الطاهر ساتي

الطاهر ساتي يكتب: دفاعاً عن الحقوق..!!

:: لعلكم تذكرون، في ديسمبر العام 2007، عندما كانت حكومة نيفاشا هي الحاكمة، اختلف والي الخرطوم عبد الحليم المتعافي ومدير عام الشرطة محجوب حسن سعد في قانون الشرطة.. فالوالي كان مُتمسِّكاً بولائية الشرطة (تكويناً وتشغيلاً)، بيد أنّ محجوب كان مع مركزية التكوين و ولائية التشغيل.. و تحوّل الاختلاف إلى سِجِال ثم صراعٍ عنيف، لحد أن أصدر مدير عام الشرطة توجيهاً بسحب أفراد الحماية من منزل الوالي، بعد أن قال فيما معناه بأنه لن يعترف بالدستور ولا بقانون الشرطة ولن يُنفِّذه..!!

:: فكتبت زاوية استنكرت فيها تصريح محجوب وعدم اعترافه بدستور البلد وقانون الشرطة؛ وتوجيهه بسحب شرطة الحماية من منزل الوالي، ثم طالبته بالاستقالة طالما لا يعترف بدستور البلد ولن يُنفِّذ قوانينه، ولا يُليق برجل الدولة أن يتحدّى الدستور والقانون ويُجاهر بمُخالفتهما، وكذلك لا يُليق بالمسؤول بأن يزج بأجهزة الدولة في صراعاته الشخصية لحد سحب شرطة الحماية من منزل والي الخرطوم.. فغضب محجوب مما كتبت، ثم أمر جنده بأن يعتقلوني، و… حدث ما حدث..!!
:: وبكل صدق؛ نسيت ما حدث – وسامحت – باعتبار أنّ لمهنة المتاعب ضريبة يجب أن ندفعها؛ أو نُغادرها لمهنة ليست ذات متاعب، واليوم علاقتي بمحجوب جيّدة، وأهداني قبل أسبوع كُتباً مُفيدة – من مؤلفاته – عن الشرطة ومنع الجريمة.. وما تذكّرت تلك الواقعة إلا لاستدل بها بأن الأزمات تُعيد نفسها في بلادنا بكل تفاصيلها، بدليل ما يفعله سادة اليوم في خِضِم سِجِال في بعض القضايا العامة، وتحويلها إلى (صراعات شخصية)، وقد بلغ مداها سحب القوات المشتركة من المشاريع المستردة، وكذلك قوات الحماية الخاصة بعضو مجلس السيادة محمد الفكي..!!

:: وقبل الحديث عن قوات الحماية الخاصة، فإن سحب القوات المشتركة – من المشاريع المستردة – كان يجب أن تتم بالتنسيق مع وزارة المالية والشرطة و لجنة إزالة التمكين، ومن الخطأ أن يتم سحب قوات الحراسة دون إخطار المالية والشرطة أو لجنة إزالة التمكين.. فالمشاريع التي تحرسها القوات المشتركة ليست مشاريع محمد الفكي، بل هي أمانة بطرف الحكومة، لحين استردادها لصالح الشعب أو استرجاعها لأصحابها، حسب الأحكام المُرتقبة.. فلتحرسها الشرطة، كما ينص الدستور و القانون؛ ولكن بنُظم الدولة وبكامل التنسيق مع أجهزة الدولة؛ و ليس بعنتريات من نُلقِّبهم بالمسؤولين..!!

:: أما قوات الحماية – شرطة كانت أو جيشاً – فهي ليست ملكاً لأيِّ مسؤول، بحيث يغضب ويسحبها أو يفرح و ينشرها ، بل هي جزءٌ من قوات الدولة والشعب، ومن واجبها حماية الدولة والشعب والمسؤولين، كما ينص الدستور والقانون، وليس كما يشاء زيد أو يهوى عبيد.. ثم أنّ القوات المُكلّفة بحماية عضو السيادي الفكي ليست منحة من رئيس السيادي عبد الفتاح البرهان ولا تبرُّعاً من نائبه محمد حمدان دقلو، بل هي بعضٌ من حقوق العضو الفكي، على الدولة والشعب، وفي سحبها انتهاكٌ للحُقوق..!!

:: نعم، بغض النظر عن القضية التي هُم فيها يختلفون، لا يحق لأي مسؤول استغلال أجهزة الدولة في الانتقام لنفسه، كما ذيفعل البعض بالمكون العسكري حالياً.. وهذا ليس دفاعاً عن الفكي الذي اختلف معه في مواقف و قضايا كثيرة، ولكنه دفاع عن حُقُوقه المُنتهكة، ومنها حق الحماية الخاصّة التي يتمتّع بها البرهان وحميدتي وغيرهما من المسؤولين..فليكن الفكي مُخطئاً في مواقفه السياسية أو مُصيباً، هذا ليس مُهمّاً، فالمُهم أن يكون الملعب السياسي في بلادنا نظيفاً وخالياً من العنف و (الشخصنة)..!!

:: ثم، بجانب أنّه نَوعٌ من فقدان المنطق في ساحات النقاش، فإن سحب قوات الحماية عن الفكي رسالة غير مباشرة – وغير أخلاقية – لخُصُومه، ليعتدوا عليه وأسرته.. فالبلد في حالة سُيُولة أمنية، و الفكي يرأس لجنة تسترد وتعتقل وتحظر ، أي لجنة لها خُصُوم من ذوي الغبائن، و ليس من كريم الخِصَال أن يرسل لهم البرهان أو غيره – من المكون العسكري – مثل هذه الرسائل الخطرة.. ثم يبقى السؤال المهم، مَن يضيق صدره بحديث فرد يتقاسم معه مسؤولية إدارة البلاد، كيف يَحتمل حُرية شعبٍ كاملٍ؟.. فالكبير يجب أن يكون كبيراً حتى في اختلافاته، هذا أو فليترجّل للكبار، وما أكثرهم..!!

 

 

 

 

صحيفة اليوم التالي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى