تحقيقات وتقارير

يمارسها مواطنون هذه الأيام .. مقاطعة السلع (المرتفعة)… أسلحة في خانة (الجاهزية)

للمرة الثانية على التوالي في ظرف أيام معدودات بعد إطلاق حملة “مقاطعة اللحوم” نظمت قطاعات واسعة من الناشطين والمواطنين بمختلف قطاعاتهم، حملة مقاطعة أخرى لسلع لا تقل ضرورة عن اللحوم من شاكلة البيض والألبان، بالإضافة للحوم بنوعيها الحمراء والبيضاء في موعد حدد له الرابع من أغسطس الجاري وتستمر الحملة لمدة أسبوع، وذلك بعد الارتفاع الجنوني لأسعار هذه السلع حيث وصل كيلو اللحم الضأني لمائتي جنيه، ومائة وخمسين جنيهاً للعجالي، فيما وصل طبق البيض لسبعين جنيهاً فيما وصل كيلو الفراخ لمائة جنيه أيضاً.

وتنادى نشطاء بمقاطعة “اللحوم والألبان والبيض”خاصة وأن مدخلات هذه السلع تنتج بالداخل ولا يتم استيرادها من الخارج.. ولأن حملة الشهر الفائت والتي امتدت لأسبوع خفضت أسعار اللحوم قليلاً قبل أن ترتفع ثانية لتصل لأرقام غير مسبوقة، لذلك فإن ذات النشطاء أعلنوا للمرة الثانية في غضون شهر حملتهم الثانية للإضراب والتي هدفت لتقليل أسعار اللحوم، الألبان والبيض، وهي سلع حيوية وتنتج بالداخل كما أن سلاح المقاطعة يمكن أن يتلف هذه السلع أو يخسر أصحابها بسبب أنها سلع لا تحتمل التخزين.

كلاكيت ثاني

في يوليو الماضي كانت وسائل التواصل الاجتماعي قد ضجت بحملة مماثلة وإن خصصت الحملة بكاملها لـ”مقاطعة اللحوم” وكانت الحملة قد أعلنت بترويج كبير في الأسافير وقد تضمنت شعارات مثل “الغالي متروك” و”ما دايرين لحم” – وذلك بعد الارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم والتي وصلت لأرقام لم تكن مسبوقة من قبل في بلد يمتاز كأكبر دولة مصدرة للثروة الحيوانية في الوطن العربي، وسبق أن نفذت جمعية حماية المستهلك في العام 2011 مقاطعة للحوم وأعلنت شعار “الغالي متروك”، ورغم أن الحملة لم تحقق المطلوب منها من تخفيض للأسعار إلا أنها نجحت في لفت الانتباه نسبة للغلاء الطاحن الذي يواجهه المواطن من سلع أساسية تنتجها الدولة.

سلاح

دكتور حسين جبريل من جمعية حماية المستهلك – أشار في حديثه لـ”الصيحة “أمس إلى أن حملة مقاطعة السلع الحيوية هي سلاح ناجع للحد من ارتفاع السلع، إلا أنه يتطلب حملة إعلامية واسعة وتوعية للمستهلك حتى يكون مقتنعاً بسلاح المقاطعة وحتى يعلم بكونه جزءاً من المشكلة حيث يكتوي المواطن بنار الأسعار في ارتفاعها غير المبرر، مضيفاً بأن هناك عوامل تؤثر في مدى فعالية المقاطعة، مؤكداً أن المقاطعة التي حدثت في الفترة الفائتة – سواء في شهر يونيو الماضي أو في عام 2011 – أدت نتائجها بخفض الأسعار، وأضاف جبريل بأن سلاح المقاطعة أول ما عمل به كان بمدينة عطبرة، حيث تمت المقاطعة بفعالية كبيرة، وقد وجهت جمعية حماية المستهلك للمقاطعين إسناداً ودعماً أما في المناطق الأخرى فلم يكن التجاوب بذات فعالية عطبرة.

تجاوب

وأضاف جبريل بأن تجاوب المواطنين بالمركز لم تكن بالصورة المطلوبة وربما يعود ذلك لاتساع الرقعة السكانية وضعف الإعلام وتفاوت الأسعار فيها وربما لعدم كفاية الحملات، مؤكداً بأن مقاطعة اللحوم وحدها لا تكفي في ظل الارتفاع المضطرد للسلع الضرورية الأخرى لذلك تم التفكير في مقاطعة البيض والألبان أيضاً، مضيفاً بأن المواطنين هم من نادوا بضرورة عمل حملات لمقاطعة هذه السلع، وعن التجاوب المنشود قال جبريل إن المواطنين قللوا من الكميات المشتراة من السلع الضرورية مضيفاً بأن تخفيض الاستهلاك يؤدي لتقويض النمط الاستهلاكي للمواطنين، مشيراً إلى أن المواطن الذي كان يشترى كيلو من اللحم أسبوعياً سيشتري نصف هذه الكمية في ظل الحملة، وأكد جبريل بأن تقليل الكميات المستهلكة سيؤدي لتقليل الاستهلاك وستعود الخسارة على التجار بسبب بوار السلع وبالتالي سيتأثر التجار بالمقاطعة.

استمرار

وعما إذا كانت الحملة ستتوقف إذا لم تحقق أهدافها المرجوة، قال جبريل بأنهم سيعمدون للاستمرار وحتى إن حققت نصف أهدافها المرجوة، وذلك لأن القليل مع القليل كثير مضيفاً بأن تخفيض المبيعات للسلع الضرورية يمكنه أن يخفض الأسعار أيضاً، وعما إذا كانت الجمعية اتجهت للقطاع الحكومي للضغط على التجار أو اتجهت لتخفيض الضرائب المفروضة عليهم أشار جبريل بأنه لا حياة لمن تنادي، فالحكومة لا تسمع للمواطن ولا تحس بضرره من ارتفاع الأسعار ، مضيفاً بأن الجمعية لا تحتاج أن تخبر المسؤولين بأوضاع الغلاء الطاحن، فالمسؤول أيضاً له أسرة، ولكن الوضع يكون مختلفاً لذوي الدخول العالية وبالتالي فإنهم لا يحسون بارتفاع الأسعار بعكس السواد الأعظم من المواطنين الذين لا يستطيعون شراء هذه السلع الضرورية.

حملة ولكن

المحلل الاقتصادي د. عبد العظيم المهل قال في حديثه لـ”الصيحة” أمس إن السبب الأساسي في ارتفاع أسعار اللحوم والبيض والألبان هو ارتفاع تكلفة إنتاج هذه السلع ،مشيراً إلى استحالة أن يبيع أي تاجر بأسعار أقل من تكلفته ،مضيفاً بأن حملة المقاطعة هذه ستؤدي لانخفاض الطلب على هذه السلع، وبالتالي إذا استمرت الحملة لفترة طويلة تلقائياً سيخفض التاجر أسعاره، أما إذا كانت الحملة لمدة قصيرة يوم أو يومين، أسبوع أو أسبوعين فربما تحمل التاجر الخسائر الناتجة عن الحملة.

تأثيرات

وعزا المهل ارتفاع أسعار السلع الحيوية هذه لانخفاض قيمة الجنيه مقابل العملات الأخرى، فبالرغم من أن هذه السلع مدخلاتها محلية فهي لا تتأثر بالدولار، إلا أنها تتأثر بالصادر فإذا كان سعر الخروف مائة وخمسين دولاراً لصادر الخروف فإن الخروف سيكون سعره سبعة آلاف ونص لذلك يفضل التاجر تصديره على بيعه محلياً، وعن مطلوبات الدولة، قال المهل عليها أن تضبط الأسواق وتخفض الرسوم غير القانونية حتى تخفض أسعار هذه السلع وأن تقف مع المواطن بطريقة مباشرة بتخفيضها للضرائب والرسوم أو بطريقة غير مباشرة بمد التعاونيات بالبيض واللحوم والألبان بفوائد قليلة جداً وبهذا تنخفض أسعارهذه السلع، وعن تخفيض الكميات لهذه السلع قال المهل بأن التخفيض للكميات يمكنه أيضاً أن يقلل الطلب وبالتالي تنخفض الأسعار وقد تقل الأسعار بلجوء الدولة للاستيراد، ولكن هذا الفعل يكلف الدولة عملة حرة وقد سبق أن مارس هذا الفعل الوزير أبو حريرة في ثمانينيات القرن الماضي.

تقرير : نجاة إدريس

الخرطوم (صحيفة الصيحة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى