تحقيقات وتقارير

سؤال الراهن ما الذي يريده الحزب الشيوعي؟

 

عاد الحزب الشيوعي لإثارة الجدل حول طبيعة علاقته مع القوى السياسية في السودان وبالطبع حول آليات إسقاط الانقلاب الشعار الذي يرفعه الحزب منذ تنفيذ قائد الجيش لقرارات إصلاح المسار في أكتوبر الماضي .

وفي مشاركتها في قناة سودانية 24 هاجمت عضو اللجنة المركزية للحزب هنادي فضل قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وأكدت في المقابل على موقف حزبها الرافض للجلوس مع التحالف ككتلة واحدة، وقالت فضل إنها لم تكن تعلم بمشاركة ممثل المجلس المركزي في البرنامج وأنها هنا بعد أن تم إخبارها بأن الحلقة سيشارك فيها الباشمهندس مبارك أردول وفقًا لتعبيرها . لكن قبل أن ينتهي الغبار الذي أثارته تصريحات عضو اللجنة المركزية على الشاشة يظهر عضو المركزية كمال كرار مشاركًا في ندوة حول مشروع دستور تسييرية نقابة المحامين مع كل من محمد علي الجزولي مبارك أردول وصديق الصادق المهدي القيادي في المجلس المركزي وهو التناقض الذي يعيد طرح السؤال حول ما الذي يريده الشيوعي ؟

نفس الموقف

رغم ان الحزب سبق وأن أعلن موقفه منذ وقت باكر ضد الشراكة بين قوى الحرية والتغيير وما يطلق عليها اللجنة العسكرية لنظام المخلوع البشير بعد الحادي عشر من إبريل وانتهى به الأمر لتجميد نشاطه في التحالف ومن ثم رفض أي شكل من أشكال المشاركة في الفترة الانتقالية ومؤسساتها وأعلن لاحقًا إعلانه الرغبة في إسقاط حكومة الفترة الانتفالية التي يرى فيها امتدادًا لما يرفضه من الدعوة لمشروع الهبوط الناعم والتزامه بخيار الشارع الحاسم في تشكيل حكومة مدنية تساهم في تحقيق تطلعات الثورة بعيدًا عن سيطرة المحاور .

لكن جاءت المواقف اللاحقة للحزب متماهية للحد البعيد مع موقف الفلول الرافض لهم ، وبحسب الصحفي عباس محمد إبراهيم موقف الحزب الشيوعي متسق وخطه السياسي، ويكمل ما يجمعه مع مجموعة التوافق الوطني أكبر من أي مجموعات سياسية أخرى.

ويستدعي ما حدث في نوفمبر ٢٠٢٠ حين أعلن رغبته في إسقاط حكومة الفترة الانتقالية، وهو خط التحقت به الأجسام المكونة للتوافق الوطني بعد عام في أكتوبر ٢٠٢١ وتجمعت أمام القصر من أجله حتى صدر بيان الانقلاب في ٢٥ أكتوبر. بحسب إبراهيم التحالف التكتيكي بين الشيوعي، وتحالف ناس أردول قائم ونجح في تحقيق الهدف المشترك الأول وهو الإطاحة بحكومة الحرية والتغيير. ويختم هنادي فضل تمثل وجه نظر وخط حزبها السياسي بشكل صحيح، وواضح

أقرب للفلول.

بالنسبة للكثيرين فإن موقف الحزب الشيوعي في الوقت الراهن يبدو أقرب لموقف الفلول والتيار المعادي للثورة من يقولون بذلك يدعمون رؤيتهم بالتصريحات التي أطلقها عضو المركزية كمال كرار في ندوة الدستور وبدأت متماهية للحد البعيد مع رؤية محمد علي الجزولي فيما يتعلق بالموقف من مركزية الحرية والتغيير وفترة حكمها في البلاد قبل الانقلاب .

ويتهم الكثيرون الحزب الشيوعي بالتسبب في انقلاب أكتوبر من خلال موقفه الرافض لدعم المرحلة الانتقالية كما أن سلوكيات الحزب ومواقفه المتعنتة تسببت بشكل أو بآخر في تأخير إنهاء الانقلاب خصوصًا وأن الأخير يقف حجر عثرة في توحيد قوى الثورة وهو الشرط المفضي لإنهاء الانقلاب وفقًا لرؤية كثيرين وسبق للحزب أن أعلن رفضه مرارًا الجلوس مع قوى الحرية والتغيير ككتلة مشترطًا الجلوس مع مكوناتها كقوى حزبية منفردة وهو أمر اعتبرته قوى سياسية شكل من أشكال الوصاية المرفوضة ودعم لاستمرار الانقلاب. رغم أن الشيوعي ظل على الدوام يؤكد على أنه لن يعيد أخطاء الماضي التي أوردت الثورة موارد التبعية للأجنبي وفقًا لتعبيره بالنسبة له فإن تحالف الحرية والتغيير بشكله القديم استنزف كل مبررات وجوده وأن البديل له هو تحالف التغيير الجذري.

عدم جدية

فيما يرى الصحفي المختص في شؤون الحزب علاء الدين محمود أن تبني الموقف الجذري، أي التغيير الثوري، الطريق الذي ينتهي بإقامة الدولة الجديدة التي تقطع مع الماضي، هو الفهم والموقف الثوري الصحيح والمنسجم مع أهداف الثورة وينبغي على الحزب إذا كان جادًا في ذلك المسعى أن يلتزم بالمبادئ الثورية حيث إن ما يقوم به الحزب من تلاقي مع قوى القديم والمتمثلة في قحت أوقحت ب يقدح في التزامه الثوري، فهذه القوى تريد الحفاظ على القديم بأدوات التسوية والإصلاح، لذلك لابد للحزب إن كان جادًا من سد الباب أمام مثل هذه اللقاءات ومحاسبة كوادره، وعليه أيضًا أن يقوم بدوره كحزب ماركسي في قراءة وتقييم الواقعين الاجتماعي والسياسي وذلك ما ظللنا ندعو له الشيوعي وعقب ما جرى في اللقاء التلفزيوني وفي مداولات الندوة ارتفعت أصوات تطالب بضرورة محاسبة عضو اللجنة كمال كرار لخرقه ما تم التوافق عليه وإعلانه بواسطة مؤسسات الحزب كما أن هنادي فضل كتبت تغريدة على صفحتها بررت من خلالها لموقفها وحديثها بأنه التزام بخط الحزب الذي لا يمكن التراجع عنه .

سؤال الراهن

فيما بدأ السؤال الأكثر الحاحًا هو ذلك المتعلق بتحديد قاطع لموقف الحزب المطلوب منه الإجابة على سؤال ما الذي يريده ؟ في البيانات المتتابعة للمكتب السياسي فإن خط الحزب المعلن هو إسقاط الانقلاب ومواجهته وتحديد الطريق نحو ذلك بضرورة المضي خلف ما يريده الشارع ودعم لاءاته الثلاثة وانتقد الحزب الشيوعي السوداني في وقت سابق الإحاطة التي قدمها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة “اليونيتامس” فولكر بيرتس لمجلس الأمن الدولي . وقال إن توصيف فولكر للوضع في البلاد كان “عامًّا ومخلًا .

وقال الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني فتحي الفضل إن فولكر حاول توصيف الأزمة في السودان والخروج منها “حسب فهمه وليس كما تجري حقيقةً”

وأشار الفضل في تصريح صحفي ” إلى حديث فولكر خلال إحاطته لمجلس الأمن عن ثلاثة معسكرات، مؤكدًا أن في السودان معسكرين فقط، وموضحًا أنهما معسكر “الهبوط الناعم والتسوية السياسية”، ويضم -وفقًا للفضل- “اللجنة الرباعية أو الثلاثية أو السفير الأمريكي مع السفير السعودي والقوى التي حولهما سواء كانت من الممثلين للجنة الأمنية أو قحت أو الحركات المسلحة”، فيما أفاد الفضل بأن المعسكر الآخر هو معسكر لجان المقاومة وقوى “التغيير الجذري

ولفت الفضل إلى أن فولكر بيرتس تناسى “عن عمد” في إحاطته الإشارة إلى معسكر التغيير الجذري بـ”صورة عميقة” وعكَسَ رؤاه فيما يدور ويجري، عازيًا خطوة فولكر إلى رفض معسكر التغيير الجذري للمخططات التي تطرحها وتعمل من أجلها البعثة الأممية واللجنة الرباعية ومجموعة السفارات التابعة للاتحاد الأوروبي – على حد قوله

جذريون حتى النهاية

وفي سبيل سعيه للإطاحة بالانقلاب يتزعم الحزب الشيوعي التحالف الجذري لمواجهة الانقلاب والذي ينشط فيه تجمع المهنيين المقرب من الحزب وسبق للحركة الشعبية بزعامة الحلو أن أعلنت عدم مشاركتها فيه وهو ذات الموقف الذي تبنته حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد وفي سياق الدعوة للتغيير الجذري أعلن الحزب دعمه منقطع النظير للميثاق الثوري الذي تم طرحه من قبل بعض تنسيقيات لجان المقاومة والذي يطالب بابعاد كامل للعسكر من العملية السياسية وتمزيق الوثيقة الدستورية مع تقديم المشاركين في الحكومة السابقة من القوى الحزبية اعتذارًا عن إخفاقات تلك الفترة والهدف من كل ذلك هو إنهاء الانقلاب واستعادة الثورة.

يريد الحزب الشيوعي سودانًا ديمقراطيًا مدنيًا يكتفي فيه العسكر بالقيام بدورهم الطبيعي وتحدد فيه الإرادة السودانية للتغيير أهدافها بعيدًا عن توجيهات البعثة الأممية والسفراء وبالطبع القوى الإقليمية المتربصة بالتغيير. وهو ما لا يمكن تحصيله دون إسقاط الانقلاب العملية التي يشترط الشيوعي على من يسعون لتحقيقها أن يلتزموا بخطه للتغيير والمقاومة وهو ما لا يمكن حدوثه في الوقت الراهن ويأتي الرد عليه بأن الشيوعي ومن خلال خطه السياسي يسعي لتمكين الانقلاب لا تصفيته، بحسبما يقول من يهاجمهم الحزب.

الخرطوم : الزين عثمان

صحيفة السوداني

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى