ما الذي يحصل في الحروب؟!
يكاد لا يخلو قطر من أقطار العالم من حرب على وشك النشوب، أو حرب طاحنة تأكل الأخضر واليابس، أو حرب قد خمدت وانتهت ولكن أنهت بانتهائها حياة الكثيرين.
ويحصل في الحروب الكثير من البشائع والفظائع والفواجع وما لا يتخيل أن يحصل لو كانت الحياة تسير بشكل طبيعي.
كما يحصل في الحروب انعدام للأمن، وفقد للأطراف، وإراقة للدماء، وشح بالطعام، وغور للمياه، وانقطاع للكهرباء، وتعطيل في التنمية، وكذب ونميمة وإيغار للصدور، وشحناء للنفوس.
إن الحروب ليست طلقات تطلق، وقذائف تقذف، وألوية ترفع، وصرخات تسمع، الحروب ترجف قلوب الأشداء، وتزيغ عقول الحكماء، وتذهب لب الحازمين، فالحروب ميدان تصفية شاملة، وأرض جدباء قاحلة، الحروب الداخل فيها مفقود، والخارج منها مولود.
وفي الحروب ينخفض سقف التوقعات، وتعلو أصوت الآهات، فالقلوب واجلة، والأبصار زائغة، والعقول واجفة.
وحينما تحل الحروب على قوم تغلق مجالس العزاء فلا تقام لأن الأموات كثر، وتتوقف الولائم فلا يدعى لها لأن الطعام قليل، وتنقطع الزيارات فلا توجد تجمعات لأن الخطب جلل، وتتعطل مصالح الناس فيلزم الجميع بيوتهم لأن الخوف كبير.لذلك أصدق ما قيل في الحروب الكاسب فيها خسران، والرابح فيها ندمان، فما قيمة المكسب إن دمرت البلاد، وقتل الرجال، وترملت النساء، وتيتم الأطفال، وتشتتت الأسر، وكانت الحاجة لسنوات طويلة حتى تعيد بناء ما تم هدمه وتدميره بلحظات، فمعول الهدم لا يحتاج سوى لدقائق ومعول البناء يحتاج لسنوات طويلة.
وأختم مع أبيات لزهير بن أبي سلمى:
وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ
وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ
مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً
وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ
فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا
وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ
فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْكَأَحْمَـرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِـمِ
معاذ عيسى العصفور – الأنباء الكويتية