تحقيقات وتقارير

توقيع الإعلان السياسي.. الحسن الميرغني يقطع طريق انضمام شقيقه جعفر لرافضي التسوية

في الوقت الذي تتحدث فيه الأنباء عن اتساع هوة الشقاق بين الشقيقين جعفر ومحمد الحسن نجلي رئيس الحزب الاتحادي الأصل وزعيم طائفة الختمية محمد عثمان الميرغني، وتجاذبهما حول الانضمام للعملية السياسية التي ترعاها جهات متعددة لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، وقع محمد الحسن الميرغني بصفته نائباً لرئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي ــ الأصل على الإعلان السياسي الذي من شأنه اعتماد مسودة الدستور الانتقالي كأول حزب سياسي يبتدر هذه الخطوة علناً.
ويعتبر الإعلان السياسي بمثابة القواعد السياسية التي ستنبعث عن دستور المحامين الهادي للعملية السياسية ويمثل خارطة الطريق للعمل التنفيذي خلال الفترة الانتقالية المرتقبة، ويتوقع أن تتوالى توقيعات القوى الداعمة لمسودة الدستور الذي أعدته لجنة تسيير نقابة المحامين، على الإعلان السياسي، تمهيدًا لإطلاق محادثات بين الموقعين وقادة الجيش تتعلق بتسليم السُّلطة إلى المدنيين.

وقال بيان صادر عن مكتب نائب رئيس الحزب ورئيس قطاع التنظيم، صدر عقب مراسم التوقيع على الإعلان السياسي مساء أمس الأول الثلاثاء؛ إن محمد الحسن الميرغني “وقع على الإعلان السياسي المُكمل لمشروع الدستور الانتقالي”. وأشار الحسن إلى أنه يدعو إلى وحدة وتماسك الكتلة المدنية في سبيلها نحو تحقيق الانتقال المُفضي للتحول الديمقراطي.
وبحسب مشروع الدستور الانتقالي الذي نتج عن لجنة تسيير نقابة المحامين ووجد قبولاً كبيراً في الأوساط السياسية تبنت الترويج له الآلية الثلاثية التي تترأسها بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال “يونتاميس”، والاتحاد الافريقي الذي يمثله محمد الحسن ولد لبات ومجموعة الايقاد التي يمثلها محمد بلعيش فضلاً عن الآلية الرباعية المكونة من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وبريطانيا والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة لدول الترويكا فإن من حق القوى التي ستوقع على الإعلان السياسي أن تنال سُّلطات اختيار أعضاء مجالس السيادة والوزراء والتشريعي، إضافة إلى حكام الأقاليم وولاة الولايات ورئيس القضاء ونوابه ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية. كما قرر أن تُشكل القوى الموقعة على الإعلان مجلساً تشريعياً مستقلاً، لا يجوز حله، من 300 عضو خلال شهر من تاريخ توقيع الدستور؛ ليعمل على سن القوانين ومراقبة الجهاز التنفيذي والمفوضيات وتعيين رئيس الوزراء حال سُحبت منه الثقة.

وقال القيادي في الاتحادي الأصل إبراهيم الميرغني إن التوقيع على الإعلان السياسي “يقطع الطريق على محاولات الارتداد عن طريق تحقيق الاتفاق، ويضع أساساً متيناً للعملية السياسية وتجري الآلية الثلاثية المكونة من بعثة الأمم المتحدة في السودان والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد، مشاورات مع القوى السياسية قبيل بدء المحادثات المباشرة بين قادة الجيش والقوى السياسية وسط توقعات بإطلاقها هذا الشهر.
وبالمقابل أكد القيادي بالحزب الاتحادي الأصل أحمد الطيب المكابرابي أن توقيع الإعلان السياسي يعني أن الحزب أصبح جزءاً من القوى السياسية التي ستدير الفترة الانتقالية.

وقال المكابرابي إن التوقيع على الإعلان السياسي يؤكد أن الحزب ماض في وضع ترتيبات مهمة لإدارة الفترة الانتقالية، من واقع أن الإعلان السياسي يمثل البرنامج الذي ستتفق عليه القوى السياسية لإدارة الفترة الانتقالية، مبيناً أن الوثيقة الدستورية تعني بالكليات بينما يمثل الإعلان السياسي الاتفاق على الحد الأدنى بين القوى السياسية، وفق مشتركات تقود لإدارة فترة انتقالية تصل في نهايتها لانتخابات حرة ونزيهة.
ولفت المكابرابي إلى أن الإعلان السياسي يمثل خطوة متقدمة على الوثيقة الدستورية وهو مطروح الآن على كل القوى السياسية التي ستشارك في إدارة الفترة الانتقالية بعد الاتفاق الذي سيتم وفق مسودة دستور المحامين.
وأشار المكابرابي إلى أن السيد الحسن الميرغني سبق أن قدم نحو 40 ملاحظة على مسودة الدستور ويتم النقاش حولها، مبيناً أنه ليس بالضرورة استيعابها كلها من واقع أن الحزب لا يفرض رؤاه على المجموعة بدكتاتورية، وأن الاتفاق سيستوعب كل رؤى المجموعات المتحاورة.

ويرى المحلل السياسي محمد أحمد علي عبد الباقي أن توقيع الحسن الميرغني على الإعلان السياسي جاء ليعلن للعالم أجمع أن الحزب مع التسوية التي تقودها قوى إعلان الحرية والتغيير مع المكون العسكري، وليقطع الطريق أمام شقيقه جعفر الذي وقع تحالفاً مع قوى الحرية والمتماهية مع الانقلاب العسكري، مشيراً إلى أن التحالف الجديد الذي وقعه جعفر أقر فصل الدين عن الدولة، وهو أمر ربما لا يتوافق مع أيديولوجيا الحزب الاتحادي الأصل، مبيناً أن الحسن تعجل التوقيع ليظهر للعالم أن تحالف شقيقه لا يمثل الحزب الاتحادي الأصل الذي حدد موقفه من التسوية بالانضمام لها. ويقول محمد: يبدو أن الحسن تعجل التوقيع ليقطع الطريق أمام شقيقه خاصة وأنه كان قد تقدم بنحو 40 ملاحظة حول مسودة دستور المحامين القائدة للتسوية، بيد أنه لم ينتظر الرد حولها ليقرر مباشرة الانضمام للتسوية بتوقيعه على الإعلان السياسي.

ويشير المحلل السياسي ياسر عثمان إلى أن الحسن استفاد من عدة نقاط لتقربه من الحرية والتغيير أهمها أنه جاء مخالفاً لرؤية شقيقه جعفر التي يتوافق معها عدد من قيادات الحزب، منهم حاتم السر الذي كان يقول إبان تفجر الثورة بأن الحكومة لن تسقط ولن يكون هناك صف إلا صف الصلاة. ولفت ياسر في حديثه إلى أن الحسن ورغم أنه كان رئيس كتلة الحزب الاتحادي الأصل في البرلمان المحلول وكان كبيراً لمساعدي الرئيس المخلوع وسقط معه، إلا أن ذلك لم يمنع انضمامه لقوى الثورة لجهة أنه لم يكن مطلقاً ضد الحراك الثوري، بينما وقفت قيادات اتحادية ضد الثورة خلاف فترة الحراك الثوري، لكنها الآن انحازت في صراع الشقيقين لمعسكر جعفر الميرغني ما منح الحسن مساحة للتحرك.

تقرير: محجوب عثمان
الخرطوم: (صحيفة الحراك السياسي)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى