عن الظلم!

ألا ما قبحه وأقبح صوره!. ألا ما أقبح الظالمين أينما حلّوا وارتحلوا!. ألا ما أقبح صنيعهم في حق كل إنسان يظلمونه!. ألا وما أقبح من تلّوث به!. ألا ما أقبح من ركن إلى الظالمين وصفق لهم ونطق عنهم وخدمهم ليكثر منافعه منهم!. ألا ما أقبح من أخذ حقوق الناس ولم يرجعها أو تطاول عليها!. قال الإمام ابن القيم رحمه الله «سبحان الله! كم بكت في تنعم الظالم عين أرملة واحترقت كبد يتيم وجرت دمعة مسكين ((كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ))، ما أبيض لون رغيفهم حتى أسود لون ضعيفهم، وما سمنت أجسامهم حتى نحلت أجسام من استأثروا عليه». وقال الإمام الحسن البصري رحمه الله «جعل الدين بين لاءين: لا تطغوا، ولا تركنوا إلى الذين ظلموا». وسأل أحدهم الإمام سفيان الثوري رحمه الله تعالى، قال: أنا أخيط للظلمة، فهل أنا ممن يركن إليهم؟ فقال له سفيان: لا يا هذا، أنت منهم، ولكن الذي يبيعك الإبر لتخيط لهم هو من الراكنين». ألا ساء ما يفعلون بركونهم للظالمين!.
فالظلم يوجد الفوضى في المجتمعات ويزرع الحقد والحسد، ويولّد الشحناء والبغضاء، وهو دمار على الأملاك والعمران، يقول ابن خلدون رحمه الله في مقدمته «مؤذن بخراب العمران». فلا يغرنّك جمال العمران والتطاول في البنيان!. قال العلامة السعدي رحمه الله «الله تعالى يملي للظالم حتى يزداد طغيانه، ويترادف كفرانه، ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر، فليحذر الظالمون من الإمهال، ولا يظنوا أن يفوتوا الكبير المتعال». نعم.. الحذر الحذر.. فلا يغرنك طغيانك وسلطتك!. فمن عرف شؤم الظلم تخلّص منه قبل حلول ساعات العض على اليد.
وما الظلم الذي يقع على الشعب الفلسطيني من يوم احتلال فلسطين الأرض المباركة وتسليم أرضهم إلى من لا أرض له القطعان شذاذ الأرض، ألا هو من أبشع وأشنع صور الظلم!. وما يجري الآن لأهل غزة العزة من قتل وتدمير وتشريد، ألا هو من أقبح أشكال الظلم بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ وأوصاف، وصدق عبدالرحمن الكواكبي رحمه الله في قوله «الظالم سيف الله، ينتقم به، ثم ينتقم منه»، إنه لقريب سينتقم الله الجبار المنتقم القوي العزيز الذي لا يغلب من كل من شارك في ظلم أهل غزة العزة، وكل فلسطين الأرض المباركة المسلمة. وقد قيل «اتق الله فيمن لا ناصر له إلا الله».
«ومضة»
كان الصحابي القائد معاوية رضي الله عنه يقول «إني لأستحي أن أظلم من لا يجد عليَّ ناصراً إلاّ الله». والله المستعان!.
إبراهيم عبدالرزاق آل إبراهيم – الشرق القطرية