عثمان ميرغني

عثمان ميرغني يكتب: إتفاق البرهان الحلو؛ حظر التجوال قائم!

خطوة شجاعة تستحق الإشادة بالرجلين، الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، والقائد عبد العزيز الحلو رئيس حركة تحرير السودان شمال، وجاءت في توقيت مناسب؛ بعد إعلان عودة التعامل الطبيعي مع البنك الدولي وتأهل السودان لإعفاء كامل من الديون، وقبل انعقاد مؤتمر باريس بالتحديد اليوم المخصص للاستثمار في السودان.

إتفاق إعلان المبادئ لم يتسع لأكثر من تعريف مبادئ الدولة السودانية العامة وترك تفاصيل كثيرة لجولات المفاوضات التي يمكن عبورها بسرعة إذا صح العزم وصدقت النوايا واستشعر الجانبان معاناة أهل السودان من حالة الـ”لا” سلم و الـ”لا” حرب.

لكن لشد ما أدهشني أن الاتفاق وبكلمات صريحة سمح للمنظمات والأجانب بحرية الحركة من وإلى المناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش الشعبي لتحرير السودان ومنها مدينة “كاودا”، لكن الاتفاق تغافل سهواً أو عمداً عن السماح بتدفق حركة التجارة والمواطنين بين شطري الوطن، بين المناطق التي يحتلها الحلو وتلك التي تقع تحت إدارة البرهان رئيس السيادي.

وأهمية هذه النقطة أن المفاوضات السابقة في جوبا إمتدت لأكثر من سنة كاملة، فما الذي يمنع هذه المفاوضات الجديدة أن تمتد لمثل أو أكثر من ذلك؟ فلماذا يحرم المواطنون السودانيون من الحركة والعمل والتجارة مع مناطق هي من صلب هذا البلد الأمين؟

لماذا لا يسمح للحافلات السياحية التي تسافر بين الولايات أن تسيِّر رحلات من كاودا إلى الخرطوم؟ ولماذا لا يستطيع الزراع حمل محاصيلهم لأسواق المدن السودانية والحصول على بضائعهم منها؟

أهمية هذه الأسئلة لأن منع الحركة من وإلى “كاودا” يبعث برسالة إيحائية سالبة، تعطي الانطباع أن أجندة المفاوضات قد لا تكون هي أجندة المواطنين، فالمواطن السوداني في منطقة “كاودا” بكل يقين له طموحات مثل كل إخوانه المواطنين في جميع أنحاء الوطن، فلماذا يحمل هو وحده على ظهره حمولة تحديد العلاقة بين الدين والدولة مثلاً من الأجندة التي وردت في اتفاق المبادئ بينما يغيب عن المبادئ الحديث المباشر الصريح عن مصالح المواطن وحقه في الحصول على الكرائم الأربع؛ البيت الكريم، الأسرة الكريمة، العمل الكريم، وسيلة النقل الكريمة. تلك الكرائم التي كررتُ هنا أنها يجب أن تصبح “حقوقا” وليس طموحات تجبر المواطن السوداني على الهجرة في أقاصي الدنيا و إنفاق العمر للحصول عليها.

من الحكمة السماح بحركة عادية بين كاودا وبقية أنحاء السودان فلا أحد يعلم متى تنتهي المفاوضات، خاصة أن الساسة (على أقل من مهلهم).. يوقعون اتفاق مبادئ في أديس أبابا قبل سنة، ثم يعيدون توقيع اتفاق مبادئ مرة أخرى في جوبا، في وقت ينام فيه شعبهم على الأرض بلا رعاية صحية ولا تعليم ولا طموحات في انتظار قطار السلام.

 

 

صحيفة التيار

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى