تحقيقات وتقارير

تنسيقية الحوار الوطني .. بين الالتفاف والتجيير

في الوقت الذي تمضي فيه خطوات إنفاذ توصيات ومخرجات الحوار الوطني ببطء شديد، تتجدد الاتهامات للجنة التنسيقية العليا لمتابعة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني والتي عقدت اجتماعها أمس الأول، بعدم جدواها باعتبار أنها جاءت التفافًا على الجمعية العمومية للحوار الوطني بجانب أنها أضحت (واجهة) لتجيير مواقف الحزب الحاكم فيما يتعلق بالحوار الوطني ومخرجاته .

تنفيذ جزئي

أمس الأول الخميس، ترأس رئيس الجمهورية، المشير عمر البشير، بالقصر الجمهوري اجتماع اللجنة التنسيقية العليا لمتابعة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وناقش الاجتماع التقرير المرحلي حول تنفيذ مخرجات الحوار، الذي قدمه النائب الأول لرئيس الجمهورية، الفريق أول ركن بكري حسن صالح، رئيس مجلس الوزراء القومي، واستمع إلى تنوير آخر حول ما تم تنفيذه عبر رئاسة الجمهورية فيما يتعلق بالتعديلات والقوانين . وأشار الاجتماع إلى تنفيذ 43% من مخرجات الحوار الوطني بشكل كامل وحالياً يتم تنفيذ جزئي لـ45% منها، فيما يتم تنفيذ الـ12% من التوصيات المتبقية خلال المرحلة المقبلة. وقال وزير الإعلام، عضو اللجنة، أحمد بلال، في تصريحات صحفية، عقب الاجتماع إن الاجتماع أمن على ضرورة تقديم قانون الانتخابات وقانون مجلس الأحزاب إلى البرلمان عبر مجلس الوزراء لإجازتهما لتشكيل مجلس الأحزاب ومفوضية الانتخابات، وأمن أيضاً على مبادرة رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة قومية عليا لابتدار الحوار الدستوري، بالتشاور مع المكونات الحزبية والسياسية .

التمسك بـ(7+7)

في أعقاب ابتدار عملية الحوار الوطني، تم تكوين آلية للحوار التي كانت تسمى (7+7) والتي كان من ضمن اختصاصاتها تنوير الرأي العام بأعمال اللجان المختلفة في الحوار الوطني والتبشير بالمخرجات التي خلصت إليها اللجان، كما نظمت العديد من الورش والملتقيات لإثراء ساحة الحوار، وفي بداية ديسمبر من العام 2016 كشف المؤتمر الوطني عن اعتماد الإضافات الجديدة للجنة (7+7) لتصبح اللجنة التنسيقية للحوار الوطنى رغم اعتراض مشاركين في الحوار في حينه وتمسكهم بالإبقاء على آلية (7+7)، وقد كانت تبريرات الرافضين للآلية التنسيقية للحوار تتمثل في سوء نية الحزب الحاكم وتقزيم الحوار عبر هذه الآلية الجديدة واعتبروا أن لجنة (7+7) هي روح الحوار والضامن الأساسي لتنفيذ توصياته ومخرجاته.

انتكاسة

وبعد مرور أكثر من عام على تكوين حكومة الوفاق الوطني مازالت أحزاب الحوار تشتكي من بطء تنفيذ توصيات الحوار الوطني، ويرى عدد من قادة هذه الأحزاب أن الوضع كما هو ولم يحدث تغيير جوهري يذكر في تنفيذ توصيات الحوار، بل هنالك انتكاسة كبرى حدثت في مجال الحريات، وأن الحزب الحاكم قام بتنفيذ توصيات ومخرجات الحوار حسب رغبته.

تساؤلات

تتقافز كثير من التساؤلات حول جدوى الحوار الوطني، والبلاد تشهد العديد من الأزمات التي لم تستطع الحكومة التعامل معها ومواجهتها، كما أن توصيات ومخرجات الحوار الوطني لم يشعر بها المواطنون حتى الآن فى معيشتهم وخدماتهم الأساسية ولهذا تظهر بوضوح حالة عدم الرضا من الأحزاب السياسية التي وقعت على وثيقة الحوار، فيما يرى محللون سياسيون أن وثيقة الحوار تحولت إلى اتفاق سياسي بين الحزب الحاكم والأحزاب المشاركة.

الحريات أولاً

القيادي بحزب منبر السلام العادل وعضو البرلمان العميد (م) ساتي محمد سوركتي يرى أن مخرجات الحوار وتوصياته لم تترجم وتنعكس على واقع البلاد خاصة في مجال الحريات مؤكداً بأن انتخابات 2020م تعتبر (تضليلاً) كبيراً، موضحاً أن الأحزاب ممنوعة حتى الآن من الالتقاء بجماهيرها في الساحات والميادين، وقال: كيف يتحدثون عن مفوضية للانتخابات، وكل الساحة السياسية تعيش فى سبات عميق، وكان يجب الحديث عن مسألة الحريات قبل الحديث عن الانتخابات، مشيراً إلى وجود انتكاسة في الحريات السياسية والإعلامية، وقال إن اللجنة التنسيقية العليا للحوار تعمل وفق أهواء ومشيئة المؤتمر الوطني.

تقصير من الأحزاب

فيما عاب المحلل السياسي والأكاديمي بروفيسور حسن الساعوري على الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني عدم ممارسة ضغط ومتابعة تنفيذ توصيات الحوار الوطني، وقال في حديثه للصيحة الصادرة يوم السبت: أنا لا ألقي باللائمة على اللجنة التنسيقية العليا للحوار، بل على الأحزاب التي وصفها بالنائمة، وأضاف: نسبة تنفيذ توصيات الحوار الوطني البالغة 43% تعتبر ضئيلة، وقال: كان يجب الحرص على إنفاذ كل توصيات الحوار الذي يعتبر أول حوار وطني في تاريخ السودان فيه نسبة عالية جداً من الوفاق والتوافق.

لجنة رئاسية

في المقابل، فإن البعض يرى أن اللجنة التنسيقية للحوار حولها المؤتمر الوطني إلى لجنة تابعة لرئيس الجمهورية، ويذهب القيادي بحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر إلى تأكيد ذلك حين يضيف في حديثه للصيحة بأن اللجنة الحقيقية والرئيسية في الحوار الوطني (7+7) والذي يشير إلى عدم وجودها الآن. ويضيف عمر بأن اللجنة التنسيقية تسمي لجنة الحوار تابعة للرئيس، متهماً الحزب الحاكم بالتحكم في مفاصل هذه اللجنة. وزاد بقوله: (هذه اللجنة ليست لها علاقة باللجنة المعروفة في النظام الأساسي للحوار الوطني، ولهذا فإن هذه اللجنة تابعة للمؤتمر الوطني وتنفذ سياساته)، قبل أن يستدرك بالقول: (لدينا بعض الممثلين فى هذه اللجنة ولكن صوتهم خافت).

(زيرو) توصيات

ويشير كمال إلى أن اللجنة وبصورتها الحالية (لا حول ولا قوة لها في تنفيذ توصيات الحوار، مشيراً إلى اعتراضهم في المؤتمر الشعبي عندما تم حل (آلية 7+7) للحوار بسبب قناعتهم بأن مشاركة الأحزاب في هذه اللجنة ستكون ديكورية لأنهم لا يملكون صوتاً نافذاً في هذه اللجنة، مؤكداً أن أجندة هذه اللجنة يضعها القصر، مضيفاً بأنه يرى بأن تنفيذ مخرجات الحوار تعتبر (صفراً كبيراً) ، موضحاً بأن التوصيات المتعلقة بالحريات وبمؤسسات الدولة لم ينفذ فيها ولا بند وهذه هي المخرجات المهمة.

دون استثناء

عموماً، فإن متابعين يطالبون ضرورة الاهتمام بمسألة الحريات وتهيئة المناخ السياسي حتى يتسنى لبقية الممانعين اللحاق بالحوار الوطني والذي لن يحقق الغايات والأهداف التي جاء لأجلها إلا بشموليته لكل أهل السودان ومشاركتهم دون استثناء.

الخرطوم (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى