تحقيقات وتقارير

الحكومة الجديدة .. بضعة أسابيع لحل أزمة السيولة و(100) يوم لأداء الوزراء

بعد تشكيل الحكومة بدأ واضحاً أن من أولويات مهام الوزراء الجدد مضاعفة الجهد لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار الذي تمثل في انعدام السيولة وهبوط الجنيه مقابل العملات الأجنبية .
رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية “معتز موسى” منذ أول مخاطبة له بمسجد مجلس الوزراء، حرص على رسم مسار خطة حكومته الاقتصادية .
و حدد في أولى جلسات مجلس الوزراء مطلوبات المرحلة القادمة ، مؤكداً أن حكومته لن تطرح برنامجاً بديلاً بل تركز على مجالات ثلاثة في إطار البرنامج المعلن مسبقاً ،تضمنت الإصلاح الاقتصادي ، وتحسين معاش الناس، الحكم الراشد وسيادة حكم القانون ومكافحة الفساد بالإضافة إلى إصلاح الخدمة المدنية. ووجه “معتز موسى” كل وزارة بتقديم ثلاثة مشروعات في إطار المحاور الثلاثة بتركيز الجهد وتوجيه الموارد لتنفيذها ، وأمن الوزراء على أهمية المحاور الثلاثة، وأمهل “معتز” فريقه الوزاري الجديد (24) ساعة لمد رئاسة المجلس بمقترحات تنفيذ مرتكزات برنامج الحكومة في الفترة المقبلة، شاملاً إصلاح الاقتصاد ومعاش الناس، وسيادة حكم القانون، ومكافحة الفساد، وإصلاح الخدمة المدنية.

وأوضح أن المهلة سيعقبها قياس للأداء وتقييم لخطوات ملموسة ومنفذة على أرض الواقع تنذر بإقصاء أو استمرار الوزراء المكلفين ، كما أوضح أنه لا توجد أية حماية حزبية أو شخصية لوزير وأن المعيار الوحيد هو الأداء .

وأعلن خلال أول زيارة له لرئاسة البنك المركزي، عزمهم معالجة السياسات النقدية خلال أسابيع ،وأكد “معتز” على تكامل دور البنك المركزي مع وزارة المالية في الرقابة المالية، بجانب مسؤولية البنك في إحكام الرقابة على النظام المصرفي في حفظ أموال الناس، وإدارة النقد الأجنبي بالبلاد، بالإضافة إلى مسؤوليته الكاملة عن التضخم وسعر الصرف ، ووجه إدارة البنك بمعالجة التضخم وسعر الصرف بوصفهما عاملين مؤثرين على الميزان الخارجي ،وكشف عن اتفاقه مع بنك السودان على ضرورة سد الفجوة في الميزان التجاري وتحقيق اقتصاد يقوده الصادر برفع قيمة الصادرات، ووعد بإعلان سياسات الصادر أمام المصدرين نهاية الشهر الحالي أو بداية الشهر المقبل.

المتابع لتصريحات رئيس الوزراء، ووزير المالية، منذ تقلده المنصبين: رئيس الوزراء ووزير المالية يلاحظ أن “معتز” أقر منهجاً جديداً لم يكن متبعاً سواء مع الوزراء أو القضايا الاقتصادية، طابعه الدقة في تشخيص المرض ومن ثم تقديم المعالجات بجانب ضبط زمن العلاج فعلى مستوى الوزراء كان هناك تحديد موعد لتقديم الخطط وعلى صعيد القضايا لجأ كذلك إلى ضبط زمن المعالجات ومن بين ذلك كان تحديد(24)ساعة لاستلام خطط الوزراء وتحديد بضعة أسابيع تراوحت بين (7 إلى8)أسابيع لحل أزمة السيولة. وحديث “معتز” كان وفقاً للزيارة التي قام بها إلى بنك السودان المركزي، ما يشير إلى أن تحديده للزمن تم وفق معلومات حقيقية زودته بها إدارة البنك ،بالنسبة للوزراء من غير المستبعد أن يتخذ “معتز” قرارات صارمة تجاه الوزراء الذين لا يواكبون منهجه الجديد لاسيما أن من بين أسباب حل حكومة الوفاق الوطني كان ضعف أداء وزراء القطاع الاقتصادي أو كما رأى المراقبون .

وأكد محافظ بنك السودان “محمد خير الزبير” في أول زيارة قام بها رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ومحافظ بنك السودان للإمدادات أن مشكلة السيولة ستحل خلال أسابيع من خلال طباعة ورق ، وبحسب حديث خبراء فإن مشكلة السيولة لا تحل إلا من خلال طبع العملة ومن بين هؤلاء وزير المالية الأسبق “عبد الرحيم حمدي” الذي قال في تصريحات صحفية :إن حل مشكلة السيولة تتم عبر تنفيذ البنك المركزي لمعالجات إدارية، تقضي أن يطبع كمية كبيرة جداً من النقود لعدم توفر الكتلة النقدية لإدارة الاقتصاد.

ومن بين القرارات المهمة لرئيس مجلس الوزراء ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي “معتز موسى” في لقائه بإدارة البنك المركزي إعلانه التزام بنك السودان بشراء الذهب بالسعر الحر عبر آليات ومحفظة بنوك أو شهادات أو صكوك بهوامش أرباح مجزية للغاية ترضي المعدنين. وقال :إن البنك إذا استطاع أن يشتري(120) طناً من الذهب بقيمة (5) مليارات دولار سيسد الفجوة الموجودة حالياً في النقد الأجنبي، مشيراً إلى تجربة بنك السودان السابقة عقب انفصال الجنوب وقيامه بشراء ذهب في ذلك الوقت بما يعادل ملياري دولار ساهمت في توفير النقد الأجنبي وحل الضائقة التي مرت بها البلاد بعد الانفصال. خطة “معتز” تجاه الذهب تطابقت مع رؤية طرحها المؤتمر الشعبي في ورقة اقتصادية لم تنشر بعد، دعا فيها إلى شراء الذهب من المعدنين بسعر السوق وإنشاء بورصة ، والورقة أكدت على أن عائد الذهب يمكن أن يسهم في معالجة مشكلة النقد الأجنبي والتدهور الاقتصادي.

فيما أكد الخبير الاقتصادي “عبد الرحيم حمدي” في لقاء حديث وجود خطأ في سياسة بنك السودان لشراء واحتكار الذهب، وقال :هنالك كثيرون يحاولون البيع للبنك بينما المركزي عاجز بسبب عدم توفر السيولة ، وشدد على ضرورة إيجاد إحصائيات حقيقية لإنتاج الذهب، وأشار إلى أن مكافحة تهريب المعدن تقع ضمن مسؤولية الجهات المُختصة، ودعا لإقامة بورصة للذهب، شريطة أن يكون هنالك تدفق، فضلاً عن التخلص من مشكلة سعر الصرف.

فكرة تقنين الذهب التي كشف عنها “معتز” اتفق معه حولها خبراء وسياسيون يرون أن إنتاج السودان من الذهب يمكن أن يحدث موازنة للاقتصاد السوداني إذا كانت هناك رؤية وسياسات واضحة من قبل الدولة وتم التعامل مع المعدنين وفق نظرية السوق الحر.
ويبدو أن وجه الاختلاف بين “معتز” وبين من سبقوه أنه لا يكتفي بالتقارير وإنما يتحرك للتعرف على حجم الأزمة وكيفية الخروج منها وهذا ما فعله مع البنك المركزي، يبقى التحدي الوحيد هو العمل على إنجاز ما أعلنه خلال الفترة المحددة، فهل يستطيع؟.
بنك السودان المركزي أعلن أمس أنه بصدد توفير أوراق النقد للمصارف عن طريق طباعة المزيد من الأوراق النقدية بجانب النظر في إمكانية تعديل التركيبة الفئوية للعملة في إشارة منه إلى طباعة نقود ورقية من فئات أخرى جديدة تتناسب مع معدلات نمو النشاط الاقتصادي.

محافظ بنك السودان المركزي الجديد د. “محمد خير الزبير” ناقش مع مديري عموم المصارف العاملة بالبلاد خلال اجتماع عقده أمس (الأربعاء) الوضع الراهن وواقع عمل المصارف والتحديات القائمة التي تواجه البنك المركزي والجهاز المصرفي والتي من أهمها توفير الأوراق النقدية بالبنوك والعمل على تعزيز الثقة بالجهاز المصرفي.

تقرير : فاطمة مبارك

الخرطوم (صحيفة المجهر)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى