تحقيقات وتقارير

في انتظار “الأنظمة المرئية” عودة الميرغني.. ما وراء الأكمة ؟

 

رشحت أخبار نقلتها صحف الأمس عن أنباء مؤكدة بعودة زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) ومرشد الطريقة الختمية محمد عثمان الميرغني في التاسع من أغسطس القادم، وغادر الميرغني البلاد قبل خمس سنوات إلى لندن حيث ذهب إليها مستشفياً، ثم عاد ليستقر بداره بمدينة مصر الجديدة بالقاهرة، واستبق نجل الميرغني “أحمد ” وبعض أفراد أسرته وفد المقدمة.

غياب الرمز

ذكر النائب البرلماني عن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل أحمد الطيب عثمان الشهير بالمكابرابي بأن غياب الميرغني عن البلاد أضر بها كثيراً، إذ يمثل الميرغني أحد الأوتاد الممسكة بأطراف البلد، فهو رمز كبير وغيابه يمثّل غياباً للحكمة والعقل، مضيفاً بأن السودان الآن أحوج ما يكون لأبنائه العقلاء .

دلالة التوقيت

وعن دلالة التوقيت، قال المكابرابي إنه من الطبيعي أن يكون الميرغني مع قيادات حزبه وجماهير شعبه، إلا أن غيابه أملته ظروف المرض، إذ ذهب للمملكة المتحدة مستشفياً، ونفى المكابرابي أن تكون أوضاع الحزب المزرية أو أوضاع السودان السياسية السيئة هي التي فرضت على الميرغني ظروف السفر الطويل، لأننا بذلك سنجعله هارباً من القضية الوطنية أو الحزبية، وهو ما لا يمكن، وأضاف المكابرابي بأنه كقيادي بالحزب لا يعلم ما هي أسباب السفر الطويل بعد شفائه من المرض، ولكنه يرجح بأنها ظروف شخصية تحيط به، مضيفاً بأن عودة الميرغني الآن ستجعل الأمور تعود إلى نصابها.

خلافات

وعن الخلافات التي حدثت أثناء غيابه وانشقاق مجموعة (أم دوم) عن الحزب، ورفض قطاع كبير من اتحاديي الأصل مشاركة الحزب في السلطة، قال المكابرابي بأنه أثر غياب الميرغني على أوضاع الحزب بالطبع، وبالتالي حدثت خلافات ما كان لها أن تظهر لو كان موجوداً.

وعزا المكابرابي الخلافات بالحزب لعدم تنظيم الحزب وعدم وجود مؤسسات محكمة في الحزب، مضيفاً بأن الميرغني كان مرجعية للكل، إذ كان يعمل على وأد أي مشكلة في بدايتها، ونفى أن تكون الخلافات التي ظهرت في غيابه بسبب مسائل تنظيمية، وإنما كانت خلافات في مواقف سياسية كبيرة، ولو كان الميرغني موجوداً وقتها لاستطاع أن يعبر بالخلافات إلى بر الأمان، وذلك لتجربته الطويلة في إدارة التناقضات، وقد استطاع من قبل أن يلملم كل تناقضات الاتحادي الأصل في ظل غياب التنظيم في الحزب والفوضى الضاربة بأطنابها في مسألة تنظيم كوادرنا رغم خبرتهم السياسية الكبيرة، لذلك كنا نعول على زعمائنا مثل الميرغني والمرحومين الأزهري والشريف حسين قديماً في إدارة الحزب، وأضاف: لذا استطاع الميرغني أن يعبر بهذه المتناقضات من اليمين للشمال عن طريق سعة صدره وحكمته.

تواصل مستمر

وعما إذا كان هناك تواصل مكثف بين الميرغني ونائبه والميرغني وقيادات الحزب الأخرى طيلة الخمس سنوات لمعرفة الشأن اليومي للحزب، قال المكابرابي إن التواصل بالطبع كان موجوداً بين الميرغني وابنه حول إدارة شؤون الحزب، ولكن بعد ذلك تأتي رؤية كل شخص على حدة، فالميرغني لديه خاصية (الأنظمة المرئية)، وهي مفردة يصوغها الميرغني أثناء حديثه مع المقربين منه وبها يستطيع أن يدير الحزب .

مدرسة مختلفة

وعن مدى رضا الميرغني عما فعله نائبه من فصل قيادات لها عطاء أكثر من خمسين عاماً، ووصفهم بـ”الدواعش” قال المكابرابي بأن الحسن مدرسة أخرى تختلف عن مدرسة أبيه، فهو حاول أن يظهر بمظهر جديد، ولكنه ربما لم يستطع أن يعبر بتجربته لنهاياتها، لأنه وجد نفسه في صراع مع مجموعة لها خبرات طويلة ولها أطراف موجودة بالدولة العميقة، أضافة لوجود علاقات أخرى للميرغني الكبير مع هذه القيادات، ونفى المكابرابي أن يكون الحسن الميرغني طرح كل هذه الأفكار ليكون بديلاً للميرغني الكبير أو أن يكون ساقه حماس الشباب لفصل هؤلاء القيادات، مضيفًا بأن لكل منهما رؤيته الخاصة فالحسن ظهر كزعيم شاب يمكن أن يعول عليه مستقبلاً من خلال ارتباطه بتقاليد المدرسة الصوفية وباعتبار أنه جزء من الأسرة الميرغنية، وهذا من شأنه أن يخلق له أرضية كبيرة يمكنها أن تخلق له رضا شعبياً، بالإضافة لكونه واحداً من القيادات الشابة التي لها نشاط ملحوظ، كما له علم فهو أحد خريجي الجامعات الأمريكية، إضافة لتجربته الحالية كمساعد لرئيس الجمهورية، وكل هذه الأشياء يمكن أن تكون في صالح الميرغني الصغير.

تكهنات

وقال مصدر مطلع لـ”الصيحة” أمس، إن خبر عودة الميرغني في الموعد الذي أعلنت عنه الصحف في التاسع من أغسطس يظل تكهنات فقط، مضيفاً بأن عودة ابنه وأفراد من أسرته لا تعني عودته المؤكدة. مضيفًا بأنه لو صح خبر عودته فستكون للخطوة ما بعدها، مضيفاً بأن الميرغني ظل يدير الحزب من مهجره، وأضاف المصدر “فضل حجب اسمه” أن المؤتمر الوطني لن يسمح للميرغني بأي حوار سياسي جامع، لان ذلك سيؤدي لتفكيك دولته، مضيفاً أن الميرغني يبحث عن وفاق قُبيل قيام الانتخابات، مؤكدًا أن ما يفعله الميرغني سيؤدي للحفاظ على مكونات الوطن.

ترحيب بالعودة

الكاتب والمحلل السياسي د. عبد اللطيف البوني، قال في إفادته لـ”الصيحة” أمس بأنه يرحب بعودة الميرغني ويتمنى أن يصدق الخبر، مؤكداً بأن عودة أي زعيم سياسي خطوة للأمام في إثراء الحراك الداخلي، منادياً بضرورة تكوين منبر سياسي لمعالجة قضايا البلاد، وأضاف البوني بأن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل هو في حالة لا يحسد عليها بحيث تنقصه القيادة الحكيمة ويظهر التمزق فيه أكثر من أي حزب آخر، وبالتالي عودة الميرغني ستسنده كثيرًا ، لذلك عودة الميرغني مهما كان رأينا فيه أو في حزبه ستخدم الحركة السياسية الداخلية.

كاريزما عالية

وعما إذا كان عمره وصحته ستساعده في إدارة الحزب مستقبلاً، قال البوني إن كاريزما الميرغني عالية جداً بغض النظر عن صحته وعمره، أما مدى لياقته فهو لا يعلم شيئاً عنها، ولكنه يؤمل في رمزيته الكبيرة.

أزمات

وعن الأزمات التي يراها البوني في أحوال الحزب قال إن أحوال الحزب الاتحادي “الأصل ” لا تخفى على المراقبين، فالحزب يعاني من أزمة قيادة ففيها اضطراب وفوضى وفيها صراع الشيخ الختمي مع قدامى الاتحاديين، وكذلك هناك صراعات الاتحاديين مع الأحزاب المنشقة منهم سواء الاتحادي المسجل أو الوطني الاتحادي، وكلها صراعات للاتحاديين ربما جاءت لغياب الميرغني عن المشهد السياسي .

تقرير :  نجاة إدريس

الخرطوم (صحيفة الصيحة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى