمون للمحاكمة.

حوار: ندى محمد أحمد

الخرطوم: (صحيفة الانتباهة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى