تحقيقات وتقارير

آخرهم والي البحر الأحمر.. استقالات المسؤولين تسليم أمام الواقع المضطرب

بدأت أوراق شجرة ولاة الولايات والمسؤولين في التساقط، حيث لم تمضْ استقالة والي ولاية الجزيرة المُكلف عبدالهادي عدلان من منصبه أكثر من يوم لتلحق بها استقالة والي ولاية البحر الأحمر مجدي إبراهيم، وفي الأيام القليلة الماضية قدم وزير الشباب والرياضة المكلف، أيمن سيد سليم، من حكومة تصريف الأعمال، التي شكلها، البرهان القائد العام للقوات المسلحة السودانية قدم استقالته.

والي البحر الأحمر لم يوضح حيثيات استقالته من منصبه الذي كلف به مؤخراً، وأشار الى انها جاءت لظروف صحية بعكس والي ولاية الجزيرة الذي قال إن الجهة المنوط بها تعيين الوزراء والوكلاء هي مجلس الوزراء، وليست مجلس السيادة، واوضح أن قرار تعيينه لم يتم استشارته فيه لمنصب الوالي، وإنه قبِل بالموقع في السابق امتثالاً لنداء للوطن في هذا الظرف الحرج إلا ان بعض المراقبين يرون ان استقالات المسؤولين في ظل الازمة الحالية يمثل تسليماً امام الواقع المضطرب.

ضغط مباشر
وربما يكون مجلس السيادة الانتقالي الجديد ضلعاً مهماً في تساقط الولاة خاصة وان الأمر محض تكليف جاء لسد الفراغ الدستوري، ويقول استاذ العلوم السياسية بالجامعات، د. راشد محمد علي، إن الاستقالات التي دفع بها الوزراء و ولاة الولايات مؤخراً هي نتيجة للسياسات التي اتبعها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، مما تسببت في الضغط المباشر على القيادات التنفيذية والدستورية، لأن الأفكار التنفيذية اختلفت مع البرهان.
فمنذ تحركات البرهان في 25 أكتوبر تكونت لدى الأفراد المسؤولين اتجاهات ذاتية، وحتى لا تحسب على الرصيد السياسي للفرد دفع بعضهم لتقديم استقالاتهم، وهنا الاستقالة ليست استقالة حزب إنما استقالة فرد كان يمارس مهمة مهنية محددة.

بيئة غير مهيأة
ولفت راشد خلال حديث إلى أن هؤلاء الذين تقدموا باستقالاتهم عملوا في ظل ظروف صعبة وكانوا يمنون النفس بحدوث اتفاق بين الأطراف السياسية المتصارعة وان تكون الظروف مرنة أو بها انفتاح من كافة الجهات وأضاف: “وفقاً للرؤية الاستراتيجية فإن كل القوى السياسية التي جاءت عقب التغيير وسقوط البشير لم تكن مهيأة، لأن التغيير أحدث واقعاً معقداً جداً وكانت فيه ارتباطات تتعلق بالنظام البائد ممتدة وان كانت موجودة خلف الكواليس” مشيراً إلى أن القوى السياسية كان عليها الإقرار بعدم القدرة على التعامل المرن ومع الظروف الموضوعية التي خلفها التغيير. فالقوى السياسية الكبيرة التي مسكت بزمام الحكم عبر الإرادة الثورية أفرزت الأزمات والصراعات السياسية والتباعد بين مكونات الدولة.

ملل
من جانبه يرى المحلل السياسي محمد عمر أن الاستقالات ستكون كثيرة ومتلاحقة في الأيام القليلة القادمة جاءت من واقع أن الانقلابي البرهان بات يخسر كل شيئ بسرعة لأنه ليس لديه أرضية أو شرعية يستند إليها. وقال محمد ان الملل بدأ ينتشر بسرعة وسط مؤسسات الدولة سواء أكان في أعلى هرم المؤسسات أو في الوظائف الصغيرة، واستشهد محمد بكثير من القطاعات التي ارتفع صوتها تنادي برفع يدها من قرارات البرهان التي جاء فجر يوم 25 اكتوبر من العام الماضي. وتابع قائلا: وبالمقابل الحراك الثوري يكسب فئات ومجموعات جديدة تضم صوتها إلى صوت الشارع الذي ينادي بحكم مدني خالص، فكل ما تمر الأيام بتقل الفرص لدى رئيس مجلس السيادة الذي ينبغي عليه الامتثال لرغبة الشارع وسماع صوته.

مستقبل مظلم
وحذر محمد من الانزلاق نحو تعطل الحياة في حال تمترس البرهان بالحكم، لأن المستقبل بات أكثر ظلاماً في ظل سير السودان بلا حكومة تنفيذية مستقرة، لأن مجلس السيادة فشل في تشكيل حكومة من كفاءات وطنية غير حزبية، يرتضيها الشارع السوداني، فوكلاء الوزارات الذين كلفهم البرهان بتسيير دولاب العمل لن يستطيعوا أن ينجحوا في مهاهم، لأن وظفيتهم تنفيذ سياسات الوزير وليس وضع السياسات، وكذلك الحال بالنسبة للولاة المكلفين بجميع الولايات.
وأضاف محمد : السودان جسده لا يحتمل فجوة في الحكومة أكثر من ما هو عليه الآن، مشيراً إلى أن التأخير في تسليم السلطة لحكومة مدنية سيغرق السودان في صراعات ومشاكل لا يمكن حلها، وتختفي الخيارات الحالية لحل الأزمة السياسية.

 

تقرير – ود السما
الخرطوم: (صحيفة الحراك السياسي)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى