تحقيقات وتقارير

مجزرة فض الاعتصام.. الذكرى المنسية!!

مع اقتراب حلول الذكرى الثالثة لفض اعتصام القيادة العامة للجيش في الثالث من يونيو 2019، والتي قتل وفقد خلالها المئات من الشباب، ظل الكثيرون ينظرون إلى ملف فض الاعتصام كأحد أبرز أوجه البطء في ملف العدالة، إلى جانب غياب الرغبة في كشف الحقائق والوصول إلى نتائج ومعاقبة مرتكبيها، وفي الوقت ذاته تعرضت لجنة التحقيق في فض اعتصام القيادة لانتقادات عنيفة، على خلفية تأخرها في تقديم تقريرها النهائي، رغم مرور قرابة ثلاثين شهراً من تشكيلها، وتوقع متحدثون إحياء الذكرى الثالثة للمجزرة بمواكب لا مركزية راهنين استقرار الشارع بحل ملف فض الاعتصام، فيما أكدت منظمة أسر الشهداء تدويل القضية من أجل ما أسمته بضمان مستقبل الأجيال القادمة وحمايتها من المجازر، فضلاً عن أنها سانحة للقوى السياسية والعسكرية لتقديم تنازلات حقيقة من أجل الوطن وإجراء محاكمات عادلة بالاقتصاص من قتلة الشهداء وتهيئة البيئة وإيقاف الاعتقالات وتوفير الضمانات للحركة السياسية.

 

علامة فارقة
إن قضية فض الاعتصام هي قضية محورية للشعب السوداني ذكراها تعيد ذكرى أليمة له، ورغم مرور هذه السنوات ما زال الجناة طلقاء فضلاً عن أنها من الأشياء التي إن لم يتم حلها بواسطة العدالة الانتقالية لن يستقر الشعب، هكذا علق القيادي بالحرية والتغيير والخبير القانوني المعز حضرة في تصريح لمصادر مطلعة.
بينما اعتبر المحلل السياسي الفاتح محجوب فض الاعتصام علامة فارقة في تاريخ الثورة السودانية وأنه حدث مؤلم جداً الأمر الذي قاد للتوافق بين المكونين العسكري والمدني آنذاك على تكوين لجنة تحقيق مستقلة بقيادة القانوني نبيل أديب للكشف عن حقيقة ما تم في تلك الليلة وطبقاً لمحجوب في حديثه فإن لجان المقاومة قررت تسيير تظاهرات بمناسبة ذكرى فض الاعتصام  وحول أثر الذكرى على المشهد السياسي يقول إن مياهاً كثيرة قد جرت تحت الجسر منذ ذلك التاريخ إذ أن المكونين العسكري والمدني اختلفا على كيفية تسيير الفترة الانتقالية وجاءت إجراءات البرهان العسكربة التي أطاحت بحكومة قوى الحرية والتغيير لتزيد المشهد السياسي قتامة، أما تفلتات الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام فهذه كادت تنهي تماماً نعمة الأمن في العاصمة وكافة إقليم دارفور بأحداث جسام كادت تنسي الناس جريمة فض اعتصام القيادة خاصة أحداث كرينك والجنينة هذا الأسبوع وأضاف: إن البلاد في انتظار توافق سياسي لإنهاء حالة الانسداد السياسي والتفلتات الأمنية.

 

نسيان قضية
وبدوره يقول رئيس منظمة أسر الشهداء فرح عباس هناك محاولة لإبعاد ملف فض الاعتصام ونسيان القضية الشهداء عبر انقلاب 25 أكتوبر وقطع باستحالة نسيانها لأنها قضية جيل صاحب ذاكرة قوية ولا ينسى وفق تعبيره، وأضاف: القضية لن تسقط بالتقادم رغم تواطؤ لجنة التحقيق والخراب الذي لحق بالعدالة مع عدم الرغبة في تحقيق العدالة فضلاً عن عمل السلطة الحاكمة على تكريس وإعادة الإخوان الذين ينادون بنسيان الخلافات وأن نتوافق معهم وطرح عباس في إفادة لـ(اليوم التالي) جمالة من التساؤلات ماذا ننسى الشهداء أم المعتقلين والمسجونين، وزاد: لن نتوانا في الاستمرار فيها لتوفير الضمانات للأجيال القادمة.
وأشار إلى ممارسة أبشع أنواع الجرائم الإنسانية خلال عملية فض الاعتصام وكشف عن مخاطبتهم للمنظمة الدولية لحقوق الإنسان بجنيف وإبلاغهم بالتواصل من أجل كشف جرائم الاعتصام وبحسب رئيس المنظمة أن الملف أخذ أبعاده الدولية في لاهاي بهولندا سيما وأنه لا يمكن تحيق عدالة في السودان العدالة التي تتطلب إرادة وقوة وطنية صادقة، وتابع: لا توجد إرادة في اللجنة المحلية ولا نتوقع منها عدالة لشهداء فض الاعتصام خلال الفترة القادم وأنها لجنة لتطويل الآجال وقتل القضية بعامل الزمن، وحول ترتيباتهم لإحياء الذكرى قال إن أسر الشهداء سيخرجون على الشارع جميعهم وسيكون هناك مؤتمر باسم المنظمة وبوسترات بأسماء الشهداء.

 

جمع وحدة الشعب
فيما يرى لمحلل السياسي خالد الفكي أن ذكرى فض الاعتصام فرصة رغم آلامها وجراحها لاستجماع وحدة الشعب وطرح مبادرة جديدة على رأسها مبادرة القوى الثورة لمعالجة الأوضاع علاوة على أنها فرصة لمحاولة جمع الملفات والتي بدأت بإطلاق سراح المعتقلين، ودعا الفكي في حديثه القوى السياسية والعسكرية لتقديم تنازلات حقيقة من أجل الوطن انطلاقاً من المكون العسكري وإجراء محاكمات عادلة بالاقتصاص من قتلة الشهداء وتهيئة البيئة وإيقاف الاعتقالات وتوفير الضمانات للحركة السياسية، وبحسب المحلل السياسي أن ذكرى فض الاعتصام قد يعبر عنها رمزياً من خلال المواكب والمسيرات في الأحياء دون مواكب مركزية نتيجة للصيام واقتراب العيد سيما وأن المشهد السياسي يمر بمنحنى جديد في ظل ما يشاع عن حدوث تسوية سياسية كبرى لتوحيد آراء السودانيين لإدارة ما تبقى من الفترة الاتقالية.

 

غياب حقيقة
وفي السياق ذاته قال والد الشهيد عبدالسلام كشة إن هنالك غياب وتعتيم للحقيقة بعد ثلاث سنوات من ارتكاب مجزرة فض الاعتصام بجانب عدم التحري بصورة جادة في سرد أقوال القضية وانتهاج منظمة أسر الشهداء للصمت وعدم تعاونها مع لجان المقاومة لكشف الحقائق، مشيراً إلى أن حكومة ما بعد الثورة تجاوزه قضايا الشهيد ومنحت اللجنة الأمنية طوق نجاة بقبولها للشراكة وأضاف: تحالف المحامين الديمقراطيين مقصر ولم يهتم بقضة فض الاعتصام، وبحسب كشة أن التآمر على قصاص الشهداء الاعتصام بدأ مع تشكيل لجنة التحقيق المستقلة موضحاً أنهم قدموا مذكرات عديدة للجهات العدلية اعتراضاً على رئيسها وقال: هناك قول مأثورة في الخدمة المدنية تقول إذا أردت أن تقتل قضية فكون لها لجنة واللجنة تكون لجنة وتستعين بمن تراه مناسباً، وفي الوقت ذاته هاجم لجنة منظمة أسر الشهداء وقدم لها انتقاد لاذع واتهمه بالضلوع في النتيجة المربكة التي حدثت الآن وطالب بعقد جمعية عمومية وتغيير مكتبها التنفيذي، ونوه إلى أن المكون المدني جالس على السلطة عام ونصف دون تحريك ملف فض الاعتصام والمفقودين والشهداء وأضاف أن لجنة للتحقيق في جثامين مشرحة التمييز المتهمة بإيواء جثامين شهداء فض الاعتصام وقال والد الشهيد بحسب البنتاغون الأمريكي أن شهداء فض الاعتصام 1800 شهيد بينما تم تسجيل  في المنظمة 202 شهيداً.

توقف عن العمل
وفي وقت سابق قررت لجنة التحقيق في فض اعتصام القيادة العامة والولايات التوقف عن العمل وعدم ممارسة أي أعمال إلا بعد إخلاء المقر من الذين اقتحموه، مطالباً بالتأكد من أنه لم يتم العبث بالمستندات أو وجود أي معدات أو أدوات يمكن استخدامها في كشف أسرار التحقيق، وأفادت في بيانه بأنه تم الاستيلاء على مقر اللجنة بواسطة قوات أمنية قامت بالسماح لجهات مدنية بدخول مقر اللجنة ومباشرة أعمال صيانة في داخل المقر، وأشارت إلى أن قوات الأمن منعت العاملين مع اللجنة من الدخول واستلام أي معدات خاصة باللجنة.
وفي أواخر عام 2019، تم تشكيل اللجنة بقرار من رئيس وزراء الحكومة الانتقالية آنذاك عبد الله حمدوك، الذي قدم استقالته بعد انقلاب عسكري نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ولم تعلن اللجنة حتى الآن عن التوصل إلى أي نتائج من خلال التحقيق.

 

تقرير – محجوب عيسى

الخرطوم: (صحيفة اليوم التالي)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى