جعفر عباس

جعفر عباس يكتب: عجز في ميزان المدفوعات النسائية

على ذمة وكالة الأنباء الصينية الرسمية شينخوا، ففي الصين حاليا 25 مليون رجل يعانون من العنوسة، (أعرف ان كلمة عنوسة تستخدم للإشارة الى النساء اللواتي فاتهن قطار الزواج كما نقول، وكأنما هناك محطات محددة ومتعارف عليها يتوقف فيها ذلك القطار لتحميل الركاب، وأعرف أننا نقول عن كل أنثى تجاوزت العشرينات بدون زواج إن القطار فاتها، ولكنني لا أعرف ما إذا كان حراما او ممنوعا قانونا او عرفا ان تتزوج المرأة وهي في الأربعين او الستين، ولا أعرف لماذا لا توجد كلمة لوصف الرجل الذي فاته “قطار الزواج”؛ يا ترى هل السبب في ذلك أن واضعي القواميس عندنا من الذكور؟ وهل توجد كلمة تقابل كلمة عانس لوصف الرجل المتقدم في السن وغير متزوج، ولكن تم طمسها او التعتيم عليها؟).
المهم أن 25 مليون صيني في سن الزواج يعانون من البوار بسب نقص المعروض من الفتيات في سوق الزواج. يعني الصين فيها معدلات نمو اقتصادي غير مسبوقة، وعمران وصناعة ونهضة علمية، ولكن عدد الرجال أكثر من عدد النساء بكثير، بل سيصل العجز في ميزان المدفوعات بين الجنسين الى 35 مليوناً لصالح النساء بعد نحو عشرة أعوام. يعني سيكون هناك عشرات الملايين من الرجال الصينيين ما بين سن العشرين وال 45 بائرين، لا يجدون امرأة «تعبِّرهم»، وحاليا يولد في الريف الصيني سنويا 123 ولدا مقابل كل 100 بنت، بينما النسبة الطبيعية للمواليد من الجنسين في كل أنحاء العالم، في حدود 103 بنات مقابل 107 أولاد. واختل ميزان القوى لصالح النساء لأن المجتمع الصيني الريفي في معظمه «ضد» النساء، فكل زوجين وبحكم القانون ملزمان بإنجاب طفل واحد فقط كحد أقصى، ولو لم تنجب كلش / بالمرة تكون مواطناً مثالياً وقدوة. وفي وجود التصوير بالموجات الصوتية يدفع الصينيون الشيء الفلاني لمعرفة نوع الجنين، ولو طلع بنت كلها كم نطة بالحبل أو شربة دواء ملين، ويحدث إسقاط الجنين، وحتى لو تطلب الأمر تدخل طب السوق السوداء فإن الأزواج يميلون الى التخلص من الأجنة الأنثوية، لأن المسألة تتعلق بمفاهيم أن “الولد منتج والبنت عالة، والولد أكثر إنتاجية في الحقل من البنت”. أما في الهند فوأد أجنة البنات ممارسة عجزت السلطات عن كبحها، ففقراء الهند يتخلصون من أجنة البنات ليس فقط لأن “البنات غير منتجات”، ولكن أيضا لأن أهل البنت مطالبون بسداد المهر الذي يطلبه الرجل الذي يتقدم لزواجها.
كلما زرت الخرطوم لاحظت ان أعداد الصينيين في شوارعها يكاد يناهز أعداد الهنود في الخليج، فهناك شيء في السودان لا نراه نحن أهل البلاد، ولا يراه اخوتنا العرب يجعل الصينيين يتقاطرون عليه بكميات تجارية. ولا أتكلم هنا عن الصينيين العاملين في المشاريع الضخمة في مجال النفط أو بناء الجسور والطرق، بل الصينيين العاديين الذين يعملون في مهن هامشية. بعضهم باعة جائلون، وبعضهم عمالة يدوية، ويا خوفي من ان يعمل بعض السودانيين بنصيحة الدكتور حسن الترابي عندما كان الكل في الكل في الحكم ما بين عام 1989 و1999، فقد قال الرجل إنه يشجع التزاوج مع الصينيين حتى ينشأ جيل من السودانيين يحترم العمل ويتسم بالانضباط، وبعد هذا يزعل السودانيون إذا سمعوا آخرين من جنسيات عربية يؤلفون النكات حول كسلهم.. شيخكم الترابي «زاتو» قال إنكم بحاجة الى تحسين النسل كي تصبحوا منتجين! وش رأيكم؟.
ولست ممن يعارضون الزواج بالأجانب والأجنبيات في حال التكافؤ في كل النواحي الأساسية بين الطرفين، ولكنني وبصراحة لست متحمسا لزواج الرجال السودانيين بصينيات، (دعك من تزويج بناتنا لفائض الرجال الصينيين): تخيل مولودا لونه ما بين الأصفر والأسمر، سيتم حجزه فور ولادته في العناية الفائقة لأن الأطباء سيحسبون أنه مصاب بالتهاب وبائي في الكبد جعل لونه مثل لون إبريق النحاس. بالمناسبة فعارضة الأزياء الحسناء السوداء نيومي/نعومي كامبل أمها صينية، وأبوها “من عندنا” ولكن الشاذ لا حكم له ولا يتخذ قياسا. (كلما سألني الاخوة الخليجيون لماذا يقولون ان السودانيين كسالى وهل هناك مدينة اسمها كسلا تمجيدا للكسل؟ أسارع بالرد وأقول لهم نعم هنالك مدينة اسمها كسلا، بل عندنا مدينة اسمها “فشلا” أيضا، ولو كان للمدينتين صلة بالكسل والفشل فذلك أمر حدث في عام 1956 ولم يكن معروفا قبلها.. ففي تلك السنة انضم السودان الى الجامعة العربية!.

 

 

 

صحيفة الشرق

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى