تحقيقات وتقارير

محصول القطن بالجزيرة.. تباطؤ سداد الأسعار واقع الحال

طالب باحثو وخبراء الاقتصاد الجهات المسؤولة بضرورة أن يخضع سعر شراء القطن حسب آليات العرض والطلب، والإعلان عن سعر ضمان شراء للقطن، وبرروا ذلك لأنه يمثل حماية للمزارعين، وكانت مصادر صحفية نقلت أن هناك شكوى من عدم الإيفاء بسداد أسعار القطن محلياً بمشروع الجزيرة هذا العام، وقالت المصادر إن ضعف السيولة النقدية حرمت أغلب المزارعين من صرف حقوقهم مقابل الإنتاج الجديد، ويرى اقتصاديون أنه لا توجد جهة مسؤولة رسمياً عن مزارعي القطن، منتقدين الحكومة عن دورها في دعم الزراعة وحل الإشكاليات التي تعترض عمل المصدرين وتوفير المطلوب لاستعادة ميناء بورتسودان.

أزمة إغلاق
وقال الباحث في مركز الراصد للدراسات السياسية والاقتصادية دكتور الفاتح عثمان إن الأوضاع في مشروع الجزيرة تغيرت بشكل جذري بعد قانون 2005م، مضيفاً أن القانون أعطى المزارعين الحق في زراعة المحاصيل الزراعية التي يرغبونها، نافياً وجود أي سلطة لإدارة مشروع الجزيرة عليهم، موضحاً أن دور إدارة المشروع ينحصر في توفير الماء للمزارعين وبيعه لهم بالتنسيق مع روابط المزارعين، ويرى أن مشكلة مزارعي القطن هذا العام تمثلت في عجز المصدرين عن تصدير القطن والسمسم والفول السوداني، إضافة إلى المحاصيل الزراعية بسبب أزمة إغلاق ميناء بورتسودان والطرق المؤدية إليه، لافتاً إلى أنها أزمة آثارها باقية حتى الآن بالرغم من رفع الإغلاق وفتح الميناء.

منقذ المزارعين
وقال إن شركات الشحن ما زالت غير راغبة في التعامل مع ميناء بورتسودان، مشيراً إلى أن هناك مشكلة ظهرت لم تكن في الحسبان نتجت عن التحول للاستيراد عبر مصر وليبيا، وتابع _ وهي عدم توفر حاويات الشحن، وبرر ذلك لأن الحاويات التي يتم بها استيراد السلع هي عينها التي تستخدم في الصادر وبما أن الاستيراد عبر ميناء بورتسودان نقص الى الثلث أو أقل فإن الحاويات باتت غير متوفرة وحتى التي يتم توفيرها تكون بأسعار باهظة جداً، قائلاً إنها تحول دون نجاح المصدرين في تسويق سلع الصادر، مؤكداً أنه انعكس على أسعار المحاصيل الزراعية بما في ذلك القطن والسمسم والفول السودانى ولم يجد المزارعون منفذاً غير البيع للمصريين بأسعار تقل كثيراً عن نصف سعر السوق العالمية، ويقول: لكن مع عدم توفر البديل مثل المصريون دور المنقذ للمزارعين إذ أنه في غيابهم سينقص السعر إلى نصف هذا السعر الحالي الذي يدفعه المصريون.

دعم الحكومة
ويشير د. فاتح إلى أن المزارعين كانوا يتوقعون (85) ألف جنيه للقنطار لكن في ظل غياب الدور الحكومي في توفير سعر تركيزي مربح للمزارعين فإن سعر 45 ألف جنيه قد يكون أفضل خيار ممكن، ويرى أنه لا توجد جهة حكومية مسؤولة رسمياً عن مزارعي القطن، واستطرد بالقول: لكن هذا لا يعفي الحكومة عن دورها في دعم الزراعة وحل الإشكاليات التي تعترض عمل المصدرين وتوفير المطلوب لاستعادة دور ميناء بورتسودان، إضافة إلى جذب شركات الشحن العالمية مرة أخرى إلى ميناء بورتسودان حتى لو بإلغاء كافة الرسوم أو معظمها لمدة عام وغير ذلك من الإجراءات.

هامش ربح
ويقول الباحث والاقتصادي دكتور هيثم محمد فتحي إن الحكومة ترى أن مسؤوليتها في محصول القطن فقط تكمن في تحديد سعر المحصول وشرائه، مضيفاً بأن المزارعين قبلوا بتحديد هذه التسعيرة، موضحاً أنها أسعار متدنية مقارنة بالتكاليف الباهظة التي تكفل بها المزارعون، وطالب الحكومة بضرورة إنشاء مراكز بحث علمية مختصة، تراقب المحاصيل الزراعية، كما طالب بضرورة أن يخضع سعر شراء القطن لآليات العرض والطلب والإعلان عن سعر ضمان شراء للقطن، قائلاً إنه يمثل حماية للمزارعين، وتابع: يترك لآليات العرض والطلب، حتى يضمن المزارع الحصول على تكلفة الزراعة وتحقيق هامش ربح، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج التي يتحملها من السماد والمبيدات وأجور العاملين خاصة أن سعر القطن متغير ومن النادر ما يحقق ربحاً للمزارع.

دور تنموي
وقطع دكتور هيثم بأن ما حدث الآن من تأخير دفع الاستحقاقات سيؤدى ذلك إلى حدوث خسائر للمزارعين وبالتالى إحجامهم عن زراعة القطن الموسم القادم، مبيناً أن ذلك لا يتماشى مع طموح السودانيين والدولة الهادفة الى زيادة المساحة المزروعة من الأقطان السودانية لتلبية احتياجات المغازل المحلية والتصدير، ويرى ضرورة حرص الدولة على ذلك وحل المشكلات، وأن تكون قضايا المزارعين في مقدمة اهتمامات الدولة لما تلعبه الزراعة من دور تنموي وإنتاجي، ولأن القطن هو مصدر التجارة وله أهمية قصوى في الصناعة.

اهتمام ومساندة
وفي السياق ذاته اعتبر نائب رئيس حزب اتحاد قوى الأمة (أقم) أن القطن السوداني من أكبر الموارد النقدية عالمياً في البلاد منذ القدم، وقال في حديثه إن مشروع الجزيرة وإنسانه لهم القدح المعلى في ذلك من حيث التجهيز والترتيب في كل مراحل الزراعة حتى الحصاد، مضيفا أن هذا المورد المهم كان بالإمكان أن يجد الاهتمام والمساندة والدعم المادي والمعنوي، إضافة إلى التسويق من الدولة المتمثلة في وزارتي الري ووزارة المالية والبنك الزراعي، ويشير إلى أن مورد “القطن” لم يأتِ صدفة، بل له مواقيت ومواعيد معروفة لكل سوداني.

معاناة مزارعين
وطالب أبو سيل بضرورة أن يتم الترتيب له وفرض ميزانية له لدعم المزارعين في جميع مراحل الزراعة حتى الحصاد مع إيجاد التسويق المناسب والمجزي ليكون دافعاً ومحفزاً للمزارعين، وقال إن يغيب أو يتأخر الإيفاء بسداد أسعار القطن محلياً بمشروع الجزيرة هذا العام بسبب ضعف السيولة أو عدمها مبررات واهية وغير مقبولة ولا منطقية، ويعتبر أن عدم الصرف لحقوق المزارعين أو تأخيرها إجحافاً وخيبة أمل كبيرة، وتوقع أن يؤدي ذلك إلى تدني المنتوج في الأعوام القادمة خاصة أن المزارعين عانوا كثيراً في عملية الزراعة في ظروف ارتفاع تكاليف الزراعة، وقال في ختام حديثه إن الجهات المسؤولة عجزت عن الدفع، مطالباً بضرورة تدخل فوري وتوفير السيولة للمزارعن تفادياً لأي إخفاقات مستقبلية.

تقرير – أمين محمد الأمين
الخرطوم: (صحيفة اليوم التالي)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى