الفاتح جبرا

الفاتح جبرا يكتب: خطبة الجمعة

الْحَمْدُ للهِ ربِّ العالَمين، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، وباركْ عليه وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
اما بعد ايها المسلمون :
لقد اهتم الدين الإسلامي اهتماماً كبيراً بالسلام الاجتماعي، وجعله من ركائز الدين وأساسيات الشريعة الحنيفة لارتباطه الوثيق بالمنفعة العامة للأمة الإسلامية ، ومن أول وأهم مبادئ السلام الاجتماعي نبذ الظلم والاعتداء على الآخرين، فقال الله سبحانه وتعالى: (وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) وقال: (إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقال: (وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ) وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث الصحيحة التي تساعد المسلمين على إرساء قواعد السلام الاجتماعي والمحافظة عليه وعدم الظلم والاعتداء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه جابر بن عبد الله: «اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، يأتي هذا الحديث ليرسم للمسلم منهجا تربويا قائما على نبذ الظلم والشح، وبيانا لعاقبتهما في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا سفك الدماء واستباحة المحارم وانعدام الأمن والسلام بين الناس، وفي الآخرة العذاب والظلمات، فالإسلام لا يوجد إلا في ظل إقامة العدل بين الناس ومع النفس، والإسلام لا يكون إلا بالتسامح والعطاء وإرساء مبادئ السلام في المجتمع.
ويرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مبدأ آخر لتحقيق السلام الاجتماعي ألا وهو عدم تتبع عورات الغير، فعن ابن عمر قال: صعد رسول الله صلي الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال: «يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله» أخرجه الترمذي في سننه، ويأتي ذلك مصداقاً لقوله تعالى: (وَلَا تَجَسَّسُوا) فالسلام لا يتحقق في مجتمع إلا بترك الظلم والبغي والإيذاء بانواعه .
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه» صحيح مسلم. وهنا يعرض النبي صلى الله عليه وسلم جملة من النصائح الشاملة التي تساعد على إرساء المحبة والسلام بين المسلمين في مجتمعهم فتقوي وحدته وتشد من بنيانه .
أيها المسلمون:
ان كثيراً من الاحاديث النبوية الشريفة تؤكد على ضرورة الإيجابية والتفاعل مع حاجات الغير والسعي في قضائها كمبدأ أساسي لتحقيق السلام في المجتمع الإسلامي، فالمسلم لا يظلم المسلم، وكذلك لا يخذله بالامتناع عن مناصرته على ظالمه، وفي هذا الحديث أيضاً ترغيب من النبي صلى الله عليه وسلم على معاونة المسلم وقضاء حاجته وستر عيوبه، بإخباره أن من فعل ذلك بطاقته المحدودة مسانداً أخاه استحق أن يسانده الله في الدنيا والآخرة بقدرته اللامحدودة وقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ، كما أخرج الإمام أبي داود حديث آخر هاماً يرشد عامة المسلمين للتحالف والتآخي لترسيخ السلام بينهم، فعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه».
فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ – واعملوا على افشاء السلام الاجتماعي بينكم وصفوا قلوبكم وصدوركم مِنْ كُلِّ حِقْدٍ وحَسَدٍ، وتوبوا الى ربكم الواحد الاحد .
أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى