تكنولوجيا السلام والتطبيع
وقفت الشعوب العربية أمام ثورة التكنولوجيا تتساءل : ماذا نأخذ من هذا العالم الجديد ؟ وما هى صورة الحياة التى نريدها ؟ وكيف نتعامل مع عدو يتربص بنا ونحن لا نعرف ما يدور فيه من الخبايا والأسرار ؟.. كان العالم العربى يملك أضخم ثروة عرفها التاريخ حين تفجرت ينابيع البترول والغاز تغطى نصف البلاد العربية، وزاغت الأبصار أمام تلال المجوهرات والساعات والسيارات والقصور والفيلات والحسناوات من كل جنس.. وتدفقت على العالم العربى كل أنواع المقويات و”عودة الشيخ إلى صباه”.. ومع كل هذه الإنجازات، تدفقت مواكب التطبيع فى كل الاتجاهات، وخرجت أجيال تشوهت فكرا ودينا وسلوكا..
وتسابق الجميع فى إبرام صفقات السلاح وأساليب التجسس فى البيوت والحانات والكنائس والمساجد ودور العبادة.. وأمام كل هذه الرغبات المحمومة، كانت دعوات الشذوذ والانحراف والتخلص من الثوابت، واختلطت الأفكار وشاع الفساد فى الأرض.. وفجأة، بينما الشعوب حائرة بين فكر هابط وألعاب مشوهة وفرق عاجزة، انطلقت من إسرائيل أكبر وأحدث وأخطر عملية إرهابية ضد قادة حزب الله، حيث تفجرت وسائل الاتصال الحديثة فى أصحابها، ليظهر الوجه الحقيقى للتكنولوجيا التى وصلت إليها إسرائيل.. بينما اكتفينا نحن بمواكب المطبعين العرب الذين يطوفون حول الموائد.. إن العالم، وليس الشعوب العربية فقط، يقف الآن فى حالة ذهول أمام ما فعلته إسرائيل، خاصة أنها فتحت عشرات الاحتمالات أمام مستقبل غامض يهدد حياة البشرية كلها، بينما نحن نقيم المؤتمرات ونجرى الحوارات حول مستقبل التطبيع والتعاون والأمن فى ظل سلام عادل.. بأى سلام تحلمون؟!
فاروق جويدة – بوابة الأهرام