هل يفعلها ترمب؟!
من المتوقع أن يشاهد الشرق الأوسط تحولات متعددة، ربما تؤدي إلى الاستقرار، بما في ذلك إنشاء دولة فلسطينية، وذلك في عهد الرئيس القادم، دونالد ترمب. بل ومن المتوقع أن نشاهد عدة متغيرات على مستوى العالم خلال عهد ترمب، وما بعد ذلك.السياسة الليبرالية الأمريكية، والتي أدارت بها العالم لحوالى ثمانين سنة، يكاد أن ينتهي مفعولها. واقتنع الأمريكيون بذلك. ويشكل صعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض فرصة السير في اتجاه مختلف لتحقيق أهداف واشنطن في العالم، والتي أصبح من الصعب على أمريكا وأوروبا إدارتها بالشكل الذي كانوا يفعلونه خلال عشرات السنين الماضية.مراكز الأبحاث في أمريكا وبريطانيا، بشكل خاص، كثيرة داخل وخارج الجامعات التي يقوم الباحثون فيها بالتنظير، وتصور كيف يمكن النجاح في إدارة هذا الكون. وقام التنافس بين الشرق والغرب على اكتساب القوة التي يتفوق أحدهم على منافسه الآخر. وتتطلب القوة أن تكون لديك ثروة كافية تعطيك ما تصبو إليه من قوة. فكان الصراع، ولازال، يقوم على أساس الهيمنة على الثروات حيثما وجدت.
بينما كانت الهيمنة تتم في السابق عبر احتلال واستعمار مصادر الثروات. تغير أسلوب الهيمنة بدخول الولايات المتحدة الصراع على الثروات في العالم. وتقلص دور أوروبا نتيجة لهذا التغيُّر وتعاظم الدور الأمريكي عبر الشركات عابرة القارات والحدود.. وأعطى الشرق الأوسط الكثير من الاهتمام نتيجة لوجود ثروات ضحمة في أكثر من بلد من بلدانه.ونتيجة لاعتلاء شباب منصات مراكز الأبحاث، أخذ التفكير في الهيمنة العالمية يبحث عن أساليب جديدة تختلف عما اعتاده الباحثون، ووجد هؤلاء ضالتهم في كفاح أكاديمي شاب ذكي وطموح ينادي بالليبرالية المتطرفة، ويسعى للوصول إلى أعلى مراكز السلطة بأمريكا عبر الحزب الديموقراطي، وجدوا فيه الشخص الذي سوف يحقق رؤيتهم للعالم الحر الليبرالي المتمرد على القيود، بما في ذلك التخلي عن الأديان والعقائد، وتشجيع الشذوذ بمختلف أشكاله، وإسقاط تعريف الرجال والنساء، ليحل محلها تعريف عام يربطهم بالحيوان والجماد وتحرير الأطفال من آبائهم وأمهاتهم، ودفع شركات الأدوية إلى إنتاج أدوية تساعد على تغيير الذكر إلى أنثى، والأنثى إلى ذكر، خاصة في سن الطفولة، ومنع الأطباء وأولياء الأمر من وصف المواليد عندما يُولدون، حسب جنسهم الذي وُلِدوا به، وإعطاء الحرية لهؤلاء الأطفال في تحديد ما إذا كانوا ذكوراُ أو إناثاً أو جماداً، عندما يبلغون سناً مناسبة لفعل ذلك.
تبنَّى هذا الرجل، باراك أوباما، هذا الفكر الجديد، وساعده عدد كبير من الشباب الذين تحوَّلوا عبر اختراعاتهم الجديدة، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي، إلى بليونيرات ومؤثرين في المجتمع على بث هذه (الثقافة) الجديدة، وقاموا بالتأثير على المشرّعين وإعداد مسودات القوانين التي تدفع المجتمع لتبني الأفكار الجديدة. الأمر الذي أوصل جزءاً كبيراً من المجتمع الأمريكي وبعض الأوروبي إلى تذمر وتمرد، سعت وسائل الإعلام، التي كان مؤيدو الفكر الجديد يهيمنون عليها، إلى إنكاره. وعندما جاءت الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة عبر المجتمع المتمرد عن استنكاره باختيار رئيس وغالبية برلمانية ترفض هذا التوجه الغريب.بالطبع، كان الشرق الأوسط مسرحاً أراد باراك أوباما الهيمنة عليه بأسلوب مختلف عما كانت السياسة الأمريكية في السابق تسلكه، وتوجَّه لخلق صراع مذهبي في المنطقة بضرب أصحاب المذهب الشيعي بأهل السنة. ولوح بالتخلي عن دعم إسرائيل. بينما يكون المسلمون شيعة وسنة، في المنطقة، يقاتلون بعضهم البعض، ويواصل الغرب سعيه للهيمنة على ثروات المنطقة عبر قيادات سياسية جديدة، إلا أن الانتخابات الأخيرة أدت إلى إسقاط العديد من جماعاته من مراكز صناعة القرار، وجاءت بدونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، وسارع العديد من بليونيرات وسائل التواصل الاجتماعي إلى كسب وده، ومنحه دعماً مالياً لتنفيذ سياساته، مما يشير إلى أن الشرق الأوسط سوف يشهد تغيُّراً في العديد من المواقع بما فيها القضية الفلسطينية.
عدنان كامل صلاح – جريدة المدينة