آراءأبرز العناوين

هل فشل التهجير؟

حتى الآن على الأقل، لا يمكن القول إن إسرائيل حققت أياً من هدفيها الرئيسيين من الحرب على غزة، وهما القضاء على «حماس»، وتهجير سكان القطاع خارجه، فضلاً عن فشلها، حتى الساعة، في استعادة رهائنها لدى الحركة بغير مفاوضات.

لا يقف كثير من المحللين عند الهدف الأول، وهو القضاء على «حماس». بعضهم يفعل ذلك موقناً بأن الحركات السياسية، حتى إن كان لها ذراع عسكرية يمكن بترها أو تقليل مساحات تحركها، لا تنتهي برغبة الطرف الذي تواجهه، وإنما وجودها رهن بالقضية التي نشأت من أجلها. وذلك لا يعني أن الحركة ستفلت من الأسئلة التي ينبغي أن تجيب عنها في ما يتعلق بدوافع تصعيد السابع من أكتوبر/تشرين الأول وتبعاته الثقيلة على الشعب الفلسطيني، لكنها ستبقى أسئلة مؤجلة لحين توقف المأساة.

وستواجه الحكومة الإسرائيلية في الداخل أسئلة أيضاً متصلة بالإخفاق في التعامل مع التصعيد على أكثر من مستوى حين تنتهي الحرب بأي صورة.

يبقى الهدف الثاني، أي تهجير الفلسطينيين من غزة، شاغلاً لدوائر سياسية وأمنية ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم كله، بعد أن جوبه برفض مصري أردني استدعى من الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل نفسها نفي التخطيط له.

هذا النفي ربما يمثل نوعاً من المراوغة الإسرائيلية المرحلية؛ فكل الأعمال العسكرية التي تخطف الأنظار تغيّر شيئاً فشيئاً جغرافيا القطاع، بادئة بشماله الذي فرّ معظم سكانه إلى الجنوب، حيث يطاردهم القصف الضاري على غير ما وعدوا به.

واستهداف الفلسطينيين في جنوب غزة وتدمير منشآته، خاصة الصحية، يضيّقان الخناق أكثر عليهم ويخلق أوضاعاً إنسانية لا يملك معها من تُكتب له الحياة إلا البحث عن منجى قريب، وليس أقرب من الحدود المصرية. وساعتها، ستكون الدولة المصرية في اختبار إنساني وقومي عسير لا شك أنها تتحسب له، وإن كانت تجاهد دبلوماسياً لئلا توضع فيه.

يعاون في هذا الجهد الجانب الأردني الذي لا تنطلي عليه هو الآخر مراوغات إسرائيل لصرف الأنظار عن موضوع التهجير، فالأردن هو الوجهة المفترضة في السيناريو الإسرائيلي لفلسطينيي الضفة الغربية، طبعاً بعد أن يلوذ إخوانهم في غزة بسيناء هاربين من انعدام فرص الحياة في جنوبه.

اتحاد مصر والأردن في رفض هذا السيناريو والتحذير من تبعاته عطّل بلاشك تنفيذه، لكنّ ذلك لا يعني تخلي إسرائيل عنه، خاصة أنها وسّعت ضغوطها بشأنه لتشمل دولاً أوروبية طالبتها تل أبيب باستقبال آلاف من سكان غزة ليذوبوا في مجتمعاتها.

وليد عثمان – صحيفة الخليج

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى