هل يعمل معك رونالدو؟
في أغسطس 2015 تنكر اللاعب الشهير كريستيانو رونالدو على هيئة رجل متشرد ولبس شعرًا صناعيًا وملابس رثة وبدلة سمينة وركب ذقنًا صناعيًا ليخفي هويته الحقيقية. وبهذه الهيئة ومعه كلب جالس إلى جانبه، نزل إلى ساحة بلازا دي كالاوا في وسط العاصمة الإسبانية مدريد وبدأ يتلاعب بكرة القدم ويستعرض مهاراته الفنية المذهلة أمام المارة لساعات. ولم يكن هنالك تفاعل حقيقي من الجمهور حتى جاء فتى صغير بعد ساعات وبدأ يلعب معه الكرة بكل استمتاع. فما كان من الرجل المتشرد إلا أن كشف عن هويته الحقيقية ليصاب الفتى بالدهشة الشديدة ويلتقط مع النجم الكروي الكبير صورة تذكارية والدموع تنهمر من عينيه فرحًا وسط ذهول الجمهور الذي لم يتوقع هذه المفاجأة.
ورغم أن ما حصل كان ضمن برنامج إعلامي، إلا أن القصة تتكرر كثيرًا مع نجوم كبار تم رفضهم من كشافي اللاعبين أو اختبارات أولية من أندية كروية وأثبتوا نجاحاتهم الساحقة لاحقًا وسوء التقدير عند من قيّموا قدراتهم بشكل سلبي.
وبعيدًا عن عالم الكرة والرياضة، فبيئات العمل تشهد الكثير من قصص التهميش والتقييم الخاطئ لأصحاب الكفاءات والمهارات. وفي الوقت الذي يستطيع فيه مجموعة من الأشخاص إبراز مهاراتهم وتسليط الضوء على إنجازاتهم فهنالك نسبة غير بسيطة من الذين ينجزون بصمت رغم إسهاماتهم الكبيرة. ورغم صعوبة التحدي فمن المهم على المديرين البحث عن هؤلاء الأبطال الخارقين والاحتفاء بنجاحاتهم وإبراز مساهماتهم وتقديرها.
من ناحية أخرى، ففي ما حصل مع رونالدو المتنكر مؤشر قوي إلى أهمية المظهر الخارجي لأي قائد. ودون شك فالانطباع العام عن مظهر المسؤول في لباسه وطريقة كلامه ومشيته بل وحتى الحسابات الشخصية في مواقع التواصل تؤثر بشكل مباشر في الانطباع عن المنظمات التي يقودونها سواء بالسلب أو الإيجاب. فرغم تجاهل المارة في الشارع لاستعراض المهارات المذهل، فلا تستطيع أن تلومهم بشكل كامل على عدم الاهتمام بشخص في تلك الهيئة الرثة والجسد البدين جداً مهما بلغت مهاراته الكروية.
نفس الأمر ينطبق في عالم القيادة والأعمال، فالمظهر العام يلعب دوراً فاعلاً في إعطاء الانطباع الأولي وبناء الثقة لدى الشركاء وصناع القرار. وأتذكر وقت دراستي في اليابان أن التدريب على اختبارات دخول الجامعات يشمل اختبار لون ربطة العنق وطريقة طرق الباب والجلوس ولغة الجسد في المقابلات الشخصية والتي تعد عاملاً حاسماً في القبول.. ويشمل ذلك أيضاً اختبارات القبول في الشركات.
وباختصار؛ كقائد عليك مسؤولية في إيجاد الكفاءات المتميزة وتمكينها وإبراز جهودها.. وفي نفس الوقت إرشادها وتوجيهها ودعمها لتتطور من مختلف النواحي التخصصية والقيادية والتواصلية لتصنع قادة يواصلون المسيرة من بعدك.. ومن فترة لأخرى من الجيد أن تنظر حولك وتسأل نفسك: “هل يعمل معك رونالدو؟”.
د. م. عصام أمان الله بخاري- جريدة الرياض