أنت التورتة.. صراع جديد لن ينتهي
في عصر السوشيال ميديا، ولاحظ أنه لم يعد أحد يحتاج إلى التعريف بأنها شبكات التواصل الاجتماعي، وبات الجميع يعرف معناها بالإنجليزية.
وبات الجميع يعرف أيضًا أنه هو المستهدف الأول في السوشيال ميديا، طالما أن الخدمات مجانية، إذن يكون المستخدم هو السلعة.. وبات المواطن يعرف أنه هو التورتة المجانية اليومية لأسنان لا ترحم، وتروس لا تكف عن الالتهام كلما أصبحت وأمست.
والصراع على المستخدم وبياناته أصبح جهارًا عيانًا، أو هو الشغل الشاغل لكل الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا، وخاصة السوشيال ميديا.
لنرجع قليلًا للخلف.. في منتصف ديسمبر 2024.. قررت هيئة مراقبة الخصوصية في الاتحاد الأوروبي.. فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو (نحو 263.5 مليون دولار) على شركة “ميتا” مالكة فيسبوك بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات حوالي 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في 2018.
ونوهت الهيئة إلى أن القراصنة استغلوا ثغرة فنية تسمح للأطراف الخارجية بالوصول إلى البيانات الشخصية لمستخدمي “فيسبوك” دون الحصول على موافقتهم.
ولأن 3 ملايين من المتضررين من سرقة البيانات يعيشون في الاتحاد الأوروبي.. فكان لابد من العقاب!!
يقول المختصون إن البيانات التي تم سرقتها شملت الأسماء الأولى والأخيرة للمستخدمين وعناوين بريدهم الإلكتروني وأرقام هواتفهم وأماكن سكنهم وعملهم وتاريخ ميلادهم وانتماءهم الديني ونوعهم ومشاركتهم على صفحات فيسبوك وبيانات أطفالهم.
والمعنى الواضح والدقيق (سرقوا كل شيء).
لنكرر معًا القاعدة السحرية لهذا الزمان.. “بيانات المستخدم” هي التورتة الطازجة والجاهزة للالتهام بشكل يومي.
ورغم أن هذه البيانات قد سربت في سبتمبر 2018 إلا أن “ميتا” عوقبت بسبب تركها هذه الثغرة لينفذ منها سارقو البيانات الشخصية.
ورغم أن “ميتا” قدمت دفوعًا بأنها أوقفت الثغرة في وقتها، وأنها لم تسهل عملية الاختراق، إلا أن المحكمة الأوروبية وضعت حكمها السابق؛ لتردع فيسبوك وتجعلها تؤمن شبكاتها أكثر، وتمنع تسريب بيانات جديدة للعملاء.
لكن هذه الأيام استعرت حرب جديدة على البيانات الشخصية للمستخدمين، بين اثنين من عمالقة التكنولوجيا في العالم بين “أبل” و”ميتا”.
“أبل” –من ناحيتها- تقول إن “ميتا” قدمت لها نحو 15 طلبًا للوصول العميق إلى بيانات المستخدمين، في إطار قانون ما يعرف بـ”الأسواق الرقمية” بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين.
وترغب “أبل” في عدم حصول “ميتا” على هذه الموافقة؛ حيث ترى أنه إذا حصلت عليها فسيكون باستطاعتها، من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستجرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة، ورسائل البريد الإلكتروني، والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين.
وقالت “ميتا”: إن “أبل” لا تريد التعاون، ولا تحب التوافق بين الشركات المنافسة.. بينما نرغب فى تطوير منتجاتنا.
ولمن لا يعرف.. هناك قانونان يحكمان على السوق الرقمية في أوروبا.. الأول هو “قانون الخدمات الرقمية” الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين.. والقانون الثاني هو “قانون الأسواق الرقمية”، الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين؛ لكيلا يكون هناك احتكار.
والمعنى أن “ميتا” تطالب “أبل” وفقًا للقانون الثاني ولسان حالهم يقول: “أرجوكم أتيحوا لنا بيانات المستخدم؛ لكي نطور تطبيقاتنا”.. بينما “أبل” ترفض وفقًا للقانون الأول، بغرض “حماية بيانات المستخدمين”.
وهو صراع يتأجج يومًا بعد يوم.. وكل شركة ترغب في الاحتفاظ ببيانات المستخدم، وفق منطقها وقانونها الخاص، أو وفق قدرتها على استخدام أي من القانونين المنظمين.
والأيام وحدها ستكشف من ينتصر في النهاية.. لكننا من الآن نعرف من سيتم التهامه.
أحمد سعيد طنطاوي – بوابة الأهرام