تحقيقات وتقارير

حاتم وكرتي عدم قبول التكليف … اعتذار أم مغاضبة؟

عقب انفضاض سامر اجتماع المكتب القيادي للمؤتمر الوطني، خرج على الصحافة د. فيصل حسن إبراهيم متحدثًا عن تعديلات في الوزراء والدولة والولاة لم يفصح عنها في الحين واعدًا بأن يكون صباح الإثنين هو موعد الإعلان الرسمي . تأخير إعلان الأسماء بصورة فورية جعل موجة من التكهنات تندلق على باحة الأسافير وبدأت قوائم المرشحين الجدد للمناصب تطرق أبواب الصحف والميديا عندئذ أشيع على نطاق واسع أن علي كرتي وزير الخارجية السابق كلف بمنصب والي البحر الأحمر وأن محمد حاتم سليمان كلف بمنصب والي غرب كردفان ومضوي إبراهيم بمنصب وزير المعادن ومساء اليوم ذاته خرج التشكيل الوزاري للعلن دون أن يحوي أسماء كرتي وحاتم سليمان ومضوي مع الإبقاء على مواقعهم شاغره بعد إعفاء أسلافهم.

حالة خاصة

مضوي إبراهيم كان من أبرز الناشطين في ملف الحوار الوطني وهو شخص يحمل مؤهلات عالية في الهندسة. قبل أن يمضي الحوار إلى غاياته، اعتقل مضوي إبراهيم وأرسل إلى السجن حبيساً تلاحقه تهم التجسس. بعد شهور من الاعتقال أفرج عنه بقرار من رئيس الجمهورية ليتنسم عبق الحرية. و لم يمض طويل أمد على إطلاق سراحه، حتى أشيع أن مضوي سيكون وزيرًا للمعادن. بيد أن مصادر رجحت اعتذار مضوي عن عدم قبول المنصب وما يعضد فرضية اعتذار مضوي هو بقاء وزارة المعادن شاغرة دون وزير حتى هذه اللحظات بعد إعفاء البروفيسور هاشم علي سالم الذي نقل لرئاسة الوزارة كوزير مسؤول عن ملف الحوار الوطني. في السياق يرى مراقبون أن حالة اعتذار مضوي تختلف عن حالة كرتي وحاتم سليمان لجهة أنهما على التزام تنظيمي عالٍ يقتضي قبول التكليف دون (لجلجة) ؛ بينما يعد اعتذار مضوي طبيعيًا لجهة أنه كان رهن الاعتقال حتى وقت قريب.

اعتذار سليمان

نائب والي الخرطوم الحالي وعضو المكتب القيادي، محمد حاتم سليمان، قضت مخرجات المكتب القيادي، التي أعلنت فجر الاثنين الماضي، بإرساله إلى ولاية غرب كردفان بعد نقل واليها أبوالقاسم بركة لولاية النيل الأبيض، إلا أن الأنباء الواردة أشارت إلى اعتذار محمد حاتم عن عدم قبول التكليف مفضلًا البقاء بالخرطوم. في السياق كشف مصدر مقرب من محمد حاتم (للصيحة)الصادرة يوم الاربعاء عن تدخل جهات عليا في عملية تكليف محمد حاتم وطالبت بالإبقاء عليه بالخرطوم بل يشير المصدر إلى أن والي الخرطوم الفريق أول ركن عبدالرحيم محمدحسين كان حريصًا على بقاء حاتم سليمان إلى جواره بعد الانسجام الكبير الذي حدث بينهما في الفترة الماضية وتنفيذ عدد من المشاريع أبرزها “زيرو كوش” عطفًا على الاجتهاد في البناء التنظيمي لحزب المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم؛ كل هذه الحيثيات ربما دفعت لاعتذار محمد حاتم عن عدم قبول التكليف والبقاء بالخرطوم لمواصلة إنجاز بعض المشاريع بصحبة عبدالرحيم محمد حسين.

اعتذار من على البعد

في السياق ذاته تسربت أنباء عن تعييين علي كرتي والياً للبحر الأحمر بدلاً عن اللواء أمن علي حامد بيد أن كرتي المتواجد بتركيا حالياً أرسل اعتذاره من الخارج رافضاً العمل بواجهة العمل التنفيذي التي غادرها قبل ثلاث سنوات فخلق رفضه فراغاً في ولاية البحر الأحمر التي أعلن عن إعفاء واليها. في الصدد يشير مصدر بالمؤتمر الوطني لـ(الصيحة) أن كرتي أصبح عازفًا عن العمل التنفيذي بعد مغادرة وزارة الخارجية وأنه على استعداد للقيام بأي مهام خاصة تأتيه من رئاسة الجمهورية.

تحفظ واتعاظ

محلل سياسي قريب من الحزب الحاكم، فضل حجب اسمه، أرجع لـ”الصيحة” اعتذار علي كرتي عن عدم قبول منصب والي البحر الأحمر إلى عدة اعتبارات منها أن كرتي مازال في نفسه شئ جراء إعفائه من وزارة الخارجية ولا يريد أن يتكرر معه ذات السيناريو في البحر الأحمر لذا فضل الاعتذار عن قبول المنصب. وحول اعتذار محمد حاتم ، قال المحلل السياسي إنه لا يرى سببًا مقنعًا لرفض أو اعتذار محمد حاتم عن التكليف خاصة وأنه يحظي بدعم كبير من الرئيس البشير وربما يجلب له هذا الاعتذار سخط الرئيس نفسه.

دهشة كبرى

حول اعتذار كرتي ومحمد حاتم يقول الكاتب الصحافي والمحلل السياسي، دكتور ياسر محجوب الحسين، لـ”الصيحة” إن كليهما -علي كرتي ومحمد حاتم- من العناصر الصلبة التي يُعتمد عليها ويعتبران أهل ثقة لدى حزب المؤتمر الوطني؛ ولذا يعتبر اعتذارهما مثيراً للدهشة والحيرة. فإن كان لغيرهما أن يعتذر لأسباب منها عدم مناسبة الموقع لهم أو عدم الالتزام الصارم بالتوجيهات والقرارات التنظيمية، إلا أن الوضع يختلف لكليهما. فالالتزام التنظيمي كان يحتم عليهما قبول التكليف. وأضاف” حتى لو قلنا إن تكليفهما هو قرار المكتب القيادي للوطني لكن في النهاية الاعتذار ليس مستساغاً في حق الرئيس الذي يعتبر قرار القيادي قراره”.

ويضيف ياسر بقوله” كرتي الذي كان أميراً لقوات الدفاع الشعبي، معروف بالصرامة والاعتداد برأيه ومباشر في التعبير عنه، وقد استهل فترته في وزارة الخارجية بتصريح غداة توليه المنصب، في 17 يونيو 2010، قال فيه إن (مصر لم تعد تعرف أي شيء عن قضايا الشأن السوداني)”. وقد أثار التصريح حفيظة وزير الخارجية المصري آنذاك وطلب من الخرطوم تفسيراً لحقيقة انتقادات دورها في القضايا السودانية. وقال كرتي في مؤتمر صحفي مشهود في 8 سبتمبر 2010، علق على ما أوردته صحيفة واشنطن بوست عن إعداد إدارة أوباما لحزمة من الإغراءات والعقوبات لتحفيز السودان على إجراء استفتاء تقرير المصير بالجنوب، فقال “كلام واشنطن “قلة أدب”، وهذا الاعتداد الشديد بالنفس مقرون باحتمال مغادرته للخارجية مغاضباً وربما يفسر اعتذاره عن منصب والي البحر الأحمر ولا يريد أن يكون في موقف قد يتكرر ثانية ومضي قائلاً “وهنا غلبت صفاته الشخصية على الالتزام الحزبي”.

ودٌ ظاهر

أما محمد حاتم فإن أمره كان أكثر دهشة لأنه محسوباً من خاصة الرئيس وبينهما ودٌ ظاهر وحتى آخر لحظة كان يشعر بالرضا بعد تعيينه نائباً للوالي ولرئيس الحزب بالولاية على عكس كرتي. وينظر إلى حاتم في تنظيمه على أنه رجل المهام الصعبة ويهتم بالتفاصيل الصغيرة، ولا يقاس اليوم عنده بالساعات، بل بالإنجازات. وإن تجاوزنا الأمور الشخصية فإن اعتذار القياديين يشير إلى عدم الثقة في إنجاز الحكومة الجديدة المعدلة وارتباك داخل منظومة حزب المؤتمر الوطني كما أنه تحدٍّ كبير لنائب رئيس الحزب الجديد فيصل حسن ابراهيم.

أبرز المرشحين

من الأسماء التي برزت كبدائل عن كرتي ومحمد حاتم سليمان اسم فضل المولي الهجا ومحمد مصطفي الضو لتعيينه بديلاً من حاتم فكلاهما من ولاية سنار وتبدو حظوظ محمد مصطفي هي الأكبر بعد الاستغناء عن الهجا مؤخراً، في السياق برز اسم مدثر عبدالغني باعتباره القادم من ولاية نهر النيل ؛ على صعيد وزارة المعادن بات في حكم المؤكد اسنادها للواء عيسي آدم أبكر والي جنوب كردفان السابق.

الخرطوم(كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى