الطاهر ساتي

الطاهر ساتي يكتب: المُستهترون ..!!

:: كما تشجب جامعة الدولة العربية حصار قطاع غزة، ثم تتوسل إسرائيل لرفع الحصار وفتح المعابر، فإن مجلس الوزراء أيضاً – في بلادنا – يشجب حصار الخرطوم، ثم يتوسل الناظر ترك برفع الحصار وفتح الموانئ والطُرق، أو هكذا كان لسان البيان الصادر يوم الأحد الفائت بتوقيع وزير الإعلام حمزة بلول.. هذا البيان هو كل ما يستطيع أن يبذله – مجلس الوزراء – من جهد لمواجهة قضية حصار الخرطوم.. جُهد عظيم، تحسدهم عليه جامعة الدول العربية..!!
:: ثم شاهدت مقاطع فيديو، كتلك التي يبثها أفيخاي أدرعي، الناطق باسم الجيش الإسرائيلي – باللغة العربية – في وسائل التواصل، بحيث بها يمدح العرب ويحرضهم على حماس وحزب الله.. بأحد المقاطع، شاهدت صلاح مناع يمدح البجا ونُظار البجا وعُمد البجا، وموضحاً أنه لا يستهدفهم، بل الفلول.. وكذلك شاهدت – في مقطع آخر – وجدي صالح يُعدد محاسن البجا ونُظار وعُمد البجا، وأنه لم يستهدفهم، ثم ختم حديثه مُخاطباً البجا: (أنا ولدكم)..!!
:: وربما هناك مقاطع فيديو أُخرى، لمن نلقبهم بمسؤولين آخرين، يخاطبون بها – من الخرطوم – المجلس الأعلى لنظارات البجا وجماهيره في شرق السودان.. وكما تعلمون فإن مجلس البجا وجماهيره ليسو بكوكب آخر غير هذه الأرض، ولا بدولة أخرى غير هذا السودان، ومع ذلك لم يجد مجلس الوزراء ولجنة إزالة التمكين وسيلة تواصل ومخاطبة – مع مجلس البجا وجماهيره – غير البيانات ومقاطع الفيديو، كما يفعل أفيخاي أدرعي..!!
:: المهم.. إليكم هذه الواقعة، ليتعظوا.. في العام 2003، بعد معركة الفاشر، كنا هناك لمعرفة ما يحدث، ولم يكن مسموحاً للصحافة بتسمية الحركات المسلحة بغير (قُطاع طرق).. وكان الفريق إبراهيم سليمان والياً لشمال دارفور، فسألته إن كان قد تفاجأ بالمتمردين، فاجأب بالنفي، موضحاً: (كنت عارفهم قاعدين في جبل مرة).. ولأن قوات الحركة بحثت عنه ولم تجده، سألته عن مكان وجوده في لحظة الهجوم على الفاشر، فأجاب: (كنت في التهجد)..!!
:: فالعقل لم يستوعب أن يُقيم سيادته الليل – ويتهجد – تحت دوي المدافع، ولم يكن سهلاً أن تكتب بأنه كان في أحد المخابئ، خوفاً من الأسر أو القتل، وما اتفقنا عليه في تلك الزيارة هو دارفور على موعد مع المآسي، وقد كان.. وما يحدث بالشرق يشبه بدايات ما حدث بدارفور، وبدابات ما حدث لجنوب السودان.. فالحرب أولها كلام، وكذلك الانفصال، وبالشرق يتكلمون عن الحرب والانفصال، ليس همساً في المجالس، ولكن في وسائل الإعلام..!!
:: وعليه.. أدركوا الشرق بالحلول العاجلة لأزمته، وتوقفوا عن الاستهتار في المناطق الحدودية، وعن اللعب بالنار في ساحل محفوف بمخاطر الجيران الأفارقة وأطماع المحاور العربية.. قبل تسع سنوات، فقدنا الجنوب ما بين مطرقة المؤتمر الوطني وسندان الحركة الشعبية، ولأن الأنظمة تُدمن إعادة إنتاج المآسي للشعب والبلد، قد نفقد الشرق أيضاً ما بين (سطوة العساكر) و(ضُعف المدنيين)..!!

 

 

 

صحيفة اليوم التالي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى