اقتصاد
نص كلمة د. جبريل ابراهيم وزير المالية السوداني في اجتماع مبادرة دول القرن الأفريقي بواشنطن

أصحاب المعالي، السادة الوزراء الزملاء، الشركاء الموقرون في التنمية، الأصدقاء الأعزاء،
أشكر لكم العرض الشامل والمفيد، رغم أن السودان لم يُدرج ضمن المراجعة.
يشرفني ويطيب لي أن أخاطب هذا الجمع الكريم في مناسبة بالغة الأهمية للسودان ولدول الجوار، ألا وهي مبادرة القرن الإفريقي.
إن مبادرة القرن الإفريقي ليست مجرد إطار تنموي، بل هي تجسيد لرؤية جماعية نحو إقليم أكثر استقرارًا وترابطًا وازدهارًا. وتأتي هذه المبادرة بالنسبة للسودان في لحظة مفصلية، إذ نتطلع إلى الخروج قريبًا، بإذن الله، من أتون حرب مدمّرة، ونخطط لإطلاق إصلاحات سياسية واقتصادية عميقة. وفي هذا السياق، تصبح الشراكة الإقليمية رافعة أساسية لتحقيق الصمود والتحول.
إن تركيز المبادرة على البنية التحتية الإقليمية، وتيسير التجارة، وتكامل الطاقة، والقدرة على مواجهة تغيّر المناخ، يعالج بشكل مباشر التحديات المتشابكة التي تواجه بلداننا. فالسودان، الذي يقع في موقع استراتيجي بين شرق إفريقيا وشمالها، يرى في هذه المبادرة وسيلة لا غنى عنها لإعادة الارتباط بالإقليم، وتحقيق الاستقرار في مناطقه الحدودية، وفتح آفاق جديدة للنمو الشامل.
ما يثير حماسنا في مبادرة القرن الإفريقي هو روحها التوحيدية وأجندتها الموجهة نحو النتائج. فقد وفّرت منصة نادرة ومهمة، تجمع بين الدول الأعضاء وشركاء التنمية الاستراتيجيين—مثل البنك الدولي، وبنك التنمية الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، والحكومة الألمانية، والمملكة المتحدة—ليس فقط للنقاش، بل للتنسيق، والتمويل المشترك، والتنفيذ الفعلي للمشاريع.
ويبعث فينا الأمل انخراط السودان في مشاريع إقليمية رئيسية تشمل ممرات النقل وتجارة الطاقة. فهذه المشاريع لا تُحدث تحولاً اقتصاديًا فحسب، بل تعزز أيضًا التضامن الإقليمي وبناء الثقة، مما يمهد الطريق لسلام دائم وتعاون مستدام.
عليه، ينبغي لمبادرة القرن الإفريقي أن تُحدث تحولًا جذريًا في الإقليم، عبر تغيير السرد من الهشاشة إلى الفرص. وذلك من خلال:
١. تطوير البنية التحتية لربط المنتجين في المناطق الريفية بالأسواق؛
٢. التكامل في قطاع الطاقة لتوفير الكهرباء بأسعار معقولة للمجتمعات المحرومة؛
٣. التوافق الرقمي والتجاري لتعزيز الابتكار والنمو عبر الحدود؛
٤. استراتيجيات التكيّف مع تغيّر المناخ لحماية الموارد الطبيعية ودعم سبل العيش.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن أولويات التكامل الإقليمي في القرن الإفريقي بالنسبة للسودان هي:
١. الاستثمار في البنية التحتية العابرة للحدود، لا سيما الطرق والسكك الحديدية والوصول إلى الموانئ؛
٢. توسيع تجارة الطاقة والتكامل الطاقي لدعم التصنيع والاستدامة البيئية؛
٣. مواءمة السياسات التجارية والجمركية والتنظيمية لدعم نمو القطاع الخاص؛
٤. تبنّي نهج مشترك لتعزيز القدرة على التكيف مع المناخ، خاصة فيما يتعلق بالأمن المائي والغذائي.
ويجب كذلك أن نضمن أن تكون أجندة التكامل شاملة، تولي اهتمامًا خاصًا للنساء والشباب والمجتمعات المهمشة، التي يمكن أن تستفيد أكثر من غيرها من السلام والازدهار الإقليميين.
وفي الختام، أود أن أجدد تأكيد التزام السودان الراسخ بمبادرة القرن الإفريقي. فنحن نراها خارطة طريق لتحول إقليمي شامل، قادرة على انتشال الملايين من براثن الفقر، وتعزيز السيادة الاقتصادية، وتحقيق السلام المستدام. وندعو شركاءنا في التنمية، والجهات المانحة، والقطاع الخاص إلى مواصلة دعمهم لهذه الأجندة الحيوية بكل ما تستحقه من جدية وطموح.
فلنعمل معًا من أجل قرن إفريقي مترابط، متماسك، صامد، ومزدهر.
شكرًا لكم.
الخرطوم – كوش نيوز