Uncategorizedتحقيقات وتقارير

الوجود الأجنبي.. هاجس أمني واقتصادي يؤرق الحكومة

دراسة: الأجانب يشكلون ضغطاً متزايداً على خدمات الصحة والتعليم والمواصلات

ثمانية ملايين أجنبي يعيشون في السودان بطريقة غير شرعية ، وذلك وفقاً للاحصاءات الرسمية التي أعلنتها وزارة الداخلية ، ما يفرز تساؤلات عديدة حول الوجود الأجنبي في السودان؟ وما هي المخاطر الأمنية والاقتصادية التي تترتب على الوجود الأجنبي؟ وهل ثم خطة من الدولة لوقف تمدد الأجانب في السودان؟

*احصائية مخيفة
ولأن الوجود الأجنبي أصبح هاجسا يؤرق الحكومة ، كان لزاماً على مجلس الوزراء أن يوجه الجهات المعنية بالعكوف فوراً والتنسيق بين مختلف مؤسسات الدولة لوضع استراتيجية لتنظيم الوجود الأجنبي بالسودان ، وبالفعل عقد مجلس الوزراء ، اجتماعاً برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك رئيس مجلس الوزراء، قدم خلاله وزير الداخلية الفريق أول عزالدين الشيخ إفادة حول الوضع الأمني بالسودان ، في وقت كشفت فيه وزارة الداخلية عن وجود (8) ملايين أجنبي يقيمون بالبلاد بطريقة غير شرعية.
وقال مدير دائرة شؤون الأجانب بالإدارة العامة للجوازات والهجرة اللواء الطاهر عبد الحفيظ، انه وبحسب الإحصائيات تبين وجود (8) ملايين أجنبي يقيمون بطريقة غير شرعية في مدن البلاد المختلفة وجاء تصنيفهم بـ(3) ملايين أجنبي اثيوبي و(2) مليون أجنبي من دولة جنوب السودان، و(2) مليون أجنبي من دول غرب أفريقيا، بالاضافة الى وجود مليون لاجئ مسجلين بطريقة شرعية ومعتمدين لدى معتمدية اللاجئين، و كشف عن تسجيل واعتماد إداراته فقط لـ(34) ألف اجنبي يقيمون بالبلاد بطريقة شرعية ومنظمة وفقاً للقوانين.

*عجز حكومي
في ذات السياق ، قال اللواء عبد الحفيظ، إن الوجود الأجنبي في البلاد ليس وليد اليوم وانما هو نتاج تراكمات خلال السنوات الماضية ما قبل الاستقلال والثورة المهدية، منبهاً الى أن ما هو متوفر من إمكانيات في دائرته لا يتيح له السيطرة على عدد الأجانب المقيمين بطريقة غير شرعية في البلاد، موضحاً بأن وجود أجانب لاجئين وفق اعتقادات تاريخية على مر السنين بوجود اعداد ضخمة من الاجانب بالبلاد، منوهاً الى ان الإمكانيات بادارته لا تتواءم مع وجود (8) ملايين اجنبي بالبلاد، وأردف قائلاً: (بأن إدارته تعاني من شح الامكانيات في أبسط اللوجستيات) لاستخدامها في جمع المعلومات عن الوجود الاجنبي في البلاد، كاشفاً عن تسجيل واعتماد اداراته فقط لـ(34) ألف أجنبي يقيمون بالبلاد بطريقة شرعية ومنظمة وفقاً للقوانين، إلا أنه اوضح في ذات الوقت بأنهم يعانون من التعامل مع تلك الفئات الأجنبية المسجلة – إلا انه لم يذكر تلك المعاناة، وأكد اللواء عبد الحفيظ، أن مسؤولية الوجود الاجنبي بالبلاد للمواطن في المقام الاول والشرطة ومؤسسات الدولة ذات الصلة، محذراً بأنه وفي حال عدم التعامل بجدية مع ملف الوجود الأجنبي غير المقنن رسمياً ستحدث إشكاليات – لا سيما انه وفور حدوث مشكلة بسبب وجود الأجنبي بالبلاد ينصب (الغضب) على دائرة الاجانب بحد قوله – بالرغم من المجهود الذي تبذله في ضبط الوجود الاجنبي في البلاد وفقاً لما هو متوفر لها من إمكانيات، مشدداً على ان ادارته باستطاعتها القبض على (100) الف أجنبي من المقيمين بالبلاد بطريقة غير شرعية – إلا ان الدار التي يملكها لإيواء المخالفين لا تتسع لأكثر من (100) أجنبي فقط، موضحاً بأن إدارته لا تملك الإمكانيات لتعول تلك الأعداد الكبيرة للأجانب المقيمين بطريقة غير شرعية في البلاد او مصروفات ترحيلهم لبلدانهم.

*لماذا الوجود الاجنبي..؟
تقول دراسة للأستاذ المشارك في -معهد دراسات الكوارث واللاجئين ، التابع لجامعة افريقيا العالمية- د. خالد عبد الرحمن محمد الحاج، إن التزايد والتدفق الاجنبي على السودان بسبب النزاعات والصراعات الاهلية والحروب التي تحيط بها دول الجوار و المحيط العربي ، كما أشارت الدراسة إلى الظروف الاقتصادية السيئة التي تحيط بها ذات الدول ، وعاب على الدولة التساهل مع الاجانب ، كما عاب أيضاً المعاملة الكريمة من المواطن السوداني للأجانب ، اضافة للطلبات المتزايدة من السودانيين للعمالة الاجنبية، واشار الى ان الاجانب يدخلون السودان اما وفق اقامات رسمية ووثائق ثبوتية بغرض(الدراسة- العمل- العلاج- السياحة) وغيرها من الطرق الرسمية ، وذكر أن هنالك اجانب قدموا الى السودان بصورة غير شرعية عبر التهريب والتسلل ، وقال ان دخول الأجانب من دول الجوار عبر التهريب انتشر في الآونة الاخيرة بصورة كبيرة وأن السودان بحكم موقعه أستغله تجار البشر في التهريب والعبور الى دول أخرى.

*جرائم الأجانب
د. خالد عبد الرحمن أشار ، في دراسته الى مجموعة مهددات من الوجود الاجنبي في السودان ، والتي قال إنها تتمثل في تهريب البشر واستغلالهم في عمليات ارهابية والجرائم العابرة للحدود مثل المخدرات والسلاح والتطرف الديني وفي النهب والاحتيال وغسيل الاموال والتزوير والشعوذة وجرائم النظام العام والجرائم الموجهة ضد الدولة وذكر ان التقارير تشير الى زيادة في الجرائم المرتكبة بواسطتهم مما يعد خطراً على المجتمع السوداني، واقتصادياً قال انهم يشكلون ضغطاً متزايداً على خدمات الصحة والتعليم والمواصلات والسكن مما يعني زيادة الصرف عليهم من قبل الدولة، اضافة الى الاستفادة من زيادة استهلاك الخدمات والسلع المدعومة من قبل الدولة للمواطنين (وقود/ دقيق/….الخ) ، ومنافسة المواطنين في فرص العمالة في سوق العمل .

*وصفة سحرية
الخبير الأمني، العميد ياسر أحمد الخزين ، حمل النظام السابق مسؤولية وجود الاجانب في السودان ، إذ قال في إفادته إنه فتح الأجواء والطرق البرية لكل من هب ودب دون التقيد بالفحص الأمني ومتابعة حركة الداخلين للسودان ، فالوضع في عهد النظام السابق -بحسب الخزين- كان هاشمية أكثر من النظرة للمهددات الأمنية التي تنجم عن ذلك ، وأضاف، بدأت مخاطر الوجود الأجنبي بتجارة المخدرات والتي تمت عدة ضبطيات لها وكان الضلوع في جميعها لأجانب ومن ثم هاهي المهددات بعد تخريب العقول لشباب المستقبل تنتقل إلى مرحلة زعزعة الأمن والإستقرار والقتل وترويع الآمنين ، مناشداً الجهات الأمنية بمراجعة وحصر كل الوجود الأجنبي بالبلاد مع وضع رقابة لصيقة وضوابط لقبول الأجنبي مع حملات توعية للمواطنين تشارك فيها كافة وسائط الإعلام بمخاطر إيواء أي أجنبي لايحمل إقامة رسمية ، كما طالب الخبير الأمني بضرورة وضع قانون صارم يعاقب كل من يأوي أجنبياً لايحمل إقامة ، ودعا الخزين إلى إعادة النظر في قرار حل هيئة العمليات بجهاز المخابرات العامة ، والتي يرى أنها متخصصة في مجال مكافحة الإرهاب ، فما يجري بأرض الوطن يقول الخزين ، إنه يرقى لدرجة وصفه بالفوضى لا غير ولا يوجد مثيله أو نظيره في أي بلد في العالم.

*الضغط على الخدمات
يقول الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي في إفادته: إن السودان يعاني من واقع اقتصادي لا يسمح له بإستضافة هذه الاعداد الكبيرة من الأجانب ، مستدركا، الا انه ظل ينتهج سياسة الباب المفتوح ويتحمل العبء الاكبر من كلفة الوجود الاجنبي على أراضيه ، وقال فتحي ، إن الوجود الأجنبي يقود لشح السلع الاساسية، كما أن هنالك من الاجانب يعانون من مشاكل صحية وامراض مختلفة ولا يخضعون لفحوصات طبية دورية ومتابعة صحية نسبة لضعف الرقابة ، فضلاً عن ادخالهم سلوك وعادات دخيلة على المجتمع السوداني أدى لانحراف عدد كبير من الشباب باتباعه لتلك العادات الدخيلة، وشدد فتحي على ضرورة تفعيل دور الاعلام في توعية المواطنين وحثهم على معاونة الدولة لمكافحة الوجود الغير مشروع للأجانب .

تقرير – أحمد جبارة
الخرطوم: (صحيفة الجريدة)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى