تحقيقات وتقارير

اتفاق (البرهان والحلو).. مخاوف ومبررات من الإجهاض

أتى توقيع إعلان المبادئ بين حكومة السودان والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، تمهيداً لمفاوضات السلام في خطوة وصفت بالتاريخية، ووجد التوقيع ترحيباً محلياً ودولياً واسعين، إلا أن الحركة وبعض المراقبين أعربوا عن مخاوفهم من إجهاض الاتفاق والعودة للمربع الأول..

مخاوف حركة الحلو
أبدت الحركة الشعبية – شمال، مخاوفها من إجهاض اتفاق “البرهان والحلو”، حول إعلان المبادئ تمهيداً لاستئناف المفاوضات بين الطرفين خلال الأيام المقبلة، ودمغت من اسمتهم بمن ظهروا مؤخراً على المسرح السياسي وعناصر النظام البائد بالسعي لإفشال مساعي التقارب بين الحكومة والشعبية.
وقال القيادي بالحركة الشعبية– شمال قيادة الحلو.. علي محمد عثمان كمنجة لـ”تاسيتي نيوز”، في حوار، لا شك أن الحركة الشعبية بثقلها السياسي وجماهيرها ستكون مؤثرة في الواقع، وسوف تسحب البساط عن كثيرين ظهروا في المشهد لأسباب ليس من ضمنها الأسباب المعروفة وهي السند والقبول الجماهيري والشعبي، وقوة المواقف والطرح السياسي.

وتابع” هؤلاء يمكن أن يقفوا مع إفشال الاتفاق للحيلولة دون دخول الحركة الشعبية في المشهد السياسي بصورة أكبر وأقوى، كل ذلك وارد ومحتمل”.
ونوه كمنجة إلى أنه بعد إسقاط نطام البشير البائد، كان من المفترض أن يتم إبعاد كل من عمل مع النظام البائد وشاركه في الجرائم التي ارتكبها، أيضاً كان يجب أن يتم إصلاح كامل للخدمة المدنية، والخدمة القضائية، والأجهزة الأمنية، من ضمن هذا الإصلاح أن يتم إبعاد العناصر التي تنتمي للنظام البائد وبالتأكيد تعمل على تعطيل التغيير، هذا كله لم يتم لذلك لا نستبعد فشل الاتفاق أو محاولات إفشاله من بعض العناصر التي ذكرناها.

بنود وجدل بالقوى
وقد عضد كبير الباحثين بمركز فوكس د. عبد الناصر سلم الحديث عن وجود مخاوف مبررة لإجهاض الاتفاق قائلاً: إن هنالك بعض البنود في الاتفاق يمكن أن تؤثر بمرحلة التفاوض ما بين الحركة الشعبية قطاع الشمال جناح الحلو والحكومة السودانية، مشيراً إلى أن الاتفاق يدفع للوصول لاتفاق آخر لمنطقة جنوب كردفان بيد أن الإشكالية أن أغلبية القوى السياسية الموجودة في الساحة لديها تحفظات على بند فصل الدين عن الدولة بسبب أن هذه القضية يجب أن تبت بديمقراطية من خلال البرلمان المزمع تشكيله أو عبر استفتاء شعبي.
ويرى سلم أن جل القوى السياسية صمتت لأن الاتفاق أتى بصورة سريعة كالتيارات الإسلامية وحزب الأمة، متمنياً أن تتم قراءة الاتفاق من منظور أن الدولة أصبحت بين خيارين، إما حق تقرير المصير لجبال النوبة تحديداً وتذهب كما ذهب جنوب السودان أو فصل الدين عن الدولة، قاطعاً بأن الذي تم بروتوكول وليس اتفاقاً وقد تم بمذكرة تفاهم غير ملزمة إلا بعد الدخول بمرحلة تفاوض وتم توقيعها لتمهد الطريق لعملية التفاوض مابين الطرفين.

واضح سلم أن النقاط التي وردت بالاتفاق عليها إجماع من أغلبية القوى السياسية كالتعددية الدينية والديمقراطية ، وفصل الدين عن الدولة ورد في فقرة واحدة وكان بصورة مبهمة من قبل الذين وضعوا الاتفاق لتفهمهم خطورة الكلمة.
وقال سلم إن كثيراً من مكونات المجتمع السوداني التي حشدت منذ اتفاق الحلو وحمدوك تعارض التفاهم الحالي، لافتا إلى أن التيارات الإسلامية بدأت تحشد قواعدها الآن بناء على أن الاتفاق أصبح ملزماً وأصبحت الدولة علمانية.
وأضاف: الحكومة أرادت أن تدخل حركة الحلو في حوار ومفاوضات ووافقت على مذكرة التفاهم من أجل تشدد الحركة في ملف فصل الدين عن الدولة، منوها إلى إجماع القوى السياسية بعدم إدخال الدين في العملية السياسية الأمر الذي يحتاج لتشكيل البرلمان والنقاش حوله.
وتابع: بعض الحركات التي وقعت على اتفاقية سلام جوبا تعتقد أن مجيء الحلو بثقله السياسي والعسكري سيؤثر في نصيبها من السلطة، ومن الطبيعي أن يؤثر الحلو بثقله على نصيب الحركات الموقعة.

حديث في الإعلام
الخبير الأمني والعسكري حنفي عبد الله قطع بأن المخاوف من ثقل جيوش الحلو وتضرر الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا غير مشروعة.
وشدد عبد الله من خلال حديثه على أن الحركات غير متضررة من الوصول لاتفاق مع حركة الحلو لجهة أن كل حركة ستضم عناصرها حسب اتفاق الترتيبات الأمنية، لافتاً إلى أن الحديث عن أن الآلاف المؤلفة من الجيوش ستنضم للقوات النظامية من جيش وشرطة وجهاز أمن، غير صحيح ، مشيراً إلى التحاق عدد ضعيف بالجيش من حركات دارفور التي وقعت بالماضي.
واردف: عندما يأتي ملف الترتيبات الأمنية بالدمج والتسريح يتم النظر للمؤهلات والخبرة والتدريب ، وأيضاً ينظر لمن سيلتحقون بالخدمة المدنية إضافة إلى تمليك آخرين مشروعات لكسب العيش ومايشاع عن المخاوف في الإعلام غير صحيح.

وكان قد وقع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس الحركة الشعبية ـ شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، (مطلع هذا الأسبوع) بجوبا “إعلان مبادئ” تمهيدا لبدء مفاوضات السلام بين الجانبين، برعاية من رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت.
وقد نص الإعلان على “تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية في السودان تضمن حرية الدين والممارسات الدينية والعبادات لكل الشعب”.
وجاء فيه أيضاً “أن لا تفرض الدولة ديناً على أي شخص وتكون الدولة غير منحازة فيما يخص الشئون الدينية وشئون المعتقد والضمير كما تكفل الدولة وتحمي حرية الدين والممارسات الدينية، على أن تضمن هذه المبادئ في الدستور”.
كما نص على “أن يكون للسودان جيش قومي مهني واحد، يعمل وفق عقيدة عسكرية موحدة جديدة، ويلتزم بحماية الأمن الوطني وفقا للدستور، على أن تعكس المؤسسات الأمنية التنوع والتعدد السوداني، وأن يكون ولاؤها للوطن وليس لحزب أو جماعة”.
واتفق الجانبان أيضا على “ترتيبات انتقالية بين الطرفين تشمل الفترة والمهام والآليات والميزانيات وغيرها، إيقاف دائم لإطلاق النار عند التوقيع على الترتيبات الأمنية المتفق عليها كجزء من التسوية الشاملة للصراع في السودان”.

تقرير : هبة علي
الخرطوم: (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى