آراءأبرز العناوين

اليوم غزة.. وغدًا العرب!

لم تكد تمر ساعات على إعلان ترامب خطته بشأن ترحيل الفلسطينيين والسيطرة على غزة وتحويلها إلى منتجع سياحى، حتى خرجت أصوات غربية وعربية تقلل من خطورة الأمر وتدعو إلى عدم المبالغة فى رد الفعل. البعض تساءل: هل ترامب جاد، أم أنه يطبق استراتيجية ذكية لإفقاد الخصم توازنه وإضعاف موقفه فى البداية حتى يمكن التوصل بعد ذلك إلى صفقة؟. هناك مَن جزم بأن الخطة خيالية، متسائلًا: كيف يمكن ترحيل ١.٨ مليون فلسطينى بالقوة رغمًا عنهم؟، وهل يُعقل أن ترسل أمريكا قوات عسكرية، فى وقت تنسحب فيه من المنطقة؟.

للأسف، هذه الأصوات «العاقلة» تستهدف إضعاف رد الفعل العربى الضعيف أصلًا، وتصوير المسألة على أنها «شطحة» أو نوبة جنون ترامبية سرعان ما سيبرأ منها. غالبية المؤشرات تكشف أن الخطة جرى الإعداد لها منذ فترة، وأن المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وهو ملياردير ومطور عقارى من نوعية ترامب، كان من بين مهامه تطوير الخطة وقت التفاوض للتوصل إلى صفقة وقف القتال بين حماس وإسرائيل. جاريد كوشنر، صهر ترامب، تحدث كثيرًا عن تحويل القطاع إلى مشروع عقارى واستثمارى واعد. اليمين الدينى والسياسى الإسرائيلى والمسيحيون الصهاينة الأمريكيون يضغطون منذ عقود لتفريغ غزة من قاطنيها وزرعها بالمستوطنات. الجديد فقط أن جشع ترامب أضاف إلى القضية البعد المادى. من تحت أنقاض غزة، رأى الدولارات تتدفق. سعى، كما يقول، لتخفيف معاناة الفلسطينيين بإبعادهم عن الركام و«الجحيم»، مع تحقيق أقصى استفادة مالية. وفى نفس الوقت، تلبية مطالب قاعدته اليمينية المحافظة المرتبطة بصلات عميقة مع متطرفى إسرائيل.

المعوقات «اللوجستية» أمام التنفيذ يسهل تجاوزها. بدلًا من إرسال الجيش الأمريكى إلى غزة، يمكن تكليف شركات أمنية، على غرار «بلاك ووتر» سيئة السمعة إبان احتلال العراق، بالمهمة. أمريكا لن تدفع دولارًا واحدًا لإعادة البناء، وستتكفل دول عربية بذلك، على أن تكون الطليعة شركات ترامب بقيادة كوشنر. ثم إن الخطة تلبى رغبات اليمين الإسرائيلى الذى يدعمه ترامب بقوة. رغم أن نتنياهو بدا، خلال مؤتمره الصحفى مع ترامب، وكأنه لا يعلم شيئًا، فإن الاقتراح جدد الدم فى شرايينه السياسية. سافر إلى واشنطن، وهو خائف على ائتلافه الحاكم نتيجة الخلاف حول وقف القتال. خطة ترامب جعلت المتطرف بن غفير يدرس العودة إلى الحكومة، وأقنعت المتطرف الآخر سموتريتش بالبقاء وزيرًا. الأخطر أنها أعطت إسرائيل الضوء الأخضر لضم الضفة الغربية رسميًّا.
نحن أمام سيناريو شيطانى: غزة ستصبح محمية أمريكية، والضفة أو أجزاء كبيرة منها سيتم ضمها إلى إسرائيل. ما الحاجة إذًا إلى السلطة الفلسطينية سواء كما هى الآن، أو حتى لو أصلحت من نفسها، كما يطالبها الغرب؟. فى ظل هذه التحركات، يبقى التعويل على أبناء غزة أنفسهم. هُم مَن يستطيعون تحويل أفكار ترامب إلى سراب. الخطة لا تستهدف القطاع فقط. إنها قنبلة موقوتة ستنفجر فى وجوه العرب جميعًا، إذا تُركت غزة وحيدة تواجه مصيرها.

عبدالله عبدالسلام – المصري اليوم

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.
زر الذهاب إلى الأعلى