آراء

الترفيه السلبي والإدمان الرقمي

لو أنك طرحت السؤال التالي: هل يمكن الاستغناء عن شبكة الإنترنت؟ فإن الإجابة البديهية، التي ستتلقاها: لا..لا يمكن الاستغناء عن شبكة الإنترنت. ويمكن لمن يجيب، أن يعطيك قائمة لا تنتهي من الأسباب، والدوافع والحثيثيات، التي تدعم سبب عدم القدرة على الاستغناء عن شبكة الإنترنت، بل إنك عندما تطرح مثل هذا السؤال قد ينظر لك بذهول واستغراب، والبعض قد يجد في السؤال نفسه خطأ، فلا يفترض طرح سؤال إجابته البديهية واضحة، هي لا. لكنك لو طرحت مثل هذا السؤال، قبل عقد من الزمن، كنت ستجد تبايناً في الإجابات، هناك من سيقول نعم يمكن الاستغناء، وهناك من سيتردد ويفكر، وهناك من سيجيب بأنه لا يمكن الاستغناء. ولو أنك طرحت السؤال نفسه قبل عقدين من الزمن، لكنت وجدت شبه إجماع بأنه يمكن الاستغناء عن شبكة الإنترنت، دون تردد.

إذن الزمن، والتطور، والاعتمادية، هي العوامل التي تجعل من الإجابات متباينة، وقد يكون مثل هذا الكلام بديهياً، ولا يدعو للتحليل، لكنه مهم، لأنه يذهب بنا نحو نقطة رئيسية مهمة تتعلق بالتعود، وأستخدم كلمة تعود، للتخفيف من كلمة أخرى، هي الإدمان، لأنه مع الأسف الشديد، رصدت الكثير من الدراسات والبحوث أن تصفح شبكة الإنترنت، لدى شريحة من الناس، بات بمثابة عادة يومية، ومستمرة، ومعها لا يمكن الابتعاد شاشة الكمبيوتر أو شاشة الهاتف الجوال.

على سبيل المثال، مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقضي البعض ساعات طويلة، وهو يتصفح هاتفه الجوال، ويتنقل من تطبيق لآخر، ويقضي في كل تطبيق أوقاتاً غير قصيرة، وهو لا يتوقف ولا يبطئ من اهتمامه وشغفه، بل على العكس يتزايد، والمشكلة أنه في مرحلة من اليوم، يشعر بالإرهاق والتعب، والحاجة الملحة للنوم، ويعتقد أن ذلك بسبب قلة النوم، أو الإرهاق في العمل، والحقيقة أن السبب أن العقل متعب، ومستنزف تماماً، بسبب تصفحه المستمر لعدة تطبيقات من مواقع التواصل الاجتماعي.

ولا تنس الألعاب، التي تطورت تطوراً مهولاً، وباتت كأنها أفلام يتم التحكم بأحداثها، والدخول في تحالفات مع لاعبين آخرين من مختلف أرجاء العالم.

من البديهي أن يقال باستحالة تصور العالم دون شبكة الإنترنت، لكن السبب ليس الخدمات التي تقدمها هذه الشبكة، والتسهيلات التي أحدثتها، بل في جوانب أخرى يغلب عليها طابع الترفيه السلبي، لذا يقال بأنه إدمان رقمي.

شيماء المرزوقي – صحيفة الخليج

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى