أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

بعد جمود لأكثر من عام ونصف.. جهود مكثفة لبدء الحوار السياسي في السودان

تكثّفت الجهود الإقليمية الرامية لإحياء مسار الحوار السياسي السوداني، بعد جمود لازم العملية السياسية لأكثر من عام ونصف، عقب تعثر مساع قام بها المبعوث الأممي السابق، إلى البلاد، فولكر بيريتس، لجمع الفرقاء السودانيين في الخرطوم.

وأدى تعثر مساعي بيرتيس إلى رفض أطراف سياسية، بشدة، “الاتفاق الإطاري” بين قوى مدنية والمكوّن العسكري الذي انقسم بعد ذلك باندلاع حرب 15 أبريل 2023 بين الدعم السريع والجيش السوداني، ثم ضاعفت الحرب آثار الاستقطاب السياسي، وجعلت الأحزاب والتكتلات تنأى أكثر فأكثر عن أي تقارب، في ظل خطابات حادة.

وقبل أن تفلح الأمم المتحدة الخميس الماضي في جمع الجيش والدعم السريع، بجنيف، للانخراط في تفاوض غير مباشر، بغية التوصل إلى صيغة بشأن مسار إنساني، وربما هدنة مؤقتة للسماح بإيصال المساعدات، تُوجت مساعي القاهرة بالتئام قوى وكتل سياسية أبرزها “تقدم” و”الكتلة الديمقراطية”، في 7 يوليو الجاري، ما أوجد ارتياحاً لدى قسم من الشارع السوداني، بإمكان الوصول لحد أدنى من اتفاق القوى السياسية، الأمر الذي قد يقود إلى الضغط على الأطراف المتحاربة، ووقف الحرب.

وأعقبت اجتماع القاهرة، لقاءات “استكشافية” أخرى في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، بتنظيم من الآلية رفيعة المستوى، برئاسة محمد بن شمباس، إلا أن “تقدم” وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور والحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو والحزب الشيوعي السوداني وحزب البعث، قاطعت هذه الاجتماعات التي خلصت، الاثنين، إلى أن يكون الحوار “عملية سودانية خالصة”، على مرحلتين.

تقتصر المرحلة الأولى على مناقشة القضايا العاجلة المرتبطة بتأسيس هياكل وقضايا الفترة الانتقالية، وتحديد “المرجعية الدستورية”، فيما تتناول الثانية مناقشة القضايا المتعلقة بجذور الأزمة، بما في ذلك “مبادئ المواطنة، الديمقراطية، العدالة، والسلام المستدام، وضمان حقوق الإنسان لجميع المواطنين”.

ونصت ورقة “الرؤية” في اجتماعات إثيوبيا على أن يشمل الحوار السوداني جميع الأطراف باستثناء من صدرت بحقهم أحكاماً قضائية تحت طائلة جرائم الحرب، أو جرائم ضد الإنسانية، أو جرائم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، أو جرائم الإبادة الجماعية أو بموجب الوثيقة الدستورية.

وهي النقطة التي فسرّها معتصم أحمد صالح، المتحدث باسم حركة “العدل والمساواة”، والقيادي في “الكتلة الديمقراطية” لدى مشاركته في برنامج “نافذة السودان” على منصات قناة “الشرق”، بأنها تعني حزب الرئيس السابق عمر البشير “المؤتمر الوطني”.

وخرجت اجتماعات أديس أبابا بالتشديد على وحدة السودان أرضاً وشعباً وعلى سيادته واستقلاله والتأكيد على الوقوف مع مؤسسات الدولة السودانية.

كما أكدت على ضرورة تنفيذ اتفاق جدة الموقع في الحادي عشر من مايو 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مع التشديد على أولوية المساعدات الإنسانية.

ودان البيان الختامي للاجتماعات ما وصفها بالانتهاكات الجسيمة التي قامت بها “مليشيا الدعم السريع” من “قتل واغتصاب واحتلال للمنازل ونهب وسرقة ممتلكات المواطنين واحتلال الأعيان المدنية والتخريب على حد قول البيان.

وفيما يرى محللون أن المساعي الإقليمية كلها ترمي لبلورة عملية سياسية في السودان، للدفع قدماً بأجندة تنهي الحرب، حددت القيادية بحزب “المؤتمر الوطني” المحلول، (حزب الرئيس السابق عمر البشير)، سناء حمد العوض في حديث لـ”الشرق”، مواصفات أي عملية سياسية مرجوة بأن يكون لدى أطرافها إرادة ورغبة حقيقية في الوصول إلى حل، ومقدرة على تنفيذ ما اتفق عليه، مشيرة إلى ضرورة وجود ميسرين ورعاة للعملية السياسية، لافتة إلى أهمية تأثير الرعاة على أحد الأطراف، أو وجود مصلحة استراتيجية في حل الصراع.

وقالت العوض إن مصالح بعض الرعاة تؤثر غالباً في نتائج العملية السياسية و”أحياناً كثيرة تُعقدها بسبب الدعم المادي أو المعنوي لأحد الأطراف”، مفضلة “العملية السياسية الوطنية” على حد وصفها، لأنها تتم بأقل قدر من التأثير وتصب بدرجة كبيرة لصالح الحل.

وشددت حمد على ضرورة أن تشمل أي عملية سياسية حقيقية جميع الأطراف المؤثرة في المشهد دون إقصاء ودون السماح بـ”فيتو” على أي مكون.

وأضافت أن “الفيتو” ضد مشاركة الإسلاميين “للأسف خارجي وتخضع له أطراف عديدة مؤثرة داخلياً”، موضحة أن استشعار الإقليم لخطر استمرار حالة عدم الاستقرار والصراع وأنه بات قابلاً للتمدد، دفع بعض هذه الأطراف إلى التفكير بموضوعية.

وقالت العوض إنه “لا يمكن لعاقل يسعى للحل في السودان تجاوز الإسلاميين لصالح قوى سياسية لا تملك رصيداً وطنياً ولا عمقاً جماهيرياً باستثناء حزب الأمة”.

ولفتت إلى أن من يؤججون المخاوف من الإسلاميين يرون أن مشاركة هؤلاء في أية عملية سياسية ستكون خصماً عليهم، متهمة إياهم بأنهم مسنودون بقوى إقليمية ودولية “ظلت مواقفها معادية للتيارات الوطنية المستقلة و للإسلاميين داخل وخارج السودان”.

ودعت حمد الأطراف السودانية للتحلي بالشجاعة وتحرير إرادتها، مطالبة إياها بتجاوز مصالحها لصالح الوطن.

وحذرت من أن الحرب ربما ترتد على دول جوار السودان قياساً “بحجم المرتزقة المنخرطين فيها وحجم السلاح ونوعيته”، مشيرة إلى أن “حل الأزمة الحالية في السودان يعني معالجة مبكرة لمشكلة قادمة لهذه الدول”.

من جانبه، قال الأمين العام لتنسيقية “تقدّم”، صديق الصادق المهدي لـ”الشرق”، إن تنسيقيته ترى أن أية عملية سياسية “يجب أن يمتلكها السودانيون”، دون فرض أي أجندة خارجية من أية جهة كانت.

وأضاف أن تصميم العملية السياسية المرجوة لابد أن يراعي موضوعها وأجندة أي اجتماع والأطراف المشاركة، مشيراً إلى أن اجتماعات القاهرة لا تعتبر جزءاً من عملية سياسية، إنما استهدفت تحقيق 3 أهداف، وهي توحيد الموقف المدني لوقف الحرب، وحشد الطاقات من أجل تقديم المساعدات الإنسانية، وسبل تهيئة مسار سلمي لحل الأزمة.

خالد عويس – الشرق للأخبار

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى