محجوب مدني محجوب يكتب: لماذا يدعي الاتجاه الإسلامي أنه بعيد عن العمل السياسي؟

نسي (الاتجاه الإسلامي) نفسه بهذا التصريح حيث جاء به من (بيت الكلاوي) حينما قال اليوم على لسان أحد رموزه:
(إن الجيش لن يوقع على الاتفاق النهائي.)
فإن كان هو بعيد كل البعد عن العملية السياسية كما يردد دائما من أين جاء بهذا التصريح؟
وليس هو بالتصريح العادي بحيث يقال عنه بأنه صادر من جهة يقال عنها بأنها متابعة ومراقبة فقط بل هو تصريح عميق وخطير يدل على أحد أمرين:
الأول: إما أن يكون هذا الجيش هو حليف (الاتجاه الإسلامي) وبالتالي استحالة أن يوقع على هذا الاتفاق الذي يرفضه (الاتجاه الإسلامي) جملة وتفصيلا.
الثاني: أو أن هذا التصريح مجرد فرقعة يصدرها (الاتجاه الإسلامي) من أجل التشويش والوقيعة بين الجيش وبين الأطراف التي تريد أن توقع معه الاتفاق.
وفي كلا الاحتمالين لا يعبر هذا التصريح الذي أدلى به أحد رموز (الاتجاه الإسلامي) عن موقف يحمد له.
إذ أن سياسة الإخفاء والمداراة في العمل السياسي إن نجحت على مدى عقود طويلة سابقة، فهي الآن فاشلة بكل المقاييس، فمن أول حدث سياسي سينكشف أمرها.
على(الاتجاه الإسلامي) إن كان فعلا يعبر عن اسمه عليه أن يأتي بحلول للأزمات السياسية.
عليه أن يأتي بوفاق يرضي جميع الأطراف.
عليه أن يأتي بحديث المراقب الحكيم لا بحديث المشارك الخفي في العملية السياسية.
لا حديث المؤجج للصراع.
وإلا ما الفرق بينه وبين الأسماء السياسية الأخرى؟
وهذا الجيش الذي تقول عنه أنه لن يوقع على الاتفاق على من تتحدث؟
هل تتحدث عن الجيش الذي يقوده الفريق البرهان؟
أم تتحدث عن الجيش السوداني المعروف بتاريخه وصموده أمام التحديات التي واجهته؟
إن كلمة (قيادي) التي تطلق على شخصيات تخرج تتكلم باسم (الاتجاه الإسلامي) لا بد أن يعرف كنهها، وعن ماذا تتحدث إن كان هناك فعلا كيانا يسمى (الاتجاه الإسلامي).
أما إن كان هذا الكيان هو عبارة عن مجرد كيان يبحث عن موضع قدم في الوضع الحالي.
إن كان هو مجرد كيان يريد أن يصطاد في الماء العكر.
إن كان هو عبارة عن حركات ماكرة تريد أن توقع بين الأطراف وتصدر في الأحكام من أجل ذلك، فمرة تظهر على أنها تدرك كل تفاصيل الصراع من مثل هذا التصريح، ومرة تبعد نفسها وتدعي بأنها بعيدة كل البعد عما يحدث من صراع.
إن كان كذلك فهذا الأسلوب الماكر ستكون هي أول ضحاياه.
ستكون أول ضحاياه حتى قبل الأطراف المتنازعة.
ستهاجم به على نفسها.
إن حقيقة الأزمات تبين حجم وفهم ووجود الأسماء الحايمة في الساحة.
فمن خلال تصريح واحد يمكن أن يكشف الاسم عن موقفه دون أن تتدخل أي جهة في كشف أمره وفضحه.

صحيفة الانتباهة