آراء
من إيجابيات تعاطي جهاز المخابرات العامة السوداني مع الصحافة والصحفيين قبوله اللجؤ إلي القضاء لحسم الخلاف
مع جهاز المخابرات داخل المحكمة بالقضارف!!
دلفت في الثامنة من صباح اليوم إلي داخل مقر المحكمة الجنائية بولاية القضارف حيث ينظر مولانا القاضي إيهاب محمد عثمان في قضية البلاغ 762 الشاكي فيه جهاز المخابرات العامة السودانية والمشكو ضده شخصي علي خلفية شكوي تقدم بها جهاز المخابرات العامة لأنّ المتهم قد نشر خبراً عن لقاء للمدير العام للمخابرات العامة مع نائب وزير الخارجية السعودي يري فيه أن الناشر قد ألحق ضرراً بالشاكي..
مما لاحظته اليوم أن مقر المحكمة الجنائية بالقضارف يحتفظ ببيئة عمل نظيفة تكشف عن إهتمام بنظافة وترتيب المكان وهو الحال الذي عليه كل مقار المحاكم بالقضارف.. سبق لي زيارة رئاسة الجهاز القضائي بالولاية وزرت أيضاً محكمة الأحوال الشخصية قبل أشهر ولمست ذات الإهتمام والرعاية وهو مايؤكد أن الجهاز القضائي في بلادنا لايزال متماسكاً في المعاني والمباني ولم يتأثر بهجمة الشيطنة الشرسة التي وقفت خلفها وقادتها شياطين الثورة المصنوعة التي سعت بكل ما أُوتيت من قوة لهدم معاني وقوانين وإرث الجهاز القضائي في بلادنا لكنها إرتدت خاسرة وخائبة وظلّ القضاء في بلادنا متماسكاً مبني.. ومعني..
عندما وقفت داخل قفص الإتهام بقاعة المحكمة الموقرة طافت بمخيلتي ذكريات وأيام مع قاعات المحاكم وبلاغات النشر الصحفي وجلسات القضايا علي أيام الصحافة الورقية.. وحزنت جداً أن تتدهور علاقة جهاز المخابرات العامة مع الصحافة والصحفيين إلي حيث تسجل إدارة الإعلام غياباً عن محيطها هذا وتتحول إلي مكتب علاقات عامة يتبني قضايا ديوان الزكاة وإبراهيم سليمان ويعتبر نشر بوست عن خبر سقوط مسيرة بالقرب
من مقر الأمانة العامة لحكومة ولاية القضارف نشراً ضاراً يستوجب الزج بناشره إلي حراسات الجهاز وأقسام الشرطة وقفص الإتهام داخل محاكم الجنايات!!
من إيجابيات تعاطي جهاز المخابرات العامة السوداني مع الصحافة والصحفيين قبوله اللجؤ إلي القضاء لحسم الخلاف وتباين وجهات النظر بين الأمني والإعلامي وأين تنتهي حدود الإعلامي لتبدأ حدود الأمني وماهي السلطة العليا التي تقرر وتحدد الضرر الذي يقع علي الشاكي والمشكو ضده في ذات الوقت..
مع هذا كله تبرز معضلة جديدة ستواجه ليس جهاز المخابرات العامة وحده وإنما كل الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تواجه انفجار عاصفة السوشيال ميديا والتي تنشر في علي رأس كل دقيقة آلاف الأخبار الضارة والمهددة للأمن القومي للبلاد والمؤسسات فهل سيكون الاعتقال والحبس وتحويل القضايا إلي المحاكم هو الحل الأمثل أم سيتم التفكير خارج الصندوق لمعالجة هذه المعضلة؟!
قبل بداية الحرب اللعينة بأشهر كنت أتابع قضية أخري في محكمة المعلوماتية بالخرطوم 2 ومما دار بيني وقضاة المحكمة خارج القاعات سؤالي لهم عن مكان الصحفي المحترف من الإعراب القضائي في ساحة محكمة المعلوماتية.. الصحفي المحترف لديه سجل صحفي وتتم مساءلته وفق قانون الصحافة والمطبوعات هذا القانون الذي لم يعد ضابطاً ولا حاكماً لقضايا النشر بعد النهاية الدراماتيكية للصحافة الورقية والكلمة المطبوعة حيث انتقل الكتاب الصحفيون إلي نشر محتواهم وإنتاجهم عبر المنصات والوسائط الجديدة.. فكيف تتم محاسبة الصحفي المحترف وماهي حدود الحصانة المتوفرة له بالقانون؟!
تذكرت ذلك الحوار المهني الراقي مع قضاة محكمة المعلوماتية بالخرطوم وأنا أنظر في صحيفة الإتهام التي وضعها أمامي المتحري داخل مقر المباحث الجنائية بالقضارف.. لاحظت أن الجهة الشاكية وهي جهاز المخابرات العامة قد أضافت إلي وثائق الإتهام بوستات جديدة لم تكن أمامي يوم تم احتجازي داخل مقر المخابرات العامة بالقضارف.. يومها كان أمامي بوست واحد طلبوا مني معالجته بالنفي ورفضت وهو مقابلة مدير المخابرات العامة لنائب وزير الخارجية السعودي.. لاحقاً تم نسخ ولصق البوستات أدناه للبلاغ..
بوست كتبته بعد سقوط مدينة سنجة وعرضت فيه عدة تساؤلات عن أسباب سقوط المدينة ومن يتحمل تداعيات السقوط..
بوست عن لقاء رئيس مجلس السيادة لنائب وزير الخارجية السعودي..
بوست عن استهداف مقر أمانة حكومة ولاية القضارف بمسيّرتين ولا إصابات..
مع ملاحظة أنني كتبت هذا البوست وأنا داخل العربة التي أقلتني من قلب مدينة القضارف إلي حيث مقر جهاز المخابرات.. ولا زلت في حيرة من أمري كيف تحول هذا البوست والخبر إلي دليل إدانة ضدي ولماذا لم يتم اعتقال آلاف الناشطين الذين نشروا خبر مسيّرة القضارف بالصوت والصورة؟!
إنها خواطر علي هامش اليوم الأول لجلسة قضية داخل مقر محكمة الجنايات بولاية القضارف.. هوامش كان إطارها المقولة الناطقة لأستاذ الأجيال حسين خوجلي رد الله غربته.. ( أن تكون صحفياً عليك أن تتحمل وتؤمن بتبعات قناعتك بحرية الصحافة.. وأن تكون علي ثقة مطلقة بعدالة القضاء)..
الكاتب/ عبدالماجد عبدالحميد