وزير الإعلام السابق حمزة بلول: حل الأزمة رهين برحيل الانقلابيين والعودة للمسار الديمقراطي
حمدوك اتخذ موقفاً غريباً بالموافقة على العمل مع الانقلابيين
عقب خروجه من المعتقل ضمن من أطلق سراحهم في الدفعة الأولى من معتقلي سلطة الانقلاب، لملم أطرافه وغادر إلى قطر الدولة التي أتى منها قبل تقلده منصب وزير الإعلام، لكنه قبيل مغادرته كان قد عفر أقدامه في الخروج في عدد من المواكب المناهضة للانقلاب كان أحدها في اليوم الثاني لإطلاق سراحه… حمزة بلول أحد قيادات الحرية والتغيير الذين برزوا في المشهد السياسي دخلوا كابينة قيادة الحكومة الانتقالية في نسخة حكومة حمدوك الثانية.. مصادر مطلعة حاورته إسفيرياً لمعرفة رأيه في ما يدور في المشهد السياسي الراهن. بلول دعا إلى تطوير الحوارات الساعية لتوحيد القوى السياسية والمهنية ولجان المقاومة، ويرى أن رئيس الوزراء المستقيل د. عبد الله حمدوك اتخذ موقفاً غريباً بعد خروجه من الاعتقال التحفظي، ورغم وصفه لما جرى بالانقلاب إلا أنه قبل بمشاركة الحكم مع البرهان، ناقشنا معه العديد من الملفات، فتالياً نص الحوار.
بداية أستاذ حمزة بلول ما هي رؤيتكم للخروج من الأزمة الراهنة؟
بداية لابد من أن ترحم على شهداء الثورة السودانية، ونتمنى الشفاء العاجل كل المصابين، وعودة المفقودين، والحرية لكافة المعتقلين، ومن ثم نؤكد أن الأزمة الشاملة التي دخلت فيها البلاد نتجت بسبب الانقلاب الذي نفذه قائد الجيش الفريق أول البرهان في 25 أكتوبر، وبالتالي أي معالجة لهذة الازمة لابد أن تتضمن إزالة السبب الأساسي لها أي إزالة الانقلاب بشكل شامل، كما يجب أن تتضمن المعالجة الشاملة للأزمة إغلاق الطريق أمام أي مغامر للانقلاب على الحكم مرة أخرى، ويتطلب هذا الأمر حزمة من السياسات والقوانين والقرارات التي تضمن الانتقال الديمقراطي واستقرار الحكم المدني.
ّّعفواً .. برأيك كيف يمكن الوصول لذلك؟
كيفية الوصول لذلك تأتي من الشعب فالشعب السوداني الآن يقاوم الانقلاب بشتى السبل؛ ولاستكمال خطوات الإجهاز على الانقلاب يجب العمل على تطوير الحوارات الساعية لتوحيد كل القوى السياسية والمهنية ولجان المقاومة وغيرها من الجهات المناهضة للانقلاب، وبجانب تسريع وتيرة الحوارات وحدة قوى مقاومة الانقلاب، هناك جهود لمحاصرة الانقلاب اجتماعياً وسياسياً وقانونياً ودولياً لابد من تعزيزها لإغلاق كل المنافذ أمام الانقلابيين.
ازداد غضب الشارع في الآونة الأخيرة لا سيما بعض سقوط قتلى جراء العنف الذي تستخدمه القوات الأمنية تجاه المحتجين، فما هي سبل تحقيق أهداف الثورة المتمثلة في اللاءات الثلاث؟
منذ إعلان الانقلاب في 25 أكتوبر خرج الشعب للشارع رافضاً بشكل مطلق إجهاض الانتقال الديمقراطي، وظل الثوار منذ قيام الانقلاب يدافعون عن قناعتهم بشجاعة لا نظير لها، ورغم الإرهاب والعنف الإجرامي لم يتزحزح الثوار عن قرار إسقاط الانقلاب، لهذا سيظل الاعتماد لإنهاء هذا الوضع بشكل أساسي على قوى الثورة التي تحملت عبء المعركة، وقدمت ما يقرب ٨٠ شهيداً ومايزيد عن ألفين مصاب بعضهم إصابات مقعدة. ومع ذلك مازالت تتواصل التظاهرات بذات الزخم وبإصرار على عدم التنازل عن أحلام الشهداء بسودان الحرية والسلام والعدالة، أيضاً يتطلب إسقاط الانقلاب التواصل الفعال مع العالم الخارجي لمحاصرة الانقلابيين وكشف جرائمهم، وذلك في إطار تنويع أساليب المقاومة وشمولها، وبشكل عام يمكن القول إن ضغط الشارع ووحدة القوى الثورية وتفعيل قدرات السودانيين داخل وخارج السودان سينهي تحالف الانقلابيين وينهار سريعاً، فالثورة السودانية أنهت حكم نظام أيديولوجي مجرم بعد حكم دام حوالي ثلاثة عقود ولن يعجزها استكمال المهمة.
حمدوك في خطاب استقالته وجه صوت لوم للقوى المدنية مستنكراً حالة عدم التوافق، فكيف بإمكانكم كقوى مدنية الوصول إلى توافق من شأنه أن يعيد الاستقرار للبلاد؟
اتخذ رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك موقفاً غريباً بعد خروجه من الاعتقال التحفظي، لأنه ورغم وصفه لما جرى بالانقلاب، إلا أنه قبل بمشاركة الحكم مع البرهان لإدارة حكومة ما وصفه بالانقلاب، ورغم بداهة الخطأ إلا أنه اكتشف لاحقاً استحالة العمل معهم وكان من الأوجب عليه أن يوجه نقده لقتلة الشعب السوداني الذين قال إن سبب توقيع الاتفاق هو منعهم من إراقة الدماء، لكنهم لم يتوقفوا عن القمع والقتل طوال فترة عمل الدكتور حمدوك معهم.
هل ترى أن عدم توقف القتل كان سبباً في تقديمه للاستقالة؟
نعم أنا أعتقد أن هذا هو السبب الوحيد للمغادرة.
ولكنه قال إنه قدم استقالته بسبب عدم توافق القوى السياسية؟
الحديث عن أنه قدم استقالته بسبب عدم توافق القوى السياسية يمثل موقفاً أغرب من موقفه الأساسي بالعمل مع الانقلابيين، ولعل الأيام تكشف لنا أو يقرر هو مكاشفة الشعب والعالم بحقيقة ما جرى، لكن إلى ذلك الحين أقول إن هذا الاتهام للقوى السياسية بأنها لم تتوافق مردود لسبب بسيط، وهو أن هذه القوى لم تقبل الجلوس مع الانقلابيين وكان هذا خيار رئيس الوزراء المنقلب عليه، وكان الأجدر به الاعتراف بالخطأ وتوجيه الاتهام للجهة الصحيحة وهي المجلس الانقلابي الذي وقع معه اتفاق 21 نوفمبر .
هل لديكم أي ترشيحات فيما يخص تسمية رئيس الوزراء المقبل؟
نحن نعمل الآن مع جماهير شعبنا لإسقاط الانقلاب، أما عن هياكل الحكم ومن يشغلها فهذا أمر سيقرره الشعب بعد أن ينهي حكم هذه الطغمة، ونحن غير مشغولين الآن بهذا الأمر لأن كل الجهود تمضي الآن نحو الهدف الأسمى المتمثل في إسقاط الانقلاب.
كثير من المراقبين وصفوا الأوضاع في السودان بالمعقدة والتي من الممكن أن تنجر لما لا يحمد عقباه، فما هو تقييمكم لما يجري؟
الوضع في السودان معقد فعلاً لأن البلاد قطعت أشواطاً في طريق التحول الديمقراطي وكان الأمل أن يصل هذا الطريق إلى نهاياته المنطقية بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وهو الطريق الذي قطعه انقلاب 25 أكتوبر لذا فإن الحل الوحيد يكمن في إزالة الانقلاب والعودة لمسار الانتقال الديمقراطي .
برأيك هل يمكن أن تحقق المبادرات المطروحة حلاً للأزمة؟
كما قلت فإن حل الأزمة رهين برحيل الانقلابيين والعودة لمسار الانتقال والتحول الديمقراطي، ولهذا فإن أي مبادرة تحمل في طياتها مستقبلاً للانقلابيين لن تكون معبرة، عن طموحات الشعب الذي يقدم يومياً دروساً في البسالة والسلمية للمحافظة على ثورته واستعادتها كاملة .
ما تعليقك على خروج أجسام من الحرية والتغيير كالتجمع المدني، هل يضعف من الحراك نحو إسقاط الانقلابيين؟
من حيث المبدأ خروج أي جسم من الحرية والتغيير ليس أمراً إيجابياً، ولكن هذا خيار مطروح، الأمر الأهم الآن هو الوحدة الشاملة لمناهضة الانقلاب أياً كانت المنصة التي ننطلق منها .. القوى السياسية يجب أن تتوحد نحو هدف واحد وهو إسقاط النظام بغض النظر عن إن كانوا ضمن تحالف قوى الحرية والتغيير أو خارجه.
هل تعتقد أن المد الثوري تراجع واضمحل بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر من انقلاب 25 أكتوبر كما تقول الأجهزة الأمنية في وسائل الإعلام؟
لا أعتقد أن المد الثوري تراجع، والشاهد على ذلك أن القوى الانقلابية والداعمون لهم لا يزالون يقفون في ذات محطة يوم الانقلاب الأول، ولم يستطيعوا أن يمضوا خطوة واحدة للأمام، وهذا دليل على أن الحراك الثوري لم يضمحل، ولكن تعددت الأساليب الثورية، وكل يوم تزداد عزلة الانقلاب الذي يواجه الشعب الأعزل بالسلاح.
حوار – مبارك ود السما
الخرطوم: (صحيفة الحراك السياسي)