تحقيقات وتقارير

السطو المسلح في العاصمة الخرطوم .. إلى أين يتجه المصير؟!

تظل حوادث السطو المسلح من الظواهر التي تؤرق المواطنين والأجهزة الأمنية على حد سواء، باعتبار أنها تمظهر يشي بوجود الانفلات الأمني، في ظل الظروف الأمنية والسياسية التي تشهدها البلاد.
عوامل عدة جعلت حوادث النهب، أو ما يعرف بـ(9) طويلة، تأخذ تطوراً لافتاً في وسط المواطنين، وفجر أمس السبت حوالي الثالثة والنصف تفاجأ صاحب محل في منطقة الشقيلاب الحسانية جنوب الخرطوم، بمسلحين يقتحمون بقالته، شاهرين أسلحة كلاشنكوف، قبل أن يتوجهوا إلى ورشة الحدادة وينهبون أمواله وهواتفه. ويحكي المجني عليه قصته لحظة الاعتداء عليه بأنها كانت أكثر ساعات الرعب التي عاشها في حياته، حيث وجد أمامه رجالاً ملثمين يشهرون السلاح في وجهه ويطلبون فتح خزنته، وأنه لم يتردد في الاستجابة وفتح لهم خزنته ونهبوا ما بداخلها، وبينما هو يقف مذهولاً غير مصدق لما يحدث له، وفي تلك الأثناء توجه (4) أفراد منهم إلى ورشة حدادة لا تبعد مائتي متر عنه، وداهموها وأخذوا هواتفهم النقالة ومبلغاً من المال.

بالطبع هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة حتماً، ففي الأسبوع الماضي تداولت مجموعات التواصل الاجتماعي قصة نهب شبيهة بها تم الاعتداء فيها بسلاح الكلاشنكوف، ومفادها تعرض منزل إمام مسجد في منطقة الواحة لعملية نهب مسلح من قبل (6) أفراد (4) منهم يحملون أسلحة كلانشكوف (2) يحملون “سيخ”، وذلك تزامناً مع صلاة الفجر. وبحسب الراوي فإن المسلحين دخلوا على أفراد الأسرة وقاموا بتقييد ربة الأسرة وتكميمها ومعها ابنها، ونهبوا الخزنة ومبلغ 123000، وذهباً وهواتف وشاشة التلفاز، وأسطوانة الغاز.
اللافت في الأمر أن تلك الظواهر تختفي حيناً وتعود مجدداً، بيد أنها تبدو ذات ارتباط وثيق بالظروف السياسية التي تمر بها البلاد. لكن أخطر وجود السلاح الناري، إذ أن (9) طويلة ارتبطت في معظمها بالخطف عبر استخدام الدراجات النارية.

انشغال وغياب الشرطة
وحول تزايد الانفلات الأمني وزيادة حالات السرقة يقول الخبير الأمني دكتور طارق محمد عمر, إن الأمن ينقسم إلى قسمين قسم استخباري وهو مسؤول بنشاط الجواسيس والعملاء والأمن الوقائي، وقسم جنائي وهو مسؤولية الشرطة، وأن علميات النهب والسرقة والسلب تتعلق بالعمل الجنائي. وقال دكتور “طارق محمد” في حديثه إن أسباب انتشار عمليات السرقة والنهب بكل أشكالها ترجع لتدهور الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفقر وغلاء الأسعار مقارنة بالدخل، وغياب الوازع الديني، إضافة إلى انتشار السلاح الأبيض والمسدسات الخفيفة والتي تطورت إلى أن وصلت إلى الكلاشنكوف. ويضيف أن انشغال الشرطة بالتظاهرات وفضها إضافة إلى ضعف إمكانيات الشرطة من حيث عددها وعدد متحركاتها من أسبابها أيضاً، واعتداء بعض الثوار على مراكز الشرطة مما اضطر وزارة الداخلية إلى إغلاقها. تقول الباحثة الاجتماعية أستاذة “ثريا إبراهيم” إن التلفات الأمنية أو السيولة الأمنية لها مسببات عدة، من أهمها عدم الاستقرار السياسي الذي لحد كبير يلعب دوراً فيها بمعنى عدم الاهتمام بنشر القوى الأمنية الكافية في الشوارع، وإضافة أن هنالك سياسة واضحة من جهة ذوي الاختصاص مثل وزارة الداخلية والشرطة بكل وحداتها المختلفة، وعدم الاستقرار السياسي في مسألة هل يوجد وزير أم لا وهي تؤثر في مسألة على عاتق من من المسؤولين تقع المسؤولية على المستوى السياسي، وهنالك أسباب اقتصادية لها علاقة بالفقر وعدم الخدمات الكافية وعدم قدرتهم بتلبية احتياجاتهم بشكل كافٍ، وبالإضافة إلى أن السيولة الأمنية لها علاقة بالفقر والمجتمع السوداني يعاني من الضغط الاقتصادي بطبقاته المختلفة، لأنه في صبيحة كل يوم ترتفع الأسعار والتي تخلق صعوبة مبالغ فيها لمحدودي الدخل، وعدم توفير وظائف, أن من أبعادها ونتائجها السيئة التوجه لمسألة القتل وإفقاد شخص حقه في الحياة.

التفكك الأسري
وتضيف “ثريا” أن التفكك الأسري وسوء التربية وعدم التنشئة الإيجابية تساهم في أن تحدث للشخص انحرافات في سلوكياته وأن يمارس السرقة والنهب بكل أشكاله، والتفكك يرتبط أيضاً بمسألة المخدرات والخمور وخصوصاً ظهور نوع جديد من المخدرات غالية جداً تجعل الشخص يفقد أعصابه ويمارس السرقة. والسيولة الأمنية تحدث للأشخاص الأكثر هشاشة يكونون ضعافاً جداً حتى على مستوى تربيتهم وسلوكهم ووضعهم الاقتصادي. وأشارت “ثريا” أن الاستقرار السياسي يخلق استقراراً بشكل مقبول من خلال وجود المسؤولين ومحاسبتهم للجناة من خلال وضع استراتيجيات للسيولة الأمنية عبر الآليات المختلفة، يشير دكتور “طارق” أن كل هذا مؤثر جداً في الأوضاع الجنائية في الدولة وإذا لم تعالج سوف تزيد وتزيد. وأشار إلى دخول مجموعات أجنبية غير سودانية في علميات النهب والسرقة وسرقة السيارات وأيضاً تجارة المخدرات، فضلاً عن الاحتيال على الحسابات المصرفية وحتى أعمدة الكهرباء لم تسلم.

الحلول
بينما رأت أستاذة “ثريا” أن هذه المسألة يتم محاربتها من خلال الاستقرار السياسي ووضع الاستراتيجيات الاقتصادية بالنسبة لكل من يفعل مثل هذه الجرائم ولابد من سياسات للدولة بضرورة معالجة هذه المسألة، وسد هذه الفجوة والحد من انتشارها وتكرارها, وضرورة تفعيل مؤسسات التنشئة الاجتماعية لهذه المسألة وتدخل الدولة فيها.

تقرير ـ مريم حسن
الخرطوم: (صحيفة الحراك السياسي)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى