الفاتح جبرا

الفاتح جبرا يكتب: خطبة الجمعة

الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون :
يقول الله تعالى في محكم آياته : (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ) (3) ابراهيم
إيها الأحباب :
يقول الإمام محمد متولي الشعراوي في تفسيره للآية الكريمة: أن الآية لا تمنع الإنسان من حب الدنيا ،لكنها تتحدث عن أن تستحبها على الآخرة ،فهذا هو الأمر المذموم، أما إذا أحببت الدنيا لأنها تُعينك على تكاليف دينك ،وجعلتها مزرعة للآخرة ،فهذا أمر مطلوب ،لأنك تفعل فيها ما يجعلك تسعد في آخرتك، فهذا طلب للدنيا من أجل الآخرة، أما في هذه الآية ، فلا نجد هؤلاء الذين يستحبون الحياة من أجل أن يجعلوها مزرعة للآخرة ،بل هم يستحبون الحياة من أجل التمتع فيها. وأوضح الشعراوي أن قوله تعالى: «وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ» أي أنهم لم يكتفوا بحب الدنيا على الآخرة فقط ،ولم يكتفوا بالسير في طريق الشهوات والملذات ،بل تمادوا في الغى ، وصدوا غيرهم عن سبيل الله ،كأنهم ضلّوا في أنفسهم ،ولم يكتفوا بذلك ،بل يحاولون إضلال غيرهم ويصدونهم عن الهداية. وأضاف الشعراوي : أن قوله تعالى «وَيَبْغُونَهَا عِوَجا» أي يبغون شريعة الله مُعوجة ، لتحقق لهم نزواتهم، مشيرا إلى أن في هذه الآية نجد ثلاث مراتب للضلال: استحباب الحياة الدنيا على الآخرة، والصد عن سبيل الله، وتشويه المنهج كي يُكرهوا الناس فيه.
وبين الشعراوي : أن الله تعالى ختم الآية الكريمة بوصف هؤلاء: «أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ» أي أن أصحاب المرتبة في الضلال هم من استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة ،والذين توغلوا في الضلال أكثر فهم الذين يصدون عن سبيل الله، أما الذين توغلوا أكثر فأكثر فهم الذين يُشوهون في منهج الله لتنفير الناس منه ،أو ليحقق لهم نزواتهم وهكذا ساروا إلى أبعد منطقة في الضلال.
أيها الأحباب :
إن المتأمل في سلوك الناس في هذه الحياة الدنيا الآن يجد انغماس الناس في ملذاتها وشهواتها، رغم ما ورد في القرآن الكريم من التحذير من الاغترار بها وبمتاعها الزائل، قال سبحانه وتعالى: ﴿لَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [لقمان: 33] وقد ذكر القرآن الكريم ذلك عن الدنيا في معرض الذم، وبين أن ما فيها من زينة ومتاع ما هي إلا فتنة للناس وابتلاء لهم، فمن أخذ بما فيها من الحلال وترك المحرمات، ولم تلهه المباحات عن فعل الطاعات كان من الفائزين، ومن كانت الدنيا همه كان من الخاسرين. قال الحق تبارك وتعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ [آل عمران: 14].
اللهم أجعلنا من الفائزين ولا تجعلنا من الخاسرين أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فأستغفروه إنه هو الغفار الرحيم .

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى