تحقيقات وتقارير

السودان ودائرة متلازمة العوز الإقتصادي…المسير الصعب

تداعيات الأزمة الإقتصادية التي صارت واقعاً لامس المطلوبات الأساسية للأسر تعود آثاره لنهايات العام الماضي وبدأ ذلك جلياً في عدد من تصريحات المسئولين، والأزمة الآن صارت تضرب في اللحم الحي كما يقولون وفي الأثناء أكد المؤتمر الوطني نجاحهم في إمتصاص آثار الإجراءات الإقتصادية على الفقراء عبر تدابير وبرامج تكافلية وتعاونية يتم تنفيذها عبر الجهات ذات الصلة فهل يحدث ذلك مردود يزيل الضائقة المعيشية حقيقة أم تكون تلك التدابير وغيرها في منظومة الطواف حول دائرة متلازمة العوز الإقتصادي…

تنبؤات بالأزمة

في اجتماع برئاسة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير في الرابع عشر من أكتوبر الماضي أمّن المكتب القيادي للمؤتمر الوطني على الموجهات الرئيسية للميزانية وضرورة التوجه نحو رفع الإنتاج والإنتاجية والمضي قدماً في سياسة السوق الحر وتشجيع القطاع الخاص وتهيئة البيئة الاستثمارية في وقت وصف فيه قيادي الوطني قرار الإدارة الأميركية القاضي برفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد بأنه خطوة كبيرة في الإتجاه الصحيح لتحسين علاقات السودان على المستوى السياسي والإقتصادي و وإستمع المكتب في ذلك الإجتماع لتقرير حول موجهات الموازنة الجديدة للعام 2018م وصرّح نائب رئيس الحزب إبراهيم محمود للصحف الصادرة صبيحة اليوم التالي إن المكتب القيادي دعا السلطات التنفيذية ذات الصلة بالإسراع في إنجاز برنامج الإصلاح الضريبي، وزاد أن الاجتماع وجه بأن تصوّب كل الجهود لزيادة الإنتاج الصادر ومخاطبة القضايا الرئيسية التي تواجه الإقتصاد السوداني والتي أكد أنها لا تحل إلا بزيادة الإنتاج والإنتاجية وزيادة الصادر وقال نائب رئيس الحزب إن قرار رفع العقوبات عن السودان ستكون له آثاره السياسية والاقتصادية في المستقبل، وأن القرار بداية لمشوار استمرار الاتصال بالولايات المتحدة والدول الأخرى حتى يتم حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإعفاء الديون واستمرار النقاش حول القرارات التي تكبل الاقتصاد السوداني.

حل جذري…

الخبير الإقتصادي عبد الله الرمادي قال إن معالجات أوضاع الفقراء بما يتماشى مع الضغوط الإقتصادية يكون إما بزيادة رواتب الطبقات الدنيا للعاملين في القطاعين العام والخاص وذلك الحل أثبت فشله من خلال التجارب العملية أو أن يكون بتنزيل فكرة التعاون للواقع في ظل غياب الدولة عن متابعة الأسعار والإقتصاد بشكل عام الذي يبدو في غيابها عن متابعة أسعار السلع وتقوم فكرة التعاون بشراء الدولة المنتج وبيعه حسب قنوات التوزيع للمواطنين وبذلك تكون قد حلت مشكلة غلاء الأسعار ووقفت إلى جانب المواطن.
ويضيف الرمادي أن مشكلة غلاء الأسعار تنجم في الأصل بسبب المشكلات الإدارية التي تسببت فيها الحكومة بحجة واهية إثر تطبيقها الحرية الإفتصادية بحيث ترفع يدها من السوق مما أدى لتكاثر مافيا الأسعار بأصنافها المختلفة بما في ذلك الدولار والسلع المتخصصة وبينها الخضر والفاكهة واللحوم وكافة الأصناف التي لا يمكن للمواطن الإستغناء عنها ويقول الرمادي أن إفادته مبنية على الواقع حيث أنه وعلى سبيل المثال يبيع تجار البطيخ الواحدة منها بمبلغ خمسة جنيهات في الصباح فيما يرتفع السعر لعشرة أضعاف ذلك بحلول المساء محتمين بغياب سيطرة الحكومة وإنشغالها عن متابعة ما يجري في السوق.

طعن الفيل…

ويرى الرمادي أنه بالرغم من المشكلات الكبيرة التي يحكيها الواقع إلا أن تجربة ولاية الخرطوم بإنشائها شركة للأمن الغذائي لتوفير السلع الضرورية بدأت في التطبيق حسب قوله خلال الفترة الماضية ويقيّم الرمادي التجربة بأنه سيكون لها مردود إيجابي مؤثر على المدى المتوسط. وطرح الرمادي أثناء حديثه لــ(كوش نيوز) تساؤل فحواه لماذا يحدث الغلاء في الأصل؟ وإنبرى ليجيب عنه بقوله أنه لابد من الوقوف وجها لوجه أمام المسببات والتي تشمل إرتفاع معدل التضخم حيث بلغ عجز ميزانية العام الحالي بنسبة (2.4%) وهي نسبة غير مسبوقة سببها الأساسي الترهل في الإنفاق الحكومي وزاد الرمادي أن الحلول لا تكون إلا بمعالجة الأسباب وليس البحث عن مهدئات في كل مرة ولخص الرمادي رؤيته بأنه في كل مرة يشعل مسئولونا النار ولا يعرفون كيفية إطفائها وشبه الوضع الحالي للإقتصاد بأنه كصنبور الماء الذي يصب مياه غزيرة بسبب خلل فيه وبدلا عن معالجة الخلل يمضي الناس لتجميع المياه.

المشكلة تفاقمت..

الخبير الإقتصادي دكتور محمد الناير قال إن الدولة إستعجلت إصدار سياسات إقتصادية للعام 2018م مما كان له الأثر الكبير في إرتفاع المستوى العام للأسعار وحسب قوله فإنه كان من المفترض أن تتم قراءة ما تم في نوفمبر الماضي من إرتفاع لسعر صرف الدولار الذي بلغ (28) جنيهاً حيث قامت الرئاسة وقتها بإجراءات لم تحقق الهدف المطلوب .

ففي أقل من شهر من في موازنة 2018م إرتفع سعر صرف الدولار من (18) جنيه ما بين (24 ــ25) جنيه ولم تحل المشكلة بقفزه إلى (32) جنيه ويخلص الناير من كل ما تقدم إلى أن السياسة لم تعالج قضية السوق الموازية ما ادي الي اتساع الفجوة بين الدولار الجمركي وزادت الاسعار في مستواها العام بنسبة (100%) ولم تحدث إستجابة من القطاع الخاص عندما حاولت الدولة إجراء تخفيضات على بعض السلع لتخفف وطأة الضغط على المواطن والدليل أن الأسعار زادت في كل السلع بما في ذلك السلع التي تم إلغاء الجمارك عليها وهذا كله ملخص للسياسة الإقتصادية 2018م وفي السابق بعد إعلان سياسة التحرير الإقتصادي في العام 1992م والتي تم تطبيقها بشكل خاطئ ولم تجد التقييم والتقويم من الدولة حيث أنه من المفترض أن تتابع الدولة قائمة الاسعار للسلع التي يتم إنتاجها داخلياً وتلك التي تستورد من الخارج وتقوم بمراقبتها بصورة دورية لتكون على أقل تقدير على علم بما إذا كانت هناك سلعة تطرح في السوق بغير سعرها الأساسي لتتم السيطرة على الأمور أول بأول ويرى الناير أن الدولة لم تقم بدورها الذي يفترض أن تلعبه في متابعة تنزيل سياسة التحرير الإقتصادي حيث أن المركز يتعلل بأن كثير من الأمور تقع تحت مظلة الولايات فيما لم تقم الأخيرة بدورها لتكون النتيجة الوصول إلى ما نحن عليه الآن ويختم الناير أن الأسعار كان يمكن أن تستقر في معدلات منخفضة كثيراً عن ما هي عليه اليوم.

 

حنان كشة
الخرطوم (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى