أخبارتحقيقات وتقارير

إمرأة غانيّة في قوات حفظ السلام تلهم النساء في السودان

تقول سيسيليا إرزواه، الضابطة الغانية البالغة من العمر 32 عامًا والعاملة في صفوف القوات الدولية، إن عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بحاجة إلى كسب ثقة المجتمعات التي تسعى إلى حمايتها، لكن هذا ليس بالأمر السهل.

وتخبر هذه العسكرية عن عملها الحائز على جوائز مع قوة حفظ السلام في منطقة أبيي السودانية المتنازع عليها.

«ليس من السهل مقابلة الناس ومطالبتهم بالانفتاح عليك فجأة »، تقول إرزواه، التي تضيف، «لذا كانت مسؤوليتي الكبرى، مع كتيبتي، هو التأكد من أن السكان المحليين يفهمون أننا محايدون، وأننا كنا هناك من أجلهم، وأننا نسعى لحمايتهم».

كانت إرزواه قائدة كتيبة الاشتباك الغانيّة في قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة بأبيي (UNISFA) التي يبلغ قوامها 3000 فرد، حيث خدمت من مارس 2022 حتى وقت قريب. ولدى سؤالها عن سبب انضمامها إلى القوات المسلحة، قالت إنها تحب الانضباط وهي معجبة بالثقة التي يمنحها ذلك، خاصة للنساء.

كان دورها في القوة الأمنية المؤقتة بأبيي هو التأكد من أننا «نتعامل مع المجموعات النسائية، والنساء اللواتي يرتدن السوق، وتلاميذ المدارس، والمعلمين، والقادة المحليين، فقط لفهم مخاوفهم، وما يفكرون فيه بشأن عمل الأمم المتحدة وكتيبتي، وما يعتقدون أنه بإمكاننا القيام به لجعل الوضع أفضل». كما كانت تبلّغ كتيبتها بردود فعلهم، مما أدى إلى إنشاء جسر اتصال بين جنود الأمم المتحدة والسكان المحليين.

وتقول إرزواه إنه إذا فهم السكان المحليون دور قوة الأمم المتحدة بشكل أفضل، فإنهم يشعرون بمزيد من الاستعداد لتبادل المعلومات، وهذا يمكن أن يساعد القوة الأمنية المؤقتة في مهمتها لحفظ السلام. “من خلال دورياتي والتقارير التي تلقيتها، تمكنا من معرفة أننا بحاجة إلى نشر المزيد من الأشخاص في هذه المنطقة، وفي هذا المكان. وبهذا، تمكنت كتيبتي من الانتشار لصد الهجمات. عندما تصد هجومًا، من الواضح أنك تنقذ أرواحا ”

كانت وظيفتها أيضًا هي تعزيز الأنشطة المدنية للقوة الأمنية المؤقتة، والتي تقول إنها تضمنت ترميم المدارس والتوعية الطبية. بالإضافة إلى الدوريات المنتظمة، أجرت كتيبتها أيضا «دوريات شهرية على الأقدام في السوق» لبناء جسور التواصل مع التجار والسكان المحليين.

أبيي منطقة حدودية غنية بالنفط متنازع عليها بين دولة السودان وجنوب السودان منذ استقلال الجنوب في عام 2011. لقد كانت فريسة لاندلاع العديد من أعمال العنف، والتي تقول إرزواه إنها تلحق خسائر وأضرار بحياة النساء والأطفال على وجه الخصوص.

تٌعتبر القوة الأمنية المؤقتة بأبيي واحدة من العديد من عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام الموزعة في جميع أنحاء العالم. وقد تم إنشاء هذه القوة بموجب قرار مجلس الأمن الصادر في يونيو 2011، عقب موافقة السودان وجنوب السودان على جعل أبيي منطقة منزوعة السلاح. وأعرب مجلس الأمن حينها عن قلقه الخاص إزاء أعمال العنف التي نتج عنها تصاعد التوتر وتشريد المدنيين.

وتتلخص مهمة قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة بأبيي في مراقبة الحدود بين السودان وجنوب السودان، وتيسير إيصال المعونة الإنسانية. وهي مخولة باستخدام القوة لحماية المدنيين وعمال الإغاثة في أبيي.

ويمثل المجندون والمجندات من غانا العدد الأكبر ضمن هذه الوحدة العسكرية المسؤولة عن الأمن في جنوب المنطقة المتنازع عليها. وتتكون الكتيبة المشاركة من هذا البلد الأفريقي من 22 فردًا، مع عدد متساوٍ من الرجال والنساء. وتقول إرزواه إن هذا مهم لاكتساب ثقة النساء خاصة. وتضيف: «هذا الامر يساعد في التواصل مع السكان المحليين من الذكور والإناث وعلى التفاعل مع الجميع».

لكن اكتساب الثقة ليس بالأمر السهل، وتميل النساء المحليات إلى الخجل. لقد اعتدن على رؤية قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. لكن إرزواه تعتقد أن رؤيتها في قيادة كتيبة مختلطة من الرجال والنساء قد ساعد في بناء الثقة: «لقد ألهمهم هذا الكثير من الشجاعة وحفزهم وأظهر لهم بأن المرأة قادرة على أداء ما يماثل ما يقوم به الرجال، إذا أُتيحت لها الفرصة.”.

وتعاملت كتيبة إرزواه مع النساء وأجرت مناقشات معهن حول العنف المنزلي والمساواة بين الجنسين ورعاية الأطفال. وخلصت إلى القول: «تحدثنا عن الرفاهية وكيفية الاعتناء بالأطفال، وعن العنف المنزلي، وما هي المعاملة التي يجب أن يلقينها”. «حقًا، النساء والأطفال عرضة للانتهاكات»، تضيف هذه المرأة القائدة.

كما نظمت الكتيبة الغانيّة حملات توعية بشأن مخاطر سرطان الثدي في مناطق انتشارها. «ولأن كتيبتي مكونة من ذكور وإناث، فقد جعل هذا من السهل جدًا مناقشة هذه القضايا مع النساء، لأنه يمكنهن التواصل معنا بسهولة».

كان لعملها أيضًا تأثير على عمل الشرطة المجتمعية، ومن خلال تعزيز دور المرأة داخل لجان حماية المجتمع المحلي. توضح إرزواه، زاد حضور المرأة في صفوف الشرطة المحلية، وتولت فيها ادوارا متقدمة. لقد كانت هناك نساء في هذه اللجان من قبل، ولكن نادرًا ما يتولين أدوارا قيادية.

تقول: «رأينا المزيد منهن يخرجن ويبادرن بفعل الكثير من الأشياء ويتواصلن معنا». وتضيف: «احساسهن بالمسؤولية في حماية أمن مجتمعاتهن يعزّز أيضا دورهن في المجال العام”.

في 25 مايو، حصلت إرزواه على الجائزة السنوية لأفضل مدافعة عن المساواة بين الجنسيْنرابط خارجي ضمن قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وسلمها الأمين العام أنطونيو غوتيريش بنفسه هذه الجائزة في نيويورك. وأشاد غوتيريش بعملها مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أبيي، قائلا إن «عمل الكابتن إرزواه وضع معيارًا لضمان انعكاس احتياجات واهتمامات النساء في عمليات حفظ السلام لدينا».

“لقد كان شعورًا رائعًا. لقد كنت متحمسة لتكريم كتيبتي، لأن هذه الجائزة تنافسية للغاية لجميع العسكريين”، تقول الضابطة الغانيّة. «إنه إنجاز لفريقي بأكمله».

وتبدو إرزواه طموحة، وتقول إنها تريد الاستمرار في إلهام النساء. معترفة بأن «مهمتنا ليست سهلة». “لكنني أعتقد أننا نساعد في جعل العالم مكانًا أفضل من خلال توفير الأمن للفتيات والنساء الصغيرات هناك. أريد أن أشجعهن على بذل قصارى جهدهن واغتنام الفرص المتاحة لهن”.

“swissinfo”

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى