تحقيقات وتقارير

وزراء سابقون يستوزرون من جديد المُبعَدون من التشكيل يعودون على جواد الترضيات

 

قبل نحو شهر، وعلى نحو مفاجئ، أصدر رئيس الجمهورية، المشير عمر البشير، قراراً بحل الحكومة وإعفاء رئيس الوزراء بكري حسن صالح، وتكليف معتز موسى وزير الري والموارد المائية في الحكومة المحلولة رئيساً للوزراء، وبعد نحو أسبوع، أعلن موسى حكومته الجديدة التي جاءت مكونة من 21 وزيراً بدلاً من 31 وزير في الحكومة السابقة، بدواعي التقشف ومراعاة للظرف الاقتصادي الذي يمر به السودان، إلا أنه وفي مساء أمس الأول، عينت أسماء تم إبعادها من الحكومة السابقة في مناصب مديرين وأمناء عامين بدرجات مختلفة ما بين وزراء اتحاديين ووزراء دولة، الأمر الذي انتصبت معه علامة استفهام عن جدوى حل الحكومة السابقة بدعوى التقليص، ثم تعيين آخرين تم إعفاؤهم لذات الأسباب التي حلت من أجلها الحكومة السابقة.

فرمان رئاسي

أصدر رئيس الجمهورية، عمر البشير، مساء أمس الأول الخميس قرارات جمهورية قضت بتعيين مديرين وأمناء عامين، وشملت التعيينات الجديدة وزير الثقافة السابق الطيب حسن بدوي مديراً عاماً لمركز دراسات المستقبل بمخصصات وزير قومي، وتعيين أوشيك محمد طاهر وزير الدولة السابق بوزارة الطرق والجسور أميناً عاماً للجهاز القومي للاستثمار بدرجة وزير دولة، بجانب تعيين د. أبوبكر عثمان إبراهيم وزير الإرشاد والأوقاف السابق، أميناً عاماً للمجلس الأعلى للأوقاف والتوجيه والإرشاد بدرجة وزير دولة، وتسمية عثمان البشير الكباشي الذي شغل في وقت سابق منصب وزير الأوقاف بولاية الخرطوم أميناً عاماً للمجلس الأعلى للشباب والرياضة بدرجة وزير دولة، وتعيين عبود جابر سعيد وزير الدولة للبيئة السابق أميناً عاماً للمجلس الأعلى للبيئة بدرجة وزير دولة.

أمثلة مشابهة

لم تكن تسمية المديرين والأمناء العامين ورؤساء المجالس العليا أمراً جديداً، بل هي نظم معلومة للإدارة تدار بها كثير من المؤسسات خارج السودان، خاصة في جمهورية مصر العربية التي بها عدد من المجالس العليا بدلاً من الوزارات، وفي حالة السودان فقد طبقت هذه النظم في الولايات، إذ أن كثيراً من الولايات توجد بها المجالس العليا بديلاً للوزارات خاصة الرياضة والاستثمار والبنى التحتية وغيرها، ولكن في حالة الحكومة المركزية لم تطبق تلك النظم لعدد من الأسباب أولها حالة الترضيات الحزبية والجهوية التي وصلت إلى حد إنشاء وزارات غير مطلوبة، وغير مجدية لتسكين البعض مما أثقل كاهل الميزانيات ببنود الصرف الكبيرة، وعلى نحو متدرج انتبهت الحكومة الاتحادية إلى هذا الملف الشائك في بدايات الأزمة الاقتصادية قبل استفحالها وبدأت بخطوات إعفاء المستشارين الرئاسيين، وإلغاء بعض المناصب، إلا أنه وكلما خطت الحكومة خطوة في اتجاه تقليص الترهل الحكومي، ارتدت على أعقابها تحت ضغط الترضيات والموازنات.

رؤى متطابقة

تكاثرت التعليقات منذ صدور قرار تعيين الأمناء والمديرين العامين، وظل الجدل محتدماً بين من يرى أن ذلك التعيين مطلوباً للظروف الداخلية والتركيبة السودانية التي تستدعي الموازنة، وبين من يراها مدخلاً جديداً للصرف البذخي بالرغم من الظروف التي يمر بها السودان في ظل دعاوى الحكومة للتوجه نحو دولة التقشف والصرف المحدود.

ويرى نائب رئيس حركة الإصلاح الآن، وعضو البرلمان حسن رزق أن التعيينات الأخيرة هي كالذي أعطى باليمين وأخذ بالشمال، واستنكر رزق خلال حديثه للصيحة تعيين أشخاص بدرجة وزير، وطالب بضرورة وقفها، مشدداً على ضرورة تعيين وكلاء الوزارات بالترقي بدلاً من التعيين السياسي، وطالب رزق في حديث لـ(الصيحة) بضرورة الرجوع لمخرجات الحوار الوطني التي أقرت تعيين رئيس وزراء بصلاحيات تنفيذية كاملة، وتساءل رزق عن دعاوى الحكومة في التغيير الأخير وقارن بينه وبين ما انتهجته الحكومة بعد تشكيل الحكومة الجديدة، قائلاً ما الجديد إذاً، وزاد بأن رئيس الوزراء لن يستطيع إعفاء من لم يعينهم كما حدث في التعيينات الأخيرة. وبعبارة مقاربة لعبارة رزق، ابتدر المحلل السياسي البروفيسور حسن الساعوري خلال حديثه لـ(الصيحة) قائلاً ” كأننا لا رحنا ولا جئنا”، وزاد بأننا خفضنا الحكومة من 31 إلى 21 وزير، ورجعنا مرة أخرى للمحطة الأولى، وأضاف الساعوري أن الخطوة الأخيرة تعني أننا نصدر قراراً ولا نستطيع تنفيذه، واستنكر الساعوري تعيين مدير مركز بدرجة وزير، وقال إن المقصود من هذا التعيين الشخص وليس الموقع، وأضاف أن ذلك الوضع أحق به مديرو الجامعات، وزاد بأن الدولة إذا أرادت أن تعين وزيراً فلتعيّنه في مجلس الوزراء.

رفض تام

في الجانب الآخر، ومن الحزب الحاكم، وبالرغم من أن الطبيعي أن يكون مؤيداً لهذا الاتجاه، إلا أن القيادي بالحزب الحاكم الدكتور ربيع عبد العاطي أبدى رفضاً كبيراً للتعيينات الأخيرة، وقال خلال حديثه لـ(الصيحة) إن ما تم لا يعدو كونه ترضيات وتطييب خواطر، مشدداً على أنه شخصياً ضد هذه الخطوة التي يعتبرها مجاملة، وأضاف أن كل من أعفي من منصبه عليه أن يذهب إلى مكان آخر يأكل منه عيشه وليس من الدولة، ورأى عبد العاطي أن إبعاد البعض ما زال تكلفة عالية ترفض الدولة دفع فاتورتها، وزاد بأن ذلك يعني أننا ما زلنا في المربع الأول ولم نبرحه لمحطة الإصلاح الذي نرغب فيه.

تقرير : محمد أبوزيد كروم

الخرطوم (صحيفة الصيحة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى