تحقيقات وتقارير

“زيادة جديدة” في تعريفة المواصلات … هل تجفف السوق الأسود للسماسرة

“زيادة جديدة” بعد شهرين من الزيادة الأولى تعلن غرفة النقل عن رفع قيمة تذاكر البصات بين الولايات بنسبة “60 %” وهو ما يضيف عبئاً جديداً على المواطنين فيما يظل السؤال.. هل تتوفر المواصلات في العيد؟

في أبريل الماضي كانت الأخبار تؤكد على ارتفاع أسعار التذاكر السفرية بين الخرطوم والولايات، حيث ارتفعت قيمة التذكرة بين الخرطوم والفاشر من 350 جنيهاً إلى 550 جنيهاً، حمل صاحب باص بالسوق الشعبي أم درمان مسؤولية الزيادة للحكومة، وتوقع ارتفاعاً جديداً، وقال إن الحكومة رفعت سعر (المنفستو) – الذي تلزم به السلطات أصحاب البصات السفرية لتسجيل أسماء المسافرين فيها – إلى مبلغ 33 ألفاً بدلا من 15 ألفاً في الشهور الماضية. كما زادت أختام التذاكر إلى 25 جنيهاً ما تم التبشير به في أبريل يتحقق في بداية يونيو، حين أعلنت غرفة أصحاب البصات السفرية عن زيادة جديدة يبدأ تطبيقها من اليوم بلغت نسبة 60 %، المفارقة أن الزيادة هذه المرة جاءت عبر توصية لورقة تقدم بها أصحاب البصات ووافقت عليها الحكومة التي قللت نسبة 76 % التي طالب بها المستثمرون في النقل إلى نسبة 60 % يتم تقسيمها على مرحلتين.

منشور الزيادات الذي تمت إجازته أمس وتداوله على مستوى الوسائط الإعلامية تقرأ فيه العبارة المنسوبة للحكومة هكذا (نوافق على الورقة على أن تكون الزيادة بنسبة 60 % وأن يتم تطبيقها على مرحلتين بين العيدين، وهو ما اعتبره البعض استغلالاً لظروف الناس المجبرين على قضاء عطلة العيد بين أسرهم في الأقاليم، فيما يظل السؤال الرئيسي هو ذلك المتعلق بأسباب الزيادة في أسعار التذاكر.
في أوقات سابقة اعتاد المواطنون على زيادة أسعار التذاكر في موسم العيد وفقاً لمبررات أن أصحاب البصات يغادرون العاصمة بركاب فيما يعودون بلا ركاب من هناك، وهو أمر استدعى أن يدفع المواطنون قيمة الرحلة الفارغة بتمام الموافقة وحتى هذه القيمة الجديدة كانت إمكانية الحصول على تذكرة عبر الطرق الرسمية أمراً بالغ الصعوبة.
فيما يتعلق بارتفاع قيمة التذاكر فإن الأمر يتم رده بشكل مباشر للواقع الاقتصادي المعاش الآن المرتبط بأزمة الوقود في الفترة السابقة، لدرجة أن تذكرة السفر للفاشر وصلت إلى حوالى ألف جنيه، وهو ما يرجعه الكثيرون لبروز ظاهرة السماسرة التي تعبر في المقابل عن غياب قيمة المتابعة من الأجهزة الرسمية. المفارقة أن خطاب الزيادة الجديدة موصي بأن تذهب صورة منه لإدارة الأمن الاقتصادي باعتباره المؤسسة المنوط بها ضبط السوق والحفاظ على حقوق المواطنين.

زيادة قيمة التذاكر للبصات السفرية تقرأ أيضاً في سياق ما كان قد صرح به قبل يومين وزير المالية داخل البرلمان الفريق الركابي الذي أكد على عجزهم في إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية من خلال عجزهم عن توفير تمويل بالصاح أو بالكضب دون النجاح في تحقيق هذا الأمر، وأن من يعد بمعالجة الأزمة الاقتصادية في ظل الأوضاع الراهنة يغش نفسه والآخرين.

لا يتجاوز الوزير بث روح الأمل في إيجاد معالجات لكنه أمر مرتبط بشكل كبير بانتهاج السودانيين لفضيلة العمل المنتج، وهو ما يفرض سؤالاً آخر كيف يتم الإنتاج في ظل الأوضاع الراهنة وفي ظل وجود سياسة اقتصادية تقوم في الأساس على تمويلها عبر جيوب المواطنين؟
مثل العادة فإن أصحاب البصات السفرية وغرفتهم الخاصة يلقون باللائمة على السياسات التي تنتهجها الحكومة ويؤكدون على أنهم مجبرون على اتخاذ مثل هذه الخطوة في ظل ارتفاع التكاليف التشغيلية وارتفاع أسعار كل الموارد في البلاد، فلا سبيل غير الزيادة التي يأملون في أن تساهم في حل الضائقة الخاصة بتوفر مواعين النقل في عطلة العيد.

بالطبع الزيادة الجديدة في أسعار التذاكر قد تفرز سؤالا آخر يتعلق بمدى قدرة المواطنين على مقاومتها وحول ماهية ردة فعلهم عليها؟ بالنسبة لأحد الموظفين بحسب جريدة اليوم التالي الصادرة يوم الأحد فإن الأمر قد تجاوز طاقتهم على التحمل لكنهم في المقابل يظلون مجبرين على دفع الزيادات باعتبارها فاتورة واجبة السداد من أجل معايشة فرحة العيد بين دفء الأسرة والعشيرة، لكن لا يغادر مكانه دون أن يطرح تساؤلاً آخر يتعلق بمدى قدرتهم على توفير قيمة التذاكر ودفعها لأصحاب البصات في ظل أزمة السيولة الراهنة، وهو ما يجعل القرار الجديد يماثل ذلك الذي ألقوا به في البحر وقالوا له إياك أن تبتل، لا سيولة في الجيوب وفي الوقت نفسه زيادة هائلة في كافة الأسعار، مما يعني أنه لا أحد بإمكانه أن يتذوق حلاوة العيد في ظل هذه المرارات المتتابعة والتي لا تنتهي، ومثل الذي بدأ وكأنه متعايش مع مرارة الواقع يتمنى الموظف فقط أن يحصل على التذاكر بقيمتها الجديدة من الشبابيك وألا يضطر أن يدفع قيمة جديدة للسماسرة من أجل الحصول عليها.

الخرطوم (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى