تحقيقات وتقارير

عقب استياء رئيس الوزراء .. علاقة البرلمان والحكومة.. هل ينقصها التنسيق؟

لم تكن ملاحقات القوى السياسية لإنفاذ مخرجات الحوار أو التدهور الاقتصادي ومساعي السيطرة عليه هما ما تتعرض بسببهما حكومة الفريق أول ركن بكري حسن صالح لموجة غير مسبوقة من الانتقادات المصوبة وحملة من انعدام الثقة في الوزراء.. لم تكن كل تلك المشكلات التي تجابه حكومة الوفاق الوطني، لتخرج رئيس الحكومة من صمته وهو يرسل انتقادات شديدة اللهجة للممارسة البرلمانية الإجرائية الخاصة باستدعاء الوزراء دون علم وإحاطة رئيس مجلس الوزراء.

إفادات الفريق أول بكري حسن صالح في اللجنة الخاصة بالبرلمان فتحت الباب أمام تساؤلات عديدة حول طبيعة العلاقة بين المجلس الوطني وجهاز الحكومة التنفيذي، سيما في ظل ما يكتنف المشهد الحكومي من مظان عديدة بأن ثمة من يعمل عبر مؤسسات الدولة الرسمية وعبر وسائل الإعلام في إفشال حكومة الجنرال بكري وإظهارها أمام الرأي العام بمظهر الضعف وفشل برنامج الحوار الذي جمع أكثر من (70) وزيراً ووزير دولة يمثلون أحزاب وحركات عديدة.

استياء بكري ورد رئيس البرلمان

بيد أن ما هو مؤكد أن الذي دفع رئيس الوزراء للحديث بتلك النبرة الحادة حضوره مع كامل وزراء حكومته ونوابه للبرلمان لحضور اجتماع اللجنة الطارئة عن السياسات العامة وإنفاذ مخرجات الحوار، وفي أثناء انعقاد الجلسة كان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الاستثمار مبارك الفاضل على موعد للمثول أمام لجنة الصناعة والاستثمار بالبرلمان برئاسة عبدالله علي مسار، وحينما استأذن مبارك من الفريق بكري اعترض الأخير على ذلك خاصة وأن الوزراء أتوا معه للبرلمان لاجتماع مهم يفترض أن يكون فيه حضور كل رؤساء اللجان وليس رئيس لجنة يعقد اجتماعاً في ذات الموعد، وهو ما اعتبره بكري عدم احترام له ولوزراء حكومته، وقال قولته (أنا رئيس وزراء في نظام رئاسي وليس برلماني) وعد الخطوة بأنها عدم تقدير لرئيس الوزراء وعدم تقدير للجهاز التنفيذي.
رئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر بدوره أكد أمس الأول على أن هناك مواداً في الدستور تنص على مسؤولية مجلس الوزراء أمام البرلمان، وأن للمجلس سلطة في استدعاء رئيس مجلس الوزراء والوزراء الاتحاديين. وأضاف رئيس البرلمان في اجتماع قيادة المجلس الوطني، إن هناك تعاوناً وتنسيقاً كاملين بين الجهازين التشريعي والتنفيذي.

التشريعي والتنفيذي.. فحص العلاقة

العلاقة بين البرلمان والجهاز التنفيذي باعتقاد بعض المراقبين يشوبها شيء من الغموض في ظل تعديلات دستورية محدودة أجريت عقب استحداث منصب رئيس وزراء في ظل نظام رئاسي، برغم وضوح المادة 91 من سلطات الهيئة التشريعية القومية التي تتمتع بحق الرقابة والمحاسبة، إلا أنها لا تستطيع إعفاء وزير من الحكومة وإنما توصي رئيس الجمهورية بتغيير الوزير. ولتنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية خاصة في السنوات الماضية تم تخصيص مكتب خاص بالبرلمان يقيم فيه وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء طارق توفيق الذي كشف في حديثه لـ(السوداني) الصادرة يوم السبت ، أن خارطة عمل الوزراء من بيانات ومثول أمام البرلمان يتم إعدادها من قبل الجهاز التنفيذي قبل ثلاثة أشهر من بداية الدورة البرلمانية، وأنهم في هذه الدورة فعلوا ذلك حيث نوقشت خارطة الوزراء في فبراير الماضي مع رئيس المجلس الوطني، ويوضح توفيق الخلل فيما حدث، مشيراً إلى أن بعض اللجان تستدعي الوزراء مباشرة وأن أسئلة طلبات الإحاطة يطلبها عادة رئيس البرلمان من رئيس الوزراء.
ويؤكد توفيق التزام رئيس الوزراء بهذه الطلبات وأنه يقوم بمتابعة وصول الوزراء للبرلمان ويتلقى تقارير أسبوعية عن الأسئلة التي تمت الاستجابة لها. ويؤكد توفيق أن العلاقة بين الجهازين التنفيذي والتشريعي في أفضل حالاتها وأن جميع الوزراء يقدمون خطط وبيانات وزاراتهم في مواعيدها المقررة. وكشف عن تقديم 29 وزارة لبياناتها وخططها باستثناء وزارتي رئاسة الجمهورية والحكم الاتحادي، وأشار إلى أن الدورة السابقة شهدت نحو 70 سؤالاً وطلب إحاطة غير دعوات اللجان منها 53 بياناً أمام المجلس و17 تم تأجيلها، فيما بلغ عدد الأسئلة المطروحة من النواب إلى الوزراء 20 سؤالاً حتى الآن.

أبرز استدعاءات بكري

شهد البرلمان موجة حركة نيابية نشطة خاصة مع مطلع العام الحالي، تمثلت في طلبات استدعاء وزراء عديدة دفع بها النواب لرئيس البرلمان، شملت حتى النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء القومي بكري حسن صالح حيث مثل 25 إبريل الماضي المرة الأولى التي يتسلم فيها طلب استدعاء رسمي للبرلمان تقدم به النائب عن حركة الإصلاح الآن د. فتح الرحمن فضيل وعنون الاستدعاء بطلب إحاطة حول الوضع الاقتصادي. إلا أن الطلب الأبرز لاستدعاء بكري؛ هو الذي تقدم به النائب المستقل بكري عبد الله سلمة لاستدعاء رئيس الوزراء لمساءلته حول إبرام الحكومة صفقة شراء صوامع أمريكية كندية بقيمة 170 مليون يورو في ظل وجود عرض بيلاروسي تركي بأقل من نصف هذه التكلفة. وأوضح سلمة أنه حسب ما نما إلى علمه فإن الدولة عبر رئيس الوزراء ونائبه وزير الاستثمار مبارك الفاضل تعمل الآن على شراء صوامع كندية أمريكية بطاقة تخزينية تبلغ مليون و100 ألف طن بقيمة 170 مليون يورو، لافتاً إلى وجود عروض بيلاروسية وتركية مقدمة لوزارة المالية أقل بكثير من هذا العرض.

وزراء أمام البرلمان

حملة الاستدعاءات منذ إبريل الماضي وحتى أمس الأول شملت أكثر من (15) وزيراً اتحادياً بعضهم تردد لأكثر من مرة ووقف أمام البرلمان إما مجيباً على مسألة مستعجلة أو مقدماً لطلب إحاطة، وقد كان لوزراء القطاع الاقتصادي النصيب الأكبر من تلك الاستدعاءات.
ففي السابع من إبريل استدعى البرلمان محافظ البنك المركزي ووزيري التجارة الخارجية والصناعة وظل وزير المالية محل استدعاء دائم من قبل النواب منذ يناير الماضي بسبب غلاء الأسعار وتدهور العملة الوطنية وارتفاع قيمة مواد البناء وندرة السلع الأساسية، أما وزير الداخلية السابق حامد منان مثل في مايو الجارى أمام البرلمان حول العطش بمناطق التعدين وقبلها استدعي الوزير حول أحداث الفادنية.
وفي مارس الماضي تقدم أحد النواب بمسألة مستعجلة لوزيرة التربية والتعليم العام حول تسرب امتحان الكيمياء، وفي السابع من مارس الماضي أيضاً مثل وزير المعادن السابق للإجابة على سؤال حول أحداث منطقة السنقير بولاية نهر النيل. وفي إبريل الماضي، مثل الوزير مرة أخرى للإجابة على سؤال حول تهريب الذهب، وفي منتصف إبريل الماضي استدعى البرلمان وزير الخارجية السابق إبراهيم غندور للإجابة على سؤال حول مدينة حلايب. وقد شهد مثول الوزير أمام البرلمان آخر ظهور رسمي له إذ أعفي من منصبه لحديث أدلى به أمام النواب حول أزمة مرتبات البعثات الدبلوماسية بالخارجية كان قد تقدم بها ورفض بنك السودان المصادقة عليها وقد أتت إفادة غندور عقب إجابته عن سؤال حول حلايب.
أما وزير الدفاع الفريق أول ركن عوض ابنعوف ربما يعتبر ثاني أكثر وزير يتلقى طلبات استدعاء أمام البرلمان حيث ظل وزير الدولة بوزارة الدفاع الفريق أول ركن علي محمد سالم يمثل وزير الدفاع، وقد حضر الفريق علي سالم منذ بداية العام وحتى مايو الجاري نحو (5) مرات كان أهمها مثوله في الثاني من مايو الجاري حول طلب عدد من نواب البرلمان سحب قوات الجيش المشاركة في التحالف العربي من اليمن إلى جانب مثوله في الرابع عشر من مايو للإجابة على مسألة مستعجلة حول أحداث جبل مرة.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى