مكي المغربي يكتب: الاتفاق النهائي جيد و لكن …

حدوث الاتفاق هو أمر جيد ولكن أتمنى ألا يكون على شاكلة نكتة الفيسبوك (أنا الآن لدي شاحن آيفون أصلي للعربية، لكن فضل لي العربية والآيفون.)
مجرد اتفاق .. بدون برنامج ولا كفاءات ولا رؤية جمعية اقتصادية ولا سياسية.
الجيد في الاتفاق على كتلة موسعة (شبه ٱجماع وطني) كما قال الفريق البرهان، هو هدوء الأوضاع وقدرة السودان على استعادة مكانته الدولية، أقول (قدرة) لكن النتائج يحكمها الأداء المهني المؤسسي والديبلوماسي وعوامل داخلية أخرى.
يظل الخطير جدا في الاتفاق أن القلم الشعبي الأحمر المرفوع مؤقتا عن الحساب لكل الأطراف سيبدأ التدوين من أول دقيقة من إعلان الحكومة، بل قبل أداء القسم، لأن الشعب سيكون لديه حكومة وأشخاص باسمائهم مدنيين وعسكريين (شركاء الصفقة) يحملهم المسئولية في رقابهم، ستسقط حينها أعذار يوجد (شد وجذب) والطرف الفلاني عطل العملية ومارس الاقصاء.
الاتفاق لو حدث، فإنه من الواضح جدا أن فيه محاصصة بالتفاهمات غير المعلنة، والمحاصصة هي (عدوة الإنجاز).
لاحظ أن الحساب الشعبي هذه المرة لن تصلح معه مخدرات المرحلة السابقة .. شماعة فلول .. وقرارات تمكين .. وتركة 30 سنة، ولا المخدرات الجديدة، تركة الانقلاب .. والتدخل الخارجي .. بل ستفضي محاولات (نفض العقرب) من كل طرف لرفيقه إلى ردة فعل شعبية سيئة للغاية وسيركب فوقها (من تعرفون)!
باختصار، لحظة التوقيع ليست انتصار، هي لحظة وضع ورقة الإمتحان الأخير بعد استنفاد كل فرص الملاحق والبدائل وإعادة السنة .. الإمتحان للجميع .. لابسين كاكي أو مدني أو “قمصان مشروطة” .. وبداية عد الزمن لتسليم الورقة، والزمن لا يعود للوراء.
ناس قحت – المركزي من حقهم أن يبرروا أمام (ما تبقى من قواعدهم) أننا وقعنا لقطع الطريق على الفلول .. هذا تبرير جيد للاستهلاك الحزبي المحدود .. لكن تسويقه شعبيا وتحويله مجددا لشماعة فشل وصك براءة من المسئولية .. هو ما سيؤدي إلى عودة النظام السابق بالمزيكا وسيعود بنسخة يصعب التفاهم معها جدا .. ولا تشبه أيام البشير اطلاقا، لقد كانت السلطة أصلا في يدهم ويساومون بجزء منها بارتياح وهدوء بال .. والمعارضة السياسية -خاصة- في السنين العشر الأخيرة كانت مدللة ومدلعة ومدعومة … هذه المرة سينتصر تيار شعبوي متأثر بما حدث له في وقت قريب و(قنعان) مسبقا من أي رضا دولي.
ما أنصح به هو:
أولا: الأداء .. الأداء .. الأداء .. لا بد أن يكون هناك اتفاق على تحريم وتجريم (الشماعات والمعاذير) .. وعدم قبولها في أي مراجعة.
ثانيا: عدم الالتفاف على أي قرارات قضائية، والامتثال الفوري لها، بل المثول أمام أي دعاوي تعويضات من قرارات التمكين دون أي تردد، وذلك لاغلاق هذا الباب نهائيا أمام أي محاولة مستقبلية لأخذ الحق بالقوة في لحظة تدني شعبية الحكومة .. وتدني بل انحطاط الشعبية أمر طبيعي للغاية في أي نظام.
ثالثا: اجراء انتخابات النقابات والاتحادات، فهي أصلا منظمة بقوانين سارية لا صلة لها بالتعيين والمحاصصة ولديها جداول معروفة، وستكون أفضل مجال لتنفيس الحراك السياسي في نسخة انتخابية لامتصاص أي عنف.
صحيفة الانتباهة