اقتصاد

أسهم “أرامكو”.. كيف تدعم صندوق الثروة السعودي؟

زاد صندوق الثروة السيادي السعوي من حصته في عملاق النفط في المملكة “أرامكو”، حيث أعلن، الأربعاء، استكمال نقل 8 في المئة من إجمالي أسهم الشركة لصالح الصندوق.

وأكد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان إتمام “نقل الأسهم من ملكية الدولة إلى محافظ مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة”، بحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء السعودية “واس”.

وأشار إلى أن مجمل الأسهم المملوكة للدولة بعد عملية النقل تتجاوز الـ82 في المئة من إجمالي الأسهم، وترتفع حصة الصندوق السيادي بذلك إلى 16 في المئة.

وبرر الأمير السعودي عملية النقل بهدف “مواصلة مبادرات المملكة الهادفة لتعزيز الاقتصاد الوطني على المدى الطويل، وتنويع موارده وإتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية بما يتوافق مع مستهدفات رؤية 2030”.

وأكد أن عملية النقل تساهم في “تعظيم أصول صندوق الاستثمارات العامة وزيادة عوائده الاستثمارية، الأمر الذي يعزز مركز الصندوق المالي القوي، وتصنيفه الائتماني”.

والحصة المنقولة “8 في المئة من القيمة السوقية لأرامكو أي نحو 164 مليار دولار”، على ما أفادت مسؤولة إعلامية بالشركة فرانس برس، وهو ما أظهرته بيانات مجموعة بورصات لندن، بحسب رويترز.

وأرامكو هي رابع أكبر شركة بالعالم من حيث القيمة السوقية، إذ تتجاوز تريليوني دولار.

الخبير في قطاع النفط، عامر الشوبكي، قال إن الزيادة في ملكية الصندوق السيادي في أسهم أرامكو تنسجم مع رؤية السعودية 2030، إذ أن عمليات نقل الأسهم التي تمت أكثر من مرة “تعزز من مركز الصندوق وملاءته المالية، وتعزز مكانته كخامس أكبر صندوق سيادي استثماري في العالم”، وجرت عمليات نقل سابقة بلغت كل واحدة منهما 4 في المئة من أسهم الشركة النفطية العملاقة.

وأضاف في رد على استفسارات موقع “الحرة” أن “الصندوق تخطت أصوله صناديق سيادية هامة عربية ليتجاوز أصول الصندوق الكويتي، وهو يطمح لأن يصبح الأكبر في العالم إذا تجاوز 2.7 تريليون دولار”.

ويرى الشوبكي أن نقل ملكيات أسهم من الدولة للصندوق تمثل “قرارات اقتصادية هامة من أجل تعويض خسائره التي تحققت خلال العام الماضي، ويعزز ملاءته المالية ما يمنحه القدرة على التوسع في القطاعات الاقتصادية المتنوعة الأخرى التي يستهدفها، وبهذا تدعم الرياض الصندوق على حساب أرامكو”.

وسجل صندوق الاستثمارات العامة السعودي خسائر في الأنشطة الاستثمارية بلغت نحو 11 مليار دولار خلال عام 2022 مقارنة بأرباح قدرها 19 مليار دولار في 2021، حسبما ذكرت وكالة “بلومبيرغ”، فيما لم تصدر نتائج 2023 بعد.

وجمع الصندوق سبعة مليارات دولار من عمليتي بيع ديون منفصلتين هذا العام، مستفيدا من الطلب القوي من المستثمرين على ديون الأسواق الناشئة، بحسب رويترز.

وذكرت “غلوبال إس دبليو إف” في تقرير، أواخر فبراير، أن إجمالي ديونه يقدر بنحو 36 مليار دولار، مضيفا أنه يستبعد أن يوقف الصندوق السيادي فورة الاقتراض.

وكان ولي العهد السعودي أعلن، في أبريل الماضي، نقل حصة تبلغ 4 بالمئة إضافية من أسهم “أرامكو” من ملكية الدولة تقدر قيمتها بعشرات مليارات الدولارات إلى الشركة العربية السعودية للاستثمار “سنابل للاستثمار” المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات.

جاء ذلك بعد أكثر من عام على نقل 4 بالمئة أخرى مباشرة للصندوق، ففي فبراير 2022، حصل صندوق الاستثمارات العامة على 4 بالمئة من أسهم شركة أرامكو قدرت قيمتها في ذاك الوقت بنحو 80 مليار دولار، وذلك بهدف دعم عمل الصندوق على تنويع الاقتصاد.

وقال جاستن ألكسندر، مدير شركة خليج إيكونوميكس الاستشارية، لرويترز: “سيوفر نقل الملكية هذا أكثر من تسعة مليارات دولار لصندوق الاستثمارات العامة من إيرادات توزيعات الأرباح السنوية من أرامكو”.

ويرجح الخبير الشوبكي بأن هذه الخطوة قد “تسبق التوجهات بطرح المزيد من أسهم أرامكو للاكتتاب، والتي قد لا تكون في السوق السعودية المحلية فقط، بل قد تُطرَح في أسواق مالية دولية”.

وقد أُدرِجت أرامكو في البورصة السعودية، في ديسمبر عام 2019 بعد أكبر عملية طرح عام أولي في العالم وصلت قيمته إلى 29.4 مليار دولار مقابل بيع 1.7 في المئة من أسهمها.

وقالت مصادر لرويترز، الشهر الماضي، إن السعودية تستعد لبيع المزيد من أسهم أرامكو في وقت لاحق من العام الحالي، مما قد يزيد تمويل برنامج رؤية المملكة 2030.

وصرّح محافظ صندوق الاستثمارات العامة، ياسر الرميان، الذي يرأس أيضا أرامكو، الشهر الماضي، بأن الصندوق يعتزم زيادة رأس ماله إلى 70 مليار دولار سنويا بعد عام 2025، من 40 إلى 50 مليار دولار حاليا.

وأشار إلى أن الصندوق أعلن خلال الفترة الماضية عن مشاريع وخطط طموحة، أكانت في مجالات النقل الجوي أو صناعة السيارات الكهربائية أو حتى في مجالات الترفيه والرياضة.

وقال الشوبكي إن هذا الأمر لا “يعني أي خسارة للمملكة في حصصها بأرامكو، إذ أن كل ما جرى يشبه إعادة توزيع لملكيات الأسهم، وبدل أن تكون مملوكة بشكل مباشر من الدولة أصبحت عن طريق الصندوق السيادي”، وبهذا فهي تستخدم ميزة هامة لديها بالاستغلال الأمثل لملكيات الأسهم لتصبح أرامكو داعما للمملكة وللصندوق الاستثماري في الوقت ذاته.

يقع الصندوق في قلب الخطة الطموحة لولي العهد لتنويع الاقتصاد من خلال إقامة ما يسمى بالمشروعات العملاقة والصناعات الجديدة، حيث تحول من مستثمر سيادي خامل إلى أداة استثمار عالمية تراهن بمليارات الدولارات على كل شيء انطلاقا من التكنولوجيا والرياضة.

ومنذ تسلم الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد، في عام 2017، تنكبّ المملكة على محاولة تنويع الاقتصاد عبر دعم قطاعات الترفيه والرياضة والسياحة وغيرها، بهدف وقف الارتهان التاريخي للنفط، بحسب فرانس برس.

ويدير الصندوق، الذي يعد من الأكبر في العالم، أصولا بأكثر من 700 مليار دولار، عبر استثمارات في 90 شركة في 13 قطاع اقتصادي، وتتنوع محفظته من الاستثمار في الرياضة واجتذاب صفوة لاعبي كرة القدم إلى إطلاق خط طيران وطني جديد ومقهى فاخر يقدم قهوة ومثلجات من لبن الإبل، ما جعله المحرّك الرئيسي للتحوّل الراهن في الاقتصاد السعودي.

وقال الخبير في معهد دول الخليج العربي في واشنطن روبرت موغلنيكي، لفرانس برس: “الأمر كله يتعلق بالوصول إلى المزيد من رأس المال الاستثماري. ويتلخص هذا في مدفوعات أرباح أكبر، ووضع مالي أقوى، والمزيد من الأصول الخاضعة للإدارة”.

وتابع “هناك أيضا سابقة لهذا النقل، ما يجعله سهل التكرار”.

واستثمر الصندوق 31.5 مليار دولار، العام الماضي، ليصبح صندوق الثروة السيادية الأكثر إنفاقا في العالم.

وحققت أرامكو، درّة تاج الاقتصاد السعودي، أرباحا “قياسية” بلغت 161 مليار دولار، في عام 2022.

لكن نتيجةً لانخفاض أسعار الخام والكميات المُباعة، تراجع صافي أرباحها، في الربع الثالث من عام 2023، بنسبة 23 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بعد انخفاض صافي الربح بنسبة 19 في المئة في الربع الأول و38 في المئة في الربع الثاني.

وتعلن أرامكو عن أرباحها السنوية لعام 2023، الأحد المقبل.

وقالت أرامكو في إفصاح للبورصة السعودية إن هذا نقل خاص للملكية وإن الشركة ليست طرفا فيه ولم تدخل في أي اتفاقيات أو تحصل على أي عائدات من هذا النقل.

وأضافت أن نقل الملكية لن يؤثر على إجمالي عدد الأسهم المُصدَّرة للشركة، وستُصنَّف الأسهم المُحوَّلة بالتساوي مع الأسهم العادية الأخرى للشركة، وأن هذا لن يؤثر على عملياتها أو استراتيجيتها أو سياسة توزيع الأرباح أو إطار الحوكمة.

وتعتمد الحكومة السعودية على مدفوعات أرامكو السخية، التي تشمل عوائد وتوزيعات أرباح أساسية وتوزيعات أرباح إضافية مرتبطة بالأداء أُدخلت، العام الماضي.

وضخت الدولة سيولة ضخمة لصندوق الاستثمارات العامة، بما في ذلك تحويل 40 مليار دولار، في عام 2020، إذ تنفق مبالغ كبيرة في محاولة لإصلاح الاقتصاد وخفض الاعتماد على النفط.

ومن بين قائمة مساعيها المذهلة مدينة نيوم المستقبلية المُخطَّط إنشاؤها في الصحراء والتي من المقرر أن تستضيف دورة الألعاب الآسيوية الشتوية، في عام 2029. وقال الأمير محمد بن سلمان، في يوليو عام 2022، إن المدينة ستُدرَج هذا العام وأن مرحلتها الأولى وحدها ستكلف حوالي 320 مليار دولار.

وقالت مونيكا مالك، كبيرة خبراء الاقتصاد في بنك أبوظبي التجاري، لرويترز: “تتزايد متطلبات التمويل للمضي في تنفيذ مشروعات متعددة”.

وأضافت “تعكس هذه الخطوة الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة في دفع جهود تنويع موارد الاقتصاد وأهمية عائدات النفط لتمويل برنامج الاستثمار. ومن المرجح أن تحصل الحكومة على حصة أصغر من إجمالي توزيعات الأرباح، لكن الهدف الرئيسي هو إحراز تقدم على صعيد التحول الاقتصادي”.

الحرة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى