آراء

النافذة المكسورة!!

هل سمعتم بهذه العبارة سابقاً؟، فالنوافذ المكسورة هي إشارة إلى تأثير الفوضى والتخريب على المناطق الحضرية المتمثلة بالجرائم والسلوكيات المعادية للمجتمع، فالنوافذ المكسورة هي نتاج فكر المُنظرين في علم الجريمة وأبعادها المجتمعية.

النافذة المكسورة هي قاعدة بسيطة للغاية، ويمكن تعريفها على أن الكبائر تبدأ بالصغائر، أو أن عظيم النار من مستصغَر الشرر، حيث يرى المنظّرين أن الجريمة هي نتاج الفوضى وعدم الالتزام بالنظام في المجتمعات البشرية، مثال: إذا حطم أحدهم نافذة زجاجية في الطريق العام، وتُركت هذه النافذة دون تصليح، فسيبدأ المارة في الظن بأنه لا أحد يهتم، وبالتالي فلا يوجد أحد يتولى زمام الأمور، ومنه فستبدأ نوافذ أخرى تتحطم على ذات المنوال، وستبدأ الفوضى تعمّ البيت المقابل لهذه النافذة، ومنه إلى الشارع، ومنه إلى المجتمع كله.لا تقتصر النافذة المكسورة على مثال واحد، بل تشمل أيضاً جميع أوجه التشوه البصري، والذي يعد من أساسيات هذه النظرية، فالسيارات المهجورة، ومراتع القمامة، والأركان المظلمة من الحواري والطرقات، والمنازل المتقادمة، قد تكون البداية من مشكلات بسيطة نسبياً، لكنها في الواقع تمثل دعوات إلى المزيد من الجرائم الخطيرة، فكم من شيء بدأ كمشكلة بسيطة ثم تطورت في تعقيدها بعدد من المراحل والدوائر؛ لتصبح نقطة تحول لنوع من الجرائم الخطيرة المنظمة، والتي يجب أن تردع تلك الأفعال من البداية قبل تفاقمها وتطورها وأخذها منحنيات أخرى، وخصوصاً لمجتمع المراهقين من الأبناء.النافذة المكسورة، التهاون في رمي بعض المخلفات البسيطة في أي مكان وموقع بعيداً عن أماكنها الصحيحة، يشجّع على رمي المزيد من المخلفات، حتى ينعدم الذوق العام ولا يصبح للنظافة معنى، أن الإنسان لديه قدرة على حب الانضباط والالتزام بالقوانين والأخلاقيات والآداب العامة متى ما توفرت له البيئة المشجعة على ذلك، وسرعان ما ينفك من هذا الالتزام متى ما رأى الانفلات من حوله.

فكرة ونظرية النافذة المكسورة، غيرت في قوانين الإدارة عموماً وفي الإدارة المدنية خصوصاً، فرض الرسوم على كل من يرمي المخلفات في الشوارع مهما صغر حجمها، وعلى من يكتب على الجدران، والقيادة للمركبات بتهور في الطرقات، أو المخالفات المرورية التي تشوه المظهر العام لمرتادي الطرق، قد يلغي بشكل مؤثر مقولة من أمن العقوبة..!، وسوف تجد الناس زاد التزامهم بواجباتهم والمساهمة في الحفاظ على هذه المكتسبات والإنجازات الحضارية التي تتنامى بها الدول.

حتى النافذة المكسورة لها دور في مجال الأعمال والإنتاجية، فكلما تغاضى مدير الشركة عن الأداء غير المسؤول وضعف الإنتاجية للموظفين، فسوف تجد أن اللامبالاة وعدم الاهتمام أو الجدية أمراً مقبولاً في بيئة العمل على جميع المستويات الوظيفية.رجاءً، عدم ترك النافذة مكسورة، ولابد من سرعة إصلاحها أو التخلص منها، حتى لا تكون سبباً في حدوث مشاكل أكبر من هذه النافذة، وما سوف تجلبه إليك وإلى أبنائك ومجتمعك مستقبلاً لا قدر الله.

د. أحمد أسعد خليل – جريدة المدينة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى