تحقيقات وتقارير

ميثاق سلطة الشعب.. هل يقرب الشقة بين الفرقاء أم تتسع؟

يعول كثيرون على ميثاق سلطة الشعب في جمع وتوحيد القوى الرافضة للانقلاب في جبهة واحدة للمقاومة والعمل المشترك نحو إسقاط الانقلاب ووضع البلاد في مسار التحول الديمقراطي مجددًا، ولكن هذه الآمال المعقودة على ميثاق سلطة الشعب محفوفة بجملة من المخاوف وإدعاءات التخوين ومظاهر الدكتاتورية وإقصاء الآخر بحسب خبراء سياسيين يشيرون إلى أن الميثاق بشكله الحالي وتمسك اللجان بحق منح صكوك البراءة والثورية للفاعلين في المشهد السياسي يعتبر أكبر أزمة ستعترض طريق السير بالميثاق إلى غاياته باعتبار أن العمل المنفرد وإقصاء الآخرين لن يقود إلى تحقيق المطالب خاصة إذا ما سارت القوى السياسية المتهمة بالسعي وراء التسوية نحو إنجازها بالانخراط في الحوار المباشر الذي ترعاه الآلية الثلاثية بعد ان تنفض يدها تماما وتقطع حبال الوصل الممتدة مع اللجان والكيانات الثورية الاخرى ووقتها سيصبح ميثاق السلطة مترنحًا بفقدان كتلة سياسية كبيرة ومؤثرة في الواقع السياسي بالبلاد.

توقيع الميثاق.. وقائع على الارض
والأربعاء، وقّعت مجموعة من لجان المقاومة السودانية على”ميثاق سلطة الشعب”، الذي ينصّ على وضع حدٍ للانقلابات العسكرية في السودان، ورفض الشراكة مع”القوى المضادة للثورة” وإبعاد المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية، وأعلنت تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم عن تسيير تظاهرات غدا الإثنين نحو القصر الجمهوري، و دعت التنسيقيات في بيان لها الرافضين للانقلاب من جماهير الشعب السوداني لمواصلة التصعيد الثوري عبر طرق المقاومة المدنية و السلمية المختلفة ورفض التسويات التي لا تلبي تطلعات السودانيين ولا تعبر عن ثورة ديسمبر المجيدة. وأضافت “سنخرج في السادس عشر من مايو شاهرين هتافنا ومسلحين بسلميتنا التي ستظل مرعبة للأنظمة المستبدة وغداً سننتصر لثورتنا في معركتها ضد الانقلابيين وتظل رايتنا مرفوعة شامخة إلى أن نحقق النصر الكامل ونجلب العدالة لشهداء ثورتنا.

حوار الآلية.. البحث عن تسوية
وأمس الاول طلبت الآلية الثلاثية التي تسهل العملية السياسية في السودان، عقد اجتماع مع لجان المقاومة لمناقشة تطورات الأوضاع وأخذ رأيهم حول المشاورات التي تجري لإنهاء الأزمة، واقترحت الآلية الثلاثية أن يكون الاجتماع مع لجان المقاومة اليوم الأحد لمناقشة التطورات السياسية واستطلاع وجهات نظر ممثلي لجان المقاومة حول العملية السياسية والإجابة على أي سؤال حول العملية، وقالت لجان المقاومة في الخرطوم انها تدرس دعوة وصلتها من الآلية الثلاثية لحل الأزمة السياسية في السودان لاجتماع ضمن لقاءاتها التي ابتدرتها الخميس مع القوى السياسية يعقد الأحد المقبل، وبدأت الآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والإيقاد الخميس، المرحلة الثانية من المشاورات مع الأطراف السياسية في البلاد بعقدها ثلاثة لقاءات غير مباشرة ضمت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ومجموعة التوافق الوطني إضافة للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وتعارض لجان المقاومة الحوار الذي تديره جهات دولية لإنهاء حالة الاحتقان السياسي في البلاد ووقعت إعلانا سياسياً بعد أشهر من التداول نص على إسقاط الانقلاب العسكري ومحاكمة قادته وإصلاح المنظومة العسكرية والأمنية وحل المليشيات المسلحة وقوات الدعم السريع.

 

هدف الميثاق.. الوحدة والفرز والبناء

ويهدف ميثاق تأسيس سلطة الشعب، لتوحيد ما أطلقت عليها «قوى المقاومة الثورية»، على إقامة دولة مدنية وديمقراطية، تحفظ حقوق المواطنين، وترفض شرعنة السلطة العسكرية، وإعادة هيكلة وإصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية، وقال متحدثون باسم لجان المقاومة في مؤتمر صحافي عقد الاربعاء الماضي ، إن الميثاق يهدف لوضع حد «للانقلابات العسكرية» ودورها في تشكيل ملامح المشهد السياسي في السودان، وأضافوا: «الانقلابات العسكرية حالت دون تأسيس دولة وطنية ديمقراطية»، وقطع الميثاق برفض الشراكة مع ما أطلق عليها «القوى المضادة للثورة»، وإبعادها عن الحياة السياسية، ورفض شرعنة الشموليات، وعدم المساومة على حق الشعب في الحياة، وتحقيقها عبر الضغط الشعبي المدني، بانتهاج العمل السلمي المجرب والمبتكر، باستنهاض الحركة الجماهيرية.

 

التفاعل الإيجابي مع الميثاق.. دعوات سياسية من أفواه حزبية
ويرى عمر الدقير إنّ التوقيع عليهما خطوة كبيرة للأمام في طريق حشد طاقات قوى الثورة وتوحيدها، ودعا رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر يوسف الدقير، إلى التفاعل الإيجابي بعقولٍ مفتوحةٍ ونفوسٍ متجرّدة من أيّة أجندة خاصة، من أجلّ الخروج برؤية مشتركة يتمّ إنتاجها من كلّ المساهمات التي طرحتها قوى الثورة بصورةٍ منفردةٍ أو مشتركة، جاء ذلك وفق تدوينة على صفحته الرسمية، الجمعة، وقال الدقير إنّ ”ميثاق سلطة الشعب” الذي وقّعت عليه لجان المقاومة بولاية الخرطوم، ومبادرة “نحو وحدة قوى الثورة” التي وقّعت عليها بمدينة عطبرة أحزاب سياسية ولجان مقاومة ومنظمات مجتمع مدني، تمّ الوصول إليهما بعد جهدٍ جماعي مقدّر، وأضاف: يمثّل التوقيع عليهما خطوة كبيرة للأمام في طريق حشد طاقات قوى الثورة وتوحيدها، في مواجهة انقلاب ٢٥ أكتوبر، وأشار عمر الدقير إلى أنّه لا بدّ من الاتّفاق على صيغة تنسيقية تضمن توحيد جهود الجميع، إعلاميًا وميدانيًا وسياسيًا، للتعجيل بإنجاز المهمة التي لا خلاف عليها بين كافة قوى الثورة المتمثّلة في إنهاء الانقلاب وإبطال كلّ ما ترتب عليه، والتوافق على ترتيبات دستورية تنشأ بموجبها سلطة مدنية كاملة، في المستويات السيادية والتنفيذية والتشريعية، لتنفيذ مهام متفق عليها خلال ما تبقى من الفترة الانتقالية وصولاً لانتخابات عامة حرة ونزيهة.
ويرى مراقبون ان خطورة حالة الانقسام التي تعيشها قوى الثورة وعملية فرز الكيمان والتكتلات المبنية على اختلاف الرؤى المتعلقة في كيفية الخروج من الازمة السياسية التي تعيشها البلاد تعتبر أكبر أزمة تشهدها البلاد ومكمن خطورتها في انها جعلت المشهد قابل للانفجار في اي لحظة خاصة بعد انشطار القوى السياسية والتحالف الذي اسقط نظام الانقاذ الى عدة اقسام فضلا عن عدم اعتراف لجان المقاومة باي مجهود او خطوات سياسية نحو حل الازمة الراهنة والاكتفاء بلاءات الشارع الرافضة للكل والمطالبة بالسيطرة الكاملة على المشهد السياسي دون اعتبار لاي كلفة محتملة وهو الامر الذي ينظر اليه مراقبون بانه سيعود باثار كارثية على الثورة والتغيير نفسه وربما تعود البلاد الى المربع الاول بفرض واقع سياسي من قبل العسكريين.

من يرفض التوقيع؟
ثمة نوع من الاحباط المستشري في اوساط بعض الثوار على خلفية عدم توقيع مجموعات او لجان مقاومة على الميثاق المعلن، ووردت اسماء تنسيقيات الحاج يوسف وجنوب الحزام باعتبارهما الابرز في غير الموقعين فضلا عن غياب(غاضبون) باعتبارها ابرز الاجسام الثورية.
بيد ان معلومات لمصادر مطلعة كشفت عن توقيع تنسيقية الحاج يوسف لاحقا بعد عقد اجتماع استثنائي للتنسيقية مع لجنة الميثاق بغرض استصحاب ملاحظاتها وتضمينها في الميثاق الأمر الذي أفضى لتوقيع التنسيقية لاحقًا.
في السياق لا يبدو أن تنسيقية جنوب الحزام مهيأة للتوقيع وطبقًا لمعلومات المصادر فإن التنسيقية قامت بتسمية أحد أعضائها للمشاركة في لجنة الميثاق، ليجتمع سبعة اجتماعات من جملة 15 اجتماعًا، وحينما حدث له ظرف طارئ لم يبلغ التنسيقية لتسمية بديل له بل قام باختيار شخص آخر دون الرجوع للتنسيقية ليجتمع الشخص الجديد في عدد محدود من الاجتماعات وتغيب في البقية الامر الذي اسهم في تغييب تنسيقية جنوب الحزام وعدم توقيعها كبقية التنسيقيات.

وبحسب المصادر يجري حاليا ادارة حوار مع جنوب الحزام لحصر ملاحظاتهم على الميثاق فضلا عن تلافي الخطأ الاجرائي المتسبب في سوء التفاهم، ليتم دعوتها للتوقيع. كذلك في الجهة الاخرى تعتزم عدد من الاجسام الثورية والمهنية الترتب للتوقيع على الميثاق بهدف توفير قوة الدفع اللازمة له باعتباره خطوة في توحيد قوى الثورة الداعية لاسقاط الانقلاب واحداث تغيير جذري في البلاد، وعلى رأس تلك الاجسام غاضبون فضلاعن اعتزام شبكة الصحفيين السودانيين مخاطبة قاعدتها الصحفية للحصول على الموقف الداعم للخطوة ومن ثم التوقيع بالاضافة الى أسرة كلنا معاكم (آباء وأمهات لدعم الثورة) التي تعتزم ايضا التوقيع على الميثاق بعدما اصدرت بيانا رحبت فيه بالتوقيع والتزامها بما جاء في الميثاق..
التحليلات تذهب الى أن ثمة مجموعات لن توافق على التوقيع وهي تلك المجموعات المحسوبة على الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، وهي مجموعات يرى منسوبوها أن التوقيع على الميثاق يعني التوقيع على إسقاط ممثليهم في حكومة ما بعد الانقلاب وهو الامر الذي يتعارض مع المناخ الذي توفر لتلك المجموعات للتمدد في الدولة السودانية. بينما تقف على النقيض حركة عبد العزيز الحلو التي أيدت الميثاق لكنها أعلنت ايضا رفضها التوقيع عليه باعتباره لم يمس قضايا جوهرية الأمر الذي جعل كثيرين يراهنون على امكانية توقيع الحلو حال تمت المواءمة بين ميثاق الخرطوم والولايات باعتبارها أكثر جذرية في عملية التغيير فضلا عن شمول القضايا.

 

تقرير – مهند عبادي

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى