حوارات

الداعية محمد هاشم الحكيم: السودان يمكنه الدخول في صلح تكتيكي مع إسرائيل

ما إن سرت تسريبات إعلامية بأن الرئيس التشادي إدريس دبي يدخل وسيطاً بين الخرطوم وتل أبيب لإقامة علاقة بين السودان وإسرائيل وأن رئيس وزراء الكيان نتنياهو يعتزم زيارة السودان، حتى ثار الجدل في الخرطوم بين قلة تبرز نوعاً من المرونة في التعاطي مع الموضوع، وبين كثيرين آخرين يرفضون مناقشة الفكرة جملة وتفصيلاً.. بين هذا وذاك برزت فئة أئمة المساجد في خطبة الجمعة متناولين ملف التطبيع مع إسرائيل، ليخرج عنهم الداعية محمد هاشم الحكيم مطالباً بهدنة مؤقتة لمصلحة الشعب الفلسطيني أو لدفع الضرر عن بلد مسلم، رافضاً مصطلح التطبيع معتبراً إياه بيعاً للأقصى.

 

* كثيرون لم يفهموا ماذا تريد أن تقول في حديثك مؤخراً، فهل أنت مع التطبيع أم لا تزال متمسكاً برفضه؟

– نعم أنا أرفض التطبيع، فالتطبيع يعني جعل الشيء أمرين طبيعيين، بالتالي لا يمكن التطبيع مع دولة تحتل المقدسات الإسلامية ولا يوجد عاقل يقبل هذا الأمر، إسرائيل دولة تغتصب مقدساتنا الإسلامية وتظلم المسلمين.

* لكنك مع ذلك تناقضت وقلتُ بهدنة مؤقتة ما يعني من حديثك الاستفادة من إسرائيل؟

– هنالك دول تسمى بدول المواجهة، التي تخوض صراعاً حقيقياً مع إسرائيل، في مقابل دول المساندة أي التي تساند دول المواجهة، وهذه الأخيرة هي دول إسلامية مطلوب منها شرعاً الحفاظ على حقوق المسلمين وإن لم تكن في مواجهة عسكرية مباشرة.. فيما يحق لدول المواجهة أن تنظر إلى واقعها وتصنع من الاتفاقيات والسياسات ما تدفع به عنها الضرر قدر الإمكان بشرط أن تكون في وضع صعب لا تستطيع معه المواجهة ويقع عليها من الأذى الشديد ما يُدخلها في حيز الاضطرار.

السودان يمكنه أن يتعامل بهدنة مؤقتة وصلح تكتيكي، وينتظر اللحظة المناسبة حتى يتحرر من هذه الاتفاقات المخزية المشينة.. أما الدخول في اتفاقات مع العدو فقط لجلب المصلحة والأرباح للبلاد ومن أجل الظهور السياسي، فإن كل ذلك لا يجوز.

* البعض يرى في التطبيع مخرجاً من الحصار وأشياء أخرى..؟

– التطبيع من المحرمات، والمحرم لا يمكن إلا حال الاضطرار إليه.. فإذا افترضنا أن اليهود قد أقاموا لهم كياناً بعيداً عن أراضينا المسلمة، فلا حرج في التعامل معهم والاستفادة منهم وتبادل المصالح، طالما ليسوا في حالة عداء وحرب مع دولة مسلمة, وهذا مستبعد في ظل هذه الأوضاع.

* إذاً أنت تقصد الصهاينة، فماذا عن اليهود غير الصهاينة؟

– هذه قضية اجتماعية، إذ يجوز التعامل والتزاوج معهم، أما أصحاب المشروع الصهيوني فهؤلاء هم من يحتلون فلسطين.

* البعض يرى أن ما تناوله الإعلام حول التطبيع بمثابة جس نبض للشارع ليس إلا؟

– السودان تضرر على مدى عقود كثيرة بسبب موقفه الثابت والمعلن من القضية الفلسطينية، وفي سبيل هذه القضية قدم الدعم لثوار فلسطين الشيء الذي وضعه في خانة العداوة المستمرة مع إسرائيل، وأول من دعم التمرد في الجنوب هي إسرائيل، بالتالي فالعداء مستحكم لذا في تقديري أن السودان دولة مواجهة.

ربما برزت هذه الأحاديث لجس نبض الشارع السوداني الذي انقسم إزاء هذه القضية.

* هل تتوقع أن تطبع الحكومة السودانية مع إسرائيل؟

– على حكومة السودان أن تتذكر ضرورة أن تطبع مع الله قبل التفكير في عدو السودان. وألا تدمر تاريخ السودان العريق بالتطبيع مع أمة أكدت الشريعة أنها مقهورة في آخر الزمان.

* كيف تكون الهدنة المشروطة؟

– هدنة مشروطة ووجود اتفاقيات تصب في مصلحة أهل فلسطين إذا تم تقدير ذلك بصورة صحيحة يجب النظر إليه بحسب مقاصد الشريعة الإسلامية لا حرج من تكتيك كهذا، وهذه تحتاج إلى مصداقية من الدولة لأنه إذا كان الغرض طول البقاء في الحكم ونيل الأرباح فهذا يحرم التواصل، والتوسل إليه بالحرام.

* هنالك دول طبعت مع إسرائيل؟

– نعم للأسف هناك دول تحولت إلى خط الدفاع الأول عن إسرائيل. وعلى سبيل المثال مصر دولة كبرى ويخافها الإسرائيليون، لذلك لن تتوانى إسرائيل من تفتيتها سياسياً واقتصادياً والكيد لها عسكرياً وإن أظهروا العلاقة الحسنة معها.. وما تؤكده الدراسات أن مصر بالفعل تضررت من المؤامرات الإسرائيلية.

* حدد شرطين للتطبيع مع الكيان، هل تتوقع أن يزيد آخرون في هذه الشروط؟

– شرطاي هما إما دفع ضرر أو التخفيف عن أهل فلسطين، ونحن في ذلك محكومون بواقعنا في إمكانية الدفاع عن أنفسنا وتحرير مقدساتنا، فإذا كانت هناك إمكانية فلا داعي للاتفاقيات، وإن كان الواقع عكس ذلك فإن للسياسة والساسة دور آخر في تحديد طبيعة الموقف بحسب ما ذكرت.

* ما تعليقك على صفقة القرن؟

– ما أود أن أقوله في هذا الأمر هو التذكير بموقف صلاح الدين الأيوبي وغيره، (نعم) للاتفاقيات المؤقتة (لا) لبيع الأقصى.

* وهل يعني التطبيع بيع الأقصى؟

– نعم.. أي شكل من أشكال التطبيع هو بيع للأقصى.

 

حوار: وجدان طلحة

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى